(( طلبات لا تحتمل التأخير ))

قضائيات لن أطالب هنا بإصلاح شيء ظهر خلله ، بل سأسابق الزمن بطلب خمسة أمور لا تحتمل التأخير ؛ لأستحث القيادة الجديدة وفقها الله على الإعداد لها والتحضير لتحقيقها .





المطلب الأول/ السعي الحاث في توحيد القضاء تحت قيادة واحدة ، ونبذ مبادئ الازدواجية الخرقاء التي اضطر أهلها إليها لظروف تخصهم ، مما سبق بيانه في مقالة نشرتها هنا منذ ثمانية أشهر بعنوان ( وحدة القضاء ) .



- لقد أثارت تلك المقالة غضب الكثير من القضاة الإداريين، وتسببت في قطيعة أحد الأفاضل منهم ، وكل ذلك انتصاراً لاستقلال القضاء الإداري عن القضاء العدلي دون ذكر لسبب داعٍ لذلك الاستقلال ، سوى ما صرح به بعضهم من أن وضع المجلس الأعلى القضاء لا يؤهله للإشراف على القضاءين معاً .



- ومع سلامة ذلك التعليل ظاهراً غير أنه لا يصلح سبباً لطرح مبدأٍ أساسٍ في العملية القضائية ، وكون المجلس غير مؤهلٍ للاضطلاع بمهامه كاملةً يمكن تداركه بالتعديل والتبديل ، وقد رأينا بواكير التصحيح ولا زلنا نترقب معقباته التي نرجو أن تكون في مستوى طموحات القيادة . وفق الله الجميع



- ولو تأمل أصحاب الفضيلة قضاة المحاكم الإدارية المعارضون لعلموا : أنه لن يتغير عليهم أي شيء ؛ فإن لهم من يمثلهم في المجلس ، وستبقى محاكمهم كما هي عليه اليوم ، وستكون دوائر استئنافهم جزءاً مستقلاً بقضاته وأحكامه ومبادئه من بين دوائر محاكم الاستئناف العدلية ، وستكون محكمتهم العليا دائرة مستقلة أيضاً من بين دوائر المحكمة العليا بعد تشكيلها بما يتفق مع التخصصات القضائية المسندة إلى القضاء العدلي . فأين مصدر القلق مع كل هذا؟.





المطلب الثاني/ إن استرداد التخصصات القضائية المسندة إلى عددٍ كبيرٍ من اللجان في عددٍ غير قليل من الجهات الحكومية مطلبٌ غالٍ على نفوس المنصفين ، وتطبيقه ليس بدعاً مما هي عليه غالب دول العالم .



- وتحقيق هذا الطلب لن يعجز الدولة أيدها الله متى رأت مناسبته ، وبعد أن تضمن أن الجهة التي ستناط بها تلك المهام الجسيمة على قدرٍ كبيرٍ من احتمال المسؤولية ، والتي نرجو أن يوفق الله القائمين على القضاء أن يحسنوا إدارتها ، وأن يوفقوا للقيام بها كما يراد منهم وكما يظن بهم .



- ومن هذا الطلب : الإسراع في استعادة قضاء التحقيق إلى حمى القضاء ، بعد أن قامت وزارة الداخلية مشكورة بما عليها تجاه احتضانه ورعايته وتنشئته منذ اعتماده عام 1409هـ وحتى الساعة ؛ خصوصاً : أن رئيس الهيئة أحد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء منذ تحديث نظام القضاء عام 1428هـ ، ولعل النص على عضويته إشارة إلى تبعية هذا الاختصاص إلى الكيان القضائي ، وإرهاصٌ بضمه إليه متى توافرت الكوادر والإمكانات والقدرات المناسبة .



- ومن الطلب أيضاً: تحويل كتابات العدل القائمة إلى محاكم توثيق ، وإضفاء الصفة القضائية على كتاب العدل ، وسلخ جميع القضايا الإنهائية ذات الطرف الواحد من المحاكم وإسنادها إلى محاكم التوثيق ؛ لتفريغ المحاكم الحالية وقضاتها للمهمة الأصلية ، وهي الفصل في الخصومات بأنواعها .





المطلب الثالث/ يكاد كل من له نظر في مجال القضاء من القضاة والمحامين والمستشارين يجمعون على ضرورة إعداد القانون العام لجميع القضايا التجارية والأسرية والجزائية والعمالية والإدارية وغيرها مما يهم حياة الناس ، وقد حاورت عدداً من المعارضين ، فوجدتهم لا يمانعون من وجود القانون العام بقدر ما يخشون أن يكون عرضة للتعديل والتقييد من غير الجهات المخولة لمثل ذلك ، ومع التقدير الفائق لهذا الخوف والإشفاق إلا أن التعديل لن يكون كلأً مستباحاً لكل أحد ، بل لن يتعدى الجهات التي شاركت في وضع القانون بحسب ما ستتضمنه آلية اعتماده والأمر بتنفيذه .



- ولقد أدرك كثيرٌ من الناس : أهمية وجود القانون الذي ينظم أمور حياتهم ويدركون به حقوقهم تجاه بعضهم ؛ دون اعتمادٍ على قوانين لا وجود لها إلا في رؤوس القضاة ؛ تذهب ببعضهم ناحية اليسار حيناً ، وترد آخرين ناحية اليمين حيناً آخر ؛ بحسب ما يشاهدونه من اختلافٍ في طرق المعالجة ، ووسائل البحث ، ومقادير الأحكام .



- إن تنوع الأنشطة وتعدد مجالات الخلاف بين الناس تحتم على ولاة الأمر ضبطها والسعي في تحديد الأحكام اللازمة لها ، ولن يتأتَّى ذلك مع ترك الأمر لاجتهاداتٍ موكولةٍ لأشخاصٍ بينهم من التفاوت في المدارك والملكات ما يجعل اتفاقهم على شيءٍ واحدٍ من المتعذرات ، وإن توحيد الغايات مدعاةٌ لطمأنة الخصوم على سلامة المنتهى ، ولن يعدم القاضي أن يكون له اليد الطولى والاختصاص الأهم في باب الاجتهاد ، وهو إدارة دفة القضية منذ الادعاء وحتى الوصول إلى القناعة التامة باختيار وفرض الحكم المنصوص عليه في القانون الموحد .





المطلب الرابع/ لا يزال القضاة يترقبون صدور لائحة شؤونهم الوظيفية ، والتي لن يتأخر ولاة الأمر وفقهم الله عن اعتمادها مهما حوت من امتيازاتٍ طموحة ؛ لأن القيادة أيدها الله لم ولن تبخل على سلطتها القضائية بما يحقق ما ترجوه منها لشعبها ولقضائها الذي هو مبعث فخرها ، وكيف لا تفعل ذلك!، والقضاء عِرض الأمم .



- وإن كانت القيادات القضائية السابقة قد انشغلت أو اختلفت في بنود اللائحة ، فإن المأمول من القيادة الحالية أن تكون أكثر تصوراً للمطلوب منها ؛ بحكم قربها من القيادة العامة للدولة ، ولمعرفتها التامة بالمجالات المطلوبة في إعداد اللائحة ؛ وما هو الممكن منها والمتاح ؟.





المطلب الخامس/ لن يجمع القضاة تحت مظلة واحدة خارج نطاق العمل القضائي إلا استحداث نادٍ خاصٍ بهم ؛ أسوة بإخوانهم العسكريين ، يجتمعون فيه للمشاورة والترفيه ، ويقيمون فيه حفلاتهم العامة والخاصة ، ويكون مقصداً لذوي الحاجات منهم ؛ يتابعون عن طريقه كل ما يعنيهم من معاملات في سائر دوائر الدولة ، وقد سبق لي أن فصلت مهام هذا النادي في مقالة نشرتها قبل خمس سنوات بعنوان : نادي القضاة السعودي .





= أرجو من القائمين على القضاء اليوم احتمال تسرعي في نشر هذه الطلبات الخمس ، ولولا يقيني الصادق بإذن الله تعالى في قدرة القيادة القضائية اليوم على البدء في بحثها ومعرفة ما يلائم منها لما تعجلت في طرحها . سدد الله خطا الجميع





http://www.cojss.com/vb/showthread.php?9901 | عدد القراء : 7437 | تأريخ النشر : الأحد 23 جمادى الأولى 1433هـ الموافق 15 أبريل 2012م
طبعت هذه المقالة من ( مركز الدراسات القضائية التخصصي - قضاء )
على الرابط التالي
http://www.cojss.net/article.php?a=361
+ تكبير الخط | + تصغير الخط
اطبع