حوار صحيفة عكاظ 1432هـ

حوارات 1/ هل ظل القضاء حبيس عدم التطوير فترة طويلة، وماعوائق تطوير القضاء السعودي؟ وما مقترحات تطوير القضاء في نظركم؟



القضاء السعودي المنظم حديث النشأة ، بدأ رسمياً منذ العام 1373هـ ، أما أول نظام متكامل للمرافعات فقد صدر عام 1383هـ بمسمى : تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية ، وكان للقيادة القضائية الأولى دور كبير في ترسيخ أركان القضاء الشرعي ، وتحديد اختصاصاته ، وتعزيز الثقة فيه وفي رجاله لدى الخاصة والعامة ، وهذا هو دور الرواد في نشأة الدول وقيام المصالح العامة وتكوين السلطات ، ولو لم يكن من هؤلاء الرجال إلا هذا لكفاهم فخراً وعزاً . رحم الله روادنا الأوائل رحمة واسعة .

انتهى العصر التأسيسي الرائد بوفاة رئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ يرحمه الله ، فانقسمت المؤسسة القضائية إلى قسمين ، واستلم القيادة القضائية الإدارية والمالية من بعده معالي الشيخ محمد الحركان وهو أول وزير للعدل يرحمه الله ، وكانت مدة وزارته قليلة نسبياً ، ومع ذلك استطاع مواكبة تحول رئاسة القضاة إلى وزارة ذات حقيبة وزارية لها وجود في مجلس الوزراء ، وشهد القضاء خلال وزارته تعزيز محاكم المملكة بالعديد من القضاة وأعوانهم وتجهيزها بما أمكنه تأمينه من لوازم مكتبية حديثة ، كما عمد إلى تقنيات ضبط القضايا وسجلاتها وطريقة مراسلاتها المعمول بها في محكمة جدة إبان ترؤسه لها والموروثة عن النظام العثماني عبر السنين ، فعممها على محاكم المملكة .

أما القيادة القضائية التنظيمية ( مجلس القضاء ) فقد استلم قيادتها الشيخ عبد الله بن حميد يرحمه الله ، فسار على نهج رئيس القضاة في تعزيز المحاكم بالقضاة لسد النقص في عدد قضاة المملكة ، وفي إشغال وظائف القضاة الشاغرة ، حتى توفاه الله في العام 1402هـ .

ومنذ ذلك الحين والقضاء يقف خارج ميدان السباق المؤسسي في الدولة ، فلم يتطور القضاء طيلة ثلاثة عقود ، بل اكتفى المجلس باتخاذ مقر له داخل حي سكني ، وقصر أنشطته الفكرية على دراسة القضايا الداخلة في اختصاصه ، ولم يعط شؤون القضاء والقضاة غير جلستين في العام ، وكانت أكثر قراراته تفتقر السند النظامي ، فما يراه المجلس آنذاك لا يجب أن يكون موافقاً للنظام بقدر ما يجب عليه أن يحوز على موافقة أهم الأعضاء ، ولذلك لم يجر المجلس السابق أي محاكمة لقاضٍ في تاريخه ، ومع ذلك فقد أصدر مئات القرارات التأديبية بالإعفاء والنقل ، وأهمل ترقية عشرات القضاة مع استحقاقهم النظامي لها لاعتبارات غير نظامية ، فساعد ذلك على تدهور الوضع القضائي ، وتقهقر المسيرة التطويرية المتوقفة أصلاً .

بل إن الفكر المضاد لكل تنظيم من قبل قيادة المجلس السابق كانت الصخرة التي تفتت عليها الاختصاص القضائي ، فنشأت لذلك عشرات اللجان القضائية وشبه القضائية ، وتناثرت في العديد من الوزارات والمصالح الحكومية ، وكاد القضاء الشرعي أن يضمحل لولا الانتفاضة البطلة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وفقه الله الذي سارع إلى دعم مرفق القضاء بسبعة مليارات ريال لتطويره ، وأحدث تغييرات في المؤسسة القضائية ، ولا تزال عينه الساهرة - أمد الله في عمره - ترقب الوضع القضائي بتفحص دقيق .





2/ ينقل البعض عنكم قولكم بدمج المجلس الأعلى للقضاء بوزارة العدل، هل هذا صحيح، وهل يمكن أن يتحقق هذا الأمر، وإذا كان نعم فما الدافع للدمج وما الهدف منه؟



المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل كيانان رئيسان من كيانات كل دولة حديثة ، ولا يمكن دمج أيٍ من الكيانين في الآخر على الإطلاق .

ولعل المشاع - ولا حقيقة له - دمج قيادتي المجلس والوزارة ، وتفصيل هذا الأمر على النحو التالي :-

أولاً/ لا يمكن أن يكون رئيس المجلس قائماً مقام وزير العدل ؛ لأن الذي يحل محل الوزير في حال شغور مقعده لابد أن يكون عضواً في مجلس الوزراء ؛ بناءً على المادة الحادية عشرة من نظام مجلس الوزراء ، وهذا نص المقصود منها [ المادة الحادية عشرة : أ‌- النيابة عن الوزير في مجلِس الوزراء لا تكون إلا لوزير آخر ، وبمُوجب أمر يصدر من رئيس مجلس الوزراء ] انتهى

ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ليس كذلك ، وقد ناب عن وزير العدل عدد كبير من الوزراء في الدولة في العقود الأربعة الماضية منذ إنشاء الوزارة الموقرة .

ثانياً/ في حال غياب رئيس المجلس : فإن رئيس المحكمة العليا هو الذي يحل محله ؛ بناءً على المادة السابعة من نظام القضاء ، وهذا نصها [ المادة السابعة : ينعقد المجلس الأعلى للقضاء - برئاسة رئيسه - مرة كل شهرين على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك ، ويكون انعقاده نظامياً بحضور أغلبية الأعضاء ، وتصدر قراراته بأغلبية المجلس. وفي حالة غياب رئيس المجلس يحل محله رئيس المحكمة العليا ] انتهى

ثالثاً/ في حال شغور وظيفتي رئيس المجلس ورئيس المحكمة العليا معاً : فليس في النظام ما يدل على تعيين من يقوم بعملهما أو عمل أيٍ منهما ، غير أن لمقام الملك من الصلاحيات ما يخوله - وفقه الله - تكليف من يراه بالقيام بعمل رئيس المجلس من بين وزراء الدولة أو من كبار رجال القضاء ؛ بناءً على المادة الخامسة من نظام مجلس الوزراء ، وهذا نصها [ المادة الخامسة : لا يجوز الجمع بين عضوية مجلِس الوزراء وأية وظيفة حكومية أُخرى، إلاَّ إِذا رأى رئيس مجلِس الوزراء أن الضرورة تدعو إلى ذلك ] انتهى

وعندما شغرت وظيفة رئيس المجلس بعد وفاة أول رئيسٍ له ( الشيخ : عبد الله بن حميد ) كُلِّفَ برئاسة مجلس القضاء الأعلى السابق وزير العدل آنذاك ؛ معالي الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، ثم من بعد رحيله كُلِّفَ برئاسة المجلس مرة أخرى وزير العدل اللاحق ؛ معالي الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير . غفر الله للجميع





3/ هاجمتم المجلس، بين ما لم تتطرقوا لوزارة العدل، هذا الأمر أحدث لدى البعض انطباعا بأنكم تدافعون عن الوزارة؟ هل هذا صحيح؟ بعضهم يقول لم يمنح المجلس شيئا من المبلغ المخصص لمشروع تطوير مرفق القضاء بينما منحت وزارة العدل 6 مليارات. أين ذهبت ولماذا لا يتكلم الناقدون عنها؟؟



عندما بدأت الكتابة في الصحافة المحلية عن الشأن القضائي عام 1426هـ اقتصرت على نقد الأوضاع القضائية المتردية التي هي من صميم عمل المجلس فقط ، دون التعرض لغير ذلك من الأمور المالية أو الإدارية أو الهندسية ونحوها مما هو من صميم اختصاص الوزارة ، ولم أسمع حينذاك بحدوث مثل هذا الانطباع المتحامل ، كما لم أسمع بمن يسمي ما أكتبه هجوماً على المجلس ، فلما تغيرت قيادات المجلس السابق ظهر من يتبنى إشاعة هذه التوصيفات ؛ للتأثير على قبول ما يُنشر من نقد لأعمال وقرارات المجلس الحالي من باب : { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ }

ومن يطلع على ما نشرته من مقالات نقدية لا يرى فيها أي دفاع عن مقام الوزارة ، بل لن يرى أي ذكر للوزارة في مجال المقارنة بينها وبين المجلس ، ولكنها القاعدة المتطرفة : إذا لم تكن معي فأنت ضدي .

ولست مختصاً في أمور المحاسبة ولا في الرقابة المالية أو الإدارية البحتة حتى أتعرض للكتابة عن تطبيقات الوزارة لها ، ورحم الله امرءاً عرف حده فوقف عنده .

أما بشأن المليارات المخصصة لتطوير مرفق القضاء ، وأن شيئاً منها لم يجعل تحت تصرف المجلس : فذلك بسبب موقع الكيانين من البنية الحكومية ، فالمجلس مختص بالأمور التنظيمية والتخطيطية لأمور القضاء والقضاة ، وللمجلس ميزانية مستقلة لتسيير أموره في حدود صلاحياته ؛ كما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الثامنة من نظام القضاء ، وهذا نصها : [ 1/ يكون للمجلس الأعلى للقضاء ميزانية خاصة به تصدر وفق القواعد المتبعة لصدور الميزانية العامة للدولة ] .

أما الأمور المالية والإدارية لكامل الشأن القضائي فمن اختصاص الوزارة ؛ بما في ذلك تنفيذ خطط وقرارات المجلس ، وقد نصت على ذلك الفقرة الأولى من المادة الحادية والسبعين من نظام القضاء ، وهذا نصها [ 1/ مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في هذا النظام ، تتولى وزارة العدل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم وكتابات العدل ] .

أما السؤال عن أين ذهبت تلك الأموال ؟. فلعلك تجد جواب ذلك لدى وزارة العدل .





4/ لاقى مقالكم الأخير عن المجلس ردودا وتعليقات، ما هي انطباعاتكم عنها، كما يرى البعض أنكم قسوتم على المجلس ببعض الأطروحات التي صدرت عنكم، فما ردكم؟



الردود والتعليقات سمة من سمات كل مقالة تكتب في أي شأن من شؤون الصالح العام ؛ خصوصاً : إذا كانت في نقد قطاع حيوي له مساس بحياة العامة كالقضاء ، وتلك ظاهرة محمودة من المعنيين بالأمر ، وسواء : اتفقت الردود مع الكاتب ، أو اختلفت معه . المهم : أنها دليل حراك معرفي وتفاعل رقابي من المجتمع على كل كاتب ، وعلى كل ما تستهدفه تلك الكتابات من المصالح والمؤسسات الخدمية في الدولة .

أما القسوة المزعومة في كتاباتي فغير متصورة ؛ لأنها إما أن تحكي واقعاً مؤلماً ، فتكون القسوة ماثلة في السياسة المنتقدة قبل أن تُتوهم في المقالة الناقدة .

وإما أن تكون المقالة خاطئة ، أو مبالغاً في تصوير سوء موضوعها ، وهنا يجب على قادة الدائرة المنتقدة أن يوضحوا حقيقة الأمر للعامة أولاً ، حتى لا يغتروا بالكتابات المغرضة ، وحتى يُبرئوا ساحتهم من كل عيب نسب إليهم وإلى دائرتهم .

وقد صدرت التوجيهات السامية الكريمة بأن على [ كل جهة حكومية كتب عنها أمر ينافي الحقيقة، المبادرة فوراً بالرد وفق ما لديها من معلومات ، وإلا فإن السكوت من قبل الأجهزة الحكومية يعني الإقرار بما ذكر في تلك الوسائل وتأكيداً له ] انتهى

ولم أقف على رد من الدائرة المستهدفة تُفنِّد فيها ما انتُقِد من سياساتها ، وهذا إقرار وتأكيد لما أكتبه في حقها بنص الأمر السامي الكريم .





5/ هناك تنافر واضح بين الوزارة والمجلس هل هذا صحيح وما السبب في نظركم؟



من يرصد الوضع القضائي في المملكة يجد أن التنسيق بين الوزارة والمجلس شبه معدوم ، فلا نكاد نسمع عن أي لقاءٍ بين القيادتين ، ولا عن لجانٍ مشتركة بينهما دون غيرهما من الجهات الحكومية ، وأدل شيءٍ على ذلك ما جاء في آخر تصريح لمعالي رئيس المجلس لصحيفتكم الموقرة وبعض الصحف المحلية الأخرى ؛ من أن المجلس يقوم بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن نظام التسجيل العيني للعقار !!!، وهذا التنسيق لا وجود لما يسنده في النظام ولا في لائحته ، غير أنه يدل على أن المجلس يغرد خارج السرب النظامي ؛ بتطلبه تنسيقاً خارج اختصاصه مع غير أقرب الدوائر إليه ( وزارة العدل ) في أمر لم يسند إليه منه شيء على الإطلاق ، بل إن التنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن نظام التسجيل العيني للعقار مقصور على مقام الوزارة بنص النظام .





6/ هل هناك قضايا عالقة في لجنة التسوية المالية في مؤسسة النقد؟ وما السبب؟ والمستجدات بشأنها؟



اللجنة التي تقصدها هي لجنة تسوية المنازعات المصرفية ، وهي لجنة مختصة بنظر الخلافات التي يكون أحد طرفيها بنكاً أو مصرفاً ، وهي غير لجنة الفصل في المنازعات المالية ؛ المختصة بنظر الخلافات حول الأوراق المالية المتداولة في السوق المالية ( البورصة ) .

واعلم - أخي العزيز - أن تأخر البت في القضايا لدى أي جهة قضائية له أسباب كثيرة ؛ ومن أهم أسبابه احتياج تلك القضايا لقرارات أهل الخبرة ؛ كالمحاسبين ، والأدلة الجنائية ، والتقارير الطبية ، ونحوها مما يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين لبيان المراد منها ؛ مما يتوقف الحكم في القضية على ظهوره للجهة القضائية المعنية .

وإلا فإن معدل نظر القضايا في اللجنة المصرفية لا يتعدى الثلاث جلسات ، وكثير من القضايا المصرفية يمكن البت في موضوعها في جلسة واحدة .





7/ يستعجل البعض في حديثه عن تطوير القضاء ويقول ماذا أنجزت الجهات القضائية حتى الآن، والدليل برنامج خواطر الذي أعده الشقيري ومقارناته للقضاء السعودي ببعض الدول المتقدمة؟ السؤال: هل الجهات لم تفعل شيئا لتطوير القضاء أم أن لغياب التطوير في فترة طويلة ماضية أثرا في تأخر بروز التطوير في الوقت الراهن؟



البرنامج الرائد ( خواطر ) لم يتعرض للأمور القضائية في حلقاته ، بل اقتصر على بيان المرافق الحضارية والخدمات المتقدمة في المحاكم التي زارها ، وهذا ما نتوقع ظهور أثره قريباً بحول الله ضمن ما استهدفه مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء بحسب تصريحات مسؤولي وزارة العدل ، فقد جاء في تقارير الوزارة عن تعاقداتها على بناء المجمعات القضائية وما تحويه من تجهيزات حديثة ما يماثل تلك الأمور التي ظهرت في تقرير برنامج خواطر .

ولعل السنتين القادمتين كفيلتان بتدشين عدد منها في الخدمة الفعلية ، وحتى ذلك الوقت سيكون السؤال عن الإنجاز سابق لأوانه .





8/ واجه وصفكم للقضاة الذين يشاركون في توقيع البيانات بأنهم كالقطيع، انتقادا لاذعا، ماردكم؟ وكتبتم أيضا (هل حان الوقت لأصحاب الفضيلة المتقاعدين أن يتنبهوا لأسباب الزج بهم في قوائم الاحتساب المسيَّس؟ فيمتنعوا من الانسياق وراء أرباب المآرب المشبوهة) البعض يقول أنا قاض متقاعد ولست محسوبا على أية مؤسسة؟ماردكم؟



من صفات القطيع اللحاق بالقائد ولو إلى الهاوية ، أو إلى طرق مسدودة ، ومن ينقاد مع صناع تلك البيانات المسيسة هو الذي جعل نفسه فرداً من أفراد القطيع ، وما قلت ذلك في حقهم إلا تأنيباً وتقريعاً ؛ لأن مثلهم لا يكون فرداً من قطيع أبداً ، فلا أقل من أن يكون فارساً في كوكبة إن لم يكن قائداً لها ، والفارس يأتمر بأمر قائده في الوقت الذي له رأيه المعتد به وموقفه الثابت من كل تصرف أرعن .

ويستوي في ذلك القاضي المتقاعد وغير المتقاعد ؛ ما دام قادة القطيع لا يقصدونه إلا من أجل أن يُصَدِّرَ اسمه بمسمى وظيفته التي تركها أو تركته ، فهي المقصود الأول لإضفاء الصفة الرسمية وشبه الرسمية لما يدسونه في بياناتهم ، ولو أبى عليهم ( فضيلة الشيخ .. سابقاً ) ذكر موقعه قبل التقاعد لانصرفوا عنه إلى غيره .





9/ يقول البعض عن كتاباتكم (ليس كل مايكتب يقال، لو كانت النية صالحة، هل يصلح أن يعلن الانتقاد للمؤسسة القضائية في العلن، الهدف من ذلك الهدم) ماردكم؟



تلك المقولة تستلزم صدق ما يُنتقد به أولئك العاجزون والخاطئون ، لانصباب عتب البعض هؤلاء على إعلان النقد ، لا على صدوره في حق من يراد تحصينه عن النقد المعلن .

وما علموا أنه : لا أحد فوق النقد ، ولا عصمة لأحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وقد أثر ذلك عن خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ الخليفة الراشد أبي بكر الصديق ، وخليفته من بعده عمر الفاروق رضي الله عنهما ، وكل من دونهما ليس بأولى منهما ، بل هو أحرى بالنقد وتصويب الأخطاء من هذين العلمين الراشدين ، ولا يصلح الأمم إلا مبادرات الرقابة الصادقة .

ولو تأملت لعلمت أن الهدم لا يكون بذكر الخطأ ووجه تصويبه ، فمثل هذا الفعل هو البناء الحق والعمارة الصالحة ، والهدم وتصويب الأفعال لا يجتمعان ، أما الهدم الذي لا مرية فيه فإنما هو في ترك الجدار المائل مائلاً حتى يسقط ، فيتضرر منه المارة ومن يجلس تحته .





10/ كتب بعضهم ردا عليكم (ثم اعلم يا دكتور وإجابة على تساؤلك الأخير أنك بنقدك للمجلس سيّما وذكرك لأسماء أعضائه في بعض مقالاتك ونشرك لها في جريدة الوطن جعلني وأظن المنصفين كذلك نظنّ بك مصطفاً مع من ينتقد جهاز القضاء خاصة والمؤسسات الشرعية عامة من كتّاب الصحافة الذين ما تركوا رمزاً للمؤسسات الشرعيّة إلا رموه عن قوس واحدة وبمباركة ممن ينسبون للتديّن ، خصوصاً في جريدة عرفت بكتاباتها المضادّة للمؤسسات الشرعيّة.) ماردكم؟



ليس من الحكمة تخصيص صحيفة بعينها بوصفها ضداً للمؤسسات الشرعية ، فالصحيفة وعاءٌ لما يكتب فيها ، ولا يمكن قبول اتهام الصحيفة بكون كل ما يكتب فيها من نوع واحد ، وما يحصل فيها من تجاوزات لا يعدو أن يكون سببه من الكاتب ، أو من المراقب ، أو من تفضيلات رئاسة التحرير ، ولذلك لا زلنا نرى التغيير يطال الكثير من الصحف ؛ حرصاً على التقليل من التجاوزات ، وطلباً لتحقيق السبق في الميدان الصحفي بالتحلي بالمصداقية والموثوقية ، ولم يسبق لي أن نشرت نقداً لشخص باسمه أبداً ، بل أنتقد السياسة وأذكر مركز صاحب السياسة الخاطئة ؛ لأن الاسم عارض ، والمركز ثابت ، أما الردود والتعقيبات فتستلزم حتماً تسمية من يستهدف بها ، لا على وجه التشهير ، بل على سبيل التخصيص وحصر المراد .





11/ كتب بعضهم (يبقى تساؤل: هل قرارات لجنة تسوية المنازعات المصرفية، تعد قرارات إدارية خاضعة للطعن وفقاً لنظام ديوان المظالم الجديد؟ أم أنها تبقى لجنة صلح ومن ثم إذا لم يرتض طرفي القضية تسويتها فإن القضية تحال إلى المحكمة المختصة بنظرها وفقاً لموضوع كل قضية على حدة.) وأضاف ( هناك دلالة واضحة على عدم الاعتداد بقرارات اللجنة إذا لم تكن مرضية لطرفي الخصومة وبناء عليه فإن قرارات اللجنة لا تأخذ صفة القرار الإداري الخاضع للطعن أمام ديوان المظالم بقضائه الإداري وإنما تحال كل قضية الى المحكمة المختصة بنظرها وفقاً لموضوع القضية.؟ آمل حل هذا الإشكال؟



لا تزال قرارات اللجنة المصرفية - منذ إنشائها قبل ربع قرن من الآن - تصدر بالإلزام لمن عليه الحق ، كما تصدر برد الدعاوى الخاطئة ؛ وكل ذلك بموجب ما حدده لها الأمر السامي الكريم الذي أنشئت اللجنة بموجبه ، ولتعلم : أن اللجنة - حتى هذه الساعة - لا تنظر أي دعوى إلا بعد صدور الإذن بذلك من المقام السامي الكريم ، ولدى اللجنة آلية خاصة لتنفيذ أحكامها ، واللجنة تسترشد في عملها بأحكام نظام المرافعات الشرعية ، كما أن قرارات اللجنة لا تخضع للاستئناف ضدها لدى أي جهة قضائية أخرى ، وقد صدرت أوامر ملكية عديدة بمنع التعرض لقرارات اللجنة ، وبلغ بذلك ديوان المظالم بعد حصول بعض التجاوزات من بعض دوائره ، وصدرت الأوامر من رئاسة الديوان لجميع المحاكم الإدارية بعدم نظر التظلمات من قرارات اللجنة ، وكل ذلك يعزز من موقع اللجنة في حسم الخلافات المصرفية ، ويضفي على قراراتها صفة الحصانة القضائية اللازمة .

ومن يرى إشكالاً في عمل اللجنة فذلك عيب في تصوره هو ، وإلا فكيف للجنة أن تبقى مدة خمسة وعشرين عاماً تحكم في جميع القضايا المصرفية ، دون أن يظهر الإشكال في عملها إلا لمن ابتلي بصدور حكم منها ضده ، أو صُدم برفض تظلمه من قراراتها ؟!!.





12/ كتبت (ولا تزال المحاكم الإدارية بحاجة إلى استقرار إداري، ولن يتحقق لها ذلك بغير دمجها مع سائر المحاكم المتخصصة الأخرى في مؤسسة قضائية واحدة.) كيف يكون ذلك؟



يعلم الجميع أن سلطات الدولة ثلاث هي : السلطة القضائية ، والتنفيذية ، والتشريعية ، ولا يمكن لأحد أن يتصور أن تستقل وزارة من بين الوزارات لتتمتع باستقلالٍ تام عن السلطة التنفيذية ( مجلس الوزراء ) ، كما لا يمكن للجنة من لجان مجلس الشورى ( السلطة التشريعية ) أن يستقل عن رئاسة المجلس ، وكذا بالنسبة للسلطة القضائية .

إنه لا وجه لاستقلال نوع من أنواع الأقضية عن السلطة القضائية ، وهو يشترك مع باقي الأقضية في التخصص السلطوي ، وفي مسميات أفراده ( القضاة ) ، وفي كادرهم الوظيفي .

ومتى استقل جزء عن كل ، وكان له حرية كاملة في ممارسة أنشطته : فسيكون على خطر كبير من تقلبات الإدارة ، إذ يقوى الجهاز بقوة رئيسه ، ويضعف بضعفه ، ويخرج عن المسار بجنوحه .

ولا يمكن أن يتأتى ذلك من الجميع ما داموا تحت إدارة السلطة الأصل ، إذ إن حصول الخلل في أصل السلطة منذر بالخراب العام ، أما خلل جزء من أجزاء السلطة فلا يلزم سريانه على الكل ما لم يكن غالباً .





13/ كتبت (إن من المهم إدراج جميع جهات التقاضي تحت مظلة المجلس الأعلى للقضاء، ومتى التأم الجمع القضائي السعودي كان لتعدية التجارب الناجحة في العملية القضائية مجال بين جميع التخصصات القضائية؛ يحثها على ذلك التنافس المشروع. والأهم من ذلك أرى إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء؛ ليكون في مستوى الإشراف العام على القضاء السعودي بكامل أطيافه) هل هذا يعني أنكم ضد اللجان شبه القضائية المتناثرة، وكيف يكون إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء برأيكم؟



نعم !، أنا ضد تفتيت القضاء ، وضد لبعثرة اللجان القضائية المتخصصة خارج المؤسسة القضائية ، أقول ذلك اليوم وغداً ، كما سبق أن قلتها في مقالة منشورة قبل ست سنين ، إذ لا خير في هذا الشتات القضائي السوأة الذي لا مثيل له بهذه الصورة في غير بلادنا ، والحمد لله على كل حال

لابد لنا من الإسراع في استقطاب التخصصات القضائية وجمع شملها ، ولابد من تهيئة الظروف لتكاملها مع بعضها البعض ، ولابد من إعداد البرامج اللازمة لاستيعاب خبرات القائمين عليها ، ولابد من إعادة النظر في تحديد التخصصات العلمية المشروطة لتولي القضاء لتستوعب خريجي الدراسات القانونية بعد إلحاقهم بدورات تأهيلية في أصول القضاء الشرعي .

أما إعادة تشكيل المجلس ليكون في مستوى الإشراف على القضاء السعودي بعد تكامله فيكون باحتوائه على سائر ألوان الطيف القضائي ، وقد أوضحت ذلك في موضوع بعنوان : إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء . وهو موجود بطوله ضمن منشورات مركز الدراسات القضائية التخصصي .





14/ فهمت من كتابة لكم اعتراضا على فصل القضاء الإداري، وقد ذكرتم أيضا حدوث ازدواج وتضاد، ومسألة الجمع بين الدور الإداري والقضائي لرئيس الديوان، والفصل بين الدورين في القضاء العدلي؟



في ديوان المظالم يقوم الرئيس مقام وزير العدل في أمور الديوان الإدارية والمالية ، كما يقوم في نفس الوقت بدور رئيس المجلس في أمور التنظيم والتخطيط .

وقرارات وزير العدل كغيرها من القرارات الإدارية لبقية الوزراء تقبل الاعتراض عليها والتظلم منها لدى القضاء الإداري ، أما قرارات رئيس الديوان المماثلة لها فلا تقبل ذلك .

ولذلك قلنا : إن الفصل معيب من حيث هو فصل في الأساس ، ومعيب من حيث هو مخالف لما يماثله في القضاء العدلي وبقية مصالح الدولة ، والتفريق بين المتماثلات من أقبح أنواع الخطأ ؛ خصوصاً : في مسائل الإدارة ، وكذا هو الحال في التسوية بين المختلفات .





15/ في كتابة لكم (فصل مجلس القضاء الإداري عن رئاسة الديوان، وإخضاع جميع قرارات رئيس الديوان للقضاء الإداري.2: دمج مجلسي القضاء في بعضهما، وضم رئاسة الديوان إلى الوزارة، إضافة إلى إخضاع قرارات رئاسة المجلس الأعلى للقضاء لما خضعت له قرارات الوزارة)، ما الهدف من هذا؟



في حال الإصرار على خطأ فصل القضاء الإداري عن القضاء العدلي لابد من تدارك خطأ تحصين قرارات رئيس الديوان وقرارات رئيس المجلس الأعلى للقضاء ؛ لتكون كمثيلاتها من القرارات الوزارية ؛ لأن الحصانة النظامية لم تعط إلا لقرارات الهيئة العامة للمجلسين ، لا لقرارات الرئيسين في القضائين ؛ وذلك ما نصت عليه المادة الرابعة عشرة من نظام ديوان المظالم ، وهذا نصها [ المادة الرابعة عشرة : لا يجوز لمحاكم ديوان المظالم النظر في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة ، أو النظر في الاعتراضات على ما تصدره المحاكم - غير الخاضعة لهذا النظام - من أحكام داخلة في ولايتها ، أو ما يصدره المجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري من قرارات ] انتهى

أما الحق والصواب الذي لا ينبغي الحيدة عنه فهو : أن تدمج رئاسة الديوان في الوزارة ؛ بحكم الإشراف المالي والإداري من كلٍ منهما على ما يرأسانه من أجهزة القضاء ، وأن يدمج مجلس القضاء الإداري في المجلس الأعلى للقضاء ؛ بحكم الإشراف التنظيمي والتخطيطي من كلٍ منهما على ما يرأسانه من أجهزة القضاء أيضاً .

وبعد هذا : لن يكون عندنا غير جهاز إداريٍ واحد لجميع الأقضية ، هي وزارة العدل ، وجهاز تنظيمي وتخطيطي واحد ٍكذلك ، هو المجلس الأعلى للقضاء .





16/ طالبتم بمحكمة مالية، هل يكون هذا بتحويل اللجنة التي ترأسونها إلى محكمة بدلا من لجنة؟ وأليس هذا تفتيتا للقضاء؟



أولاً/ لابد أن تعلم أني لا أرأس اللجنة المصرفية ، فتشكيلها يجعل مني عضواً كحال زميلي الفاضلين ( د. عبد الله بن محمد الفيصل ، د. عمرو بن إبراهيم رجب ) ، وليس من بيننا من يرأس اللجنة .

ثانياً/ المحكمة المالية التي اقترحتُها تجمع شتات خمس لجان قضائية ، وتستقطب تخصصاً قضائياً جديداً قادماً في المستقبل القريب ؛ وهو : قضاء التمويل .

ثالثاً/ الاقتراح يتفق مع منطوق المادة التاسعة من نظام القضاء ، وهذا نص المقصود منها [ ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك ] انتهى

رابعاً/ إنشاء المحكمة المالية تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء ليس تفتيتاً للقضاء ، بل هو تطوير واعتبار للتخصصات القضائية ، وسيكون لدينا حتماً في المستقبل : المحكمة الطبية ، والمحكمة الصناعية ، والمحكمة الرياضية ، وغيرها من التخصصات ، ولا ضير في ذلك ما دامت القيادة القضائية واحدة .





17/ كتبت (عندما تتحقق أهدافهم يبادرون على الفور بنزع أقنعة الخُدَّام ليلبسوا أقنعة السادة، فلا تكاد ترى الواحد منهم إلا في صفحات الجرائد، ولا تكاد تسمعه إلا عبر الأثير من المذياع أو التلفاز، ولا تقدر على لقائه إلا بعد التنسيق مع أزلام مكتبه في يوم قد يطول وعده ويقصر أمده) لم توضح قصدك هنا، الكلمات موهمة، نأمل التوضيح؟



الحديث في المقالة المسؤول عنها كان عن أخلاقيات المتشوف للمناصب القيادية أو المراكز الفاعلة في السلطة التشريعية ، ويظهر ذلك جلياً في حال المترشحين للانتخاب في جميع المناصب في الدولة ، تراه في حملته الانتخابية يتودد لمنتخبيه كالخادم ، حتى إذا ترشح بأصوات من تودَّد لهم قلب لهم ظهر المجن ، واختفى عنهم وعن حاجاتهم ، وتنصل من كل التزاماته لهم .

وحال الناخب هذا لا يظهر جلياً في بلادنا كما يتجلى في بعض البلدان المنتهجة للمبادئ الشكلية للديموقراطية ، أما في بلادنا فنرى هذا السلوك بشكلٍ محدود من أصحاب الوظائف المحددة بمدة ؛ كالوزراء ومن في حكمهم ، تتغير سلوكيات البعض منهم إلى الأحسن حتماً عند اقتراب موعد التجديد أو الاستغناء ، وما إن يجدد للواحد منهم حتى يعود إلى سلوك ما قبل التصنع المزيف .

وقد أوضحت في تلك المقالة الكثير مما ينبغي الاحتياط له من مثل هؤلاء ، والمقالة بعنوان : خدام أم سادة ؟.





18/ كتبت أن بعض أفراد القضاة يجترئون بنظر قضايا ليست من اختصاصهم. هناك تساؤل أين دور المجلس من تجاوزات بعض القضاة، وهل ترى أن التفتيش قام بدوره؟



الجرأة على نظر القضايا الخارجة عن الاختصاص تأتي حتماً على حساب القضايا الداخلة في الاختصاص ، والمجلس الحالي لا يزال يفتل لائحة التفتيش ثم ينقضها ، والتفتيش القضائي مشغول بتصيد أخطاء القضاة والتشنيع عليهم ، عازفين عن التفتيش الهادف إلى الإصلاح وبذل المشورة والمعونة القضائية ؛ الذي هو الدور الرئيس لمثلهم .





19/ كتبت أيضا (الأمر خطير جداً، وإن ترك الأمر سبهللاً في أيدي القضاة المتجاوزين لحدود صلاحياتهم - بلا خطام، ولا لجام - سيؤدِّي إلى تأخير الدمج المأمول، وإلى إبطاء جمع الشمل القضائي)؟



إن جرأة بعض القضاة على التعرض لاختصاصات ليست لهم يعيق بالتأكيد أمر الدمج القضائي ، ويعزز من الشتات باضطرار القيادة السياسية إلى التأكيد على رعاية التخصص ، وعلى دور الجهات القضائية خارج المؤسسة القضائية ، فنكون كمن يتقدم خطوة ليتأخر بعدها خطوات ؛ بسبب هذه التجاوزات غير المسؤولة .

ولا أدل على ذلك من التأكيد على دور اللجان الإعلامية بأمرٍ سامٍ ، في وقتٍ كنا نترقب التهيئة لدمجه في المؤسسة القضائية ، وسبب ذلك تشبث بعض القضاة بنظر قضية إعلامية ، وهو يعلم أنها خارج اختصاصه ، والمجلس الموقر يقف متفرجاً على تلك الممارسات المودية - لا محالة - بكيانه وبحياد منسوبيه إن لم ينتفض على المتجاوزين انتفاضة نظامية حازمة .





20/ كتبتم (إن هؤلاء الناعقين ينبُتون في جميع الدوائر بلا استثناء؛ كما تنبُت الطحالبُ الضارةُ في جَنَبَات الماء، ثم تتنامى حتى تُغطيَ وجهَ الماء، فتحيله مستنقعاً آسناً بعد أن كان غديراً زُلالاً) من هؤلاء؟



يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا : جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ ؛ إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ : جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ ؛ إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ ) رواه أبو داود في سننه ، وصححه الألباني .

وهؤلاء الذين تحدثت عنهم موجودون في جميع مؤسسات الدولة ، ولكن نفوذهم يقوى ويضعف بقدر تنبه المسؤول الأول لهم ، وغفلته عنهم ، وانخداعه بهم ، وانجراره إليهم .





21/ كتبتم (مع حرص المجلس الأعلى للقضاء على المطالبة باستقلال السلطة القضائية مالياً وإدارياً؛ غير أنه لم يقدر على تحقيق استقلاله من الداخل؛ فلا نزال نرى انقياد بعض القضاة - انقياد الأنعام - لأشرارٍ من حيث يعلمون ولا يعلمون) كيف يكون هذا؟



شهدت السنتان الأوليان من عمل المجلس الحالي استماتة وصراعاً لاستجلاب أكبر قدرٍ من الميزانية ، وللاستئثار بالكثير من الصلاحيات المستثناة ، على حساب المهمة الأصلية للمجلس الموقر ؛ والتي هي القيام بالكيان القضائي وبتطوير قدرات القضاة ، حتى غفلوا عن متابعة بعض القضاة الذين لا يزالون ينساقون خلف صناع البيانات الاستنكارية المسيَّسة الخادعة ، فأخل ذلك باستقلال هؤلاء القضاة وبحيادهم ، وكانت نتيجة تلك الصراعات والمحاولات البائسة أن ضاعت على المجلس محاولات الاستقلال المالي والإداري هباءً ، وفرط المجلس الموقر في تعزيز الاستقلال القضائي وتقوية الحصانة القضائية ، ولولا تعقل السواد الأعظم من القضاة ، وإنكارهم على من أهمل مبدأ الحياد : لانزلق بعضهم في مهاوي التحيز ودركات المحاباة . | عدد القراء : 4428 | تأريخ النشر : الجمعة 9 ذو القعدة 1432هـ الموافق 7 أكتوبر 2011م
طبعت هذه المقالة من ( مركز الدراسات القضائية التخصصي - قضاء )
على الرابط التالي
http://www.cojss.net/article.php?a=329
+ تكبير الخط | + تصغير الخط
اطبع