النقل المباشر لترائي الهلال

قضائيات المسلمون في شعائرهم الدينية المرتبطة بالأشهر يلتزمون بحساب الشهر القمري المبني على ولادة الهلال في أوله . وهنا يختلف الفلكيون فيما بينهم في الحساب كما يختلفون مع غيرهم ممن يتراءونه ليلة الثلاثين من الشهر الذي قبله .



وكثيراً ما رأينا وسمعنا فلكيين ينفون صحة الرؤية أو يثبتون ما لم يرد خبر صحيح برؤيته .

والغريب في الأمر :

أن الترائي مع أنه همٌ لمليار ومائتي مليون مسلم ؛ إلا أنه لم يسخر لنقله ما يسخر لمشجعي نادٍ رياضيٍ ـ هنا أو هناك ـ لا يتعدى عددهم ما نسبته واحد من الألف من المهتمين برؤية الهلال لعباداتهم .



وعندنا في جزيرة العرب أماكن معدودة في الوسط والشمال والجنوب عُرف أهلها بتحري الهلال والشهادة برؤيته ، ويوجد لدينا من القنوات التلفازية أكثر من خمسين قناة فضائية وأرضية كلها محسوبة على بلاد الحرمين ، تملك كل قناة منها عدة مراسلين في عشرات المواقع ، وتستطيع القناة الواحدة عبر كل مراسل من مراسليها النقل المباشر لأي حدثٍ مهما صغرت قيمته وقل متابعوه في مجموع ما تقوم ببثه من أخبار .



ولو تم تخصيص مراسل تلفازي ونقل مباشر لحدث الترائي للهلال ـ وبخاصة هلال شهر رمضان وهلال عيد الفطر وهلال ذي الحجة إن لم يكن ذلك عاماً لجميع أشهر السنة القمرية ـ لو حدث ذلك لتابعه مئات الملايين من المسلمين في أرجاء الأرض ، وانقطع به القول في صحة خبر الرؤية أو عدمها ، وانحسم به الخلاف المتجدد بين المترائين والحسَّابين في شأن ولادة الهلال .



ولو أن المملكة العربية السعودية بدأت بذلك لتابعها في ذلك بلدان أخرى ، وزاد حرص الناس على شعائر دينهم التي تميزهم عن غيرهم من أهل الديانات الأخرى ، ولنشروا ثقافة جديدة عبر العالم إلى بني الإنسان في أرجاء الأرض عند ذاك يطمئن الصائم في صيامه إن صام برؤية ، ويطمئن المفطر لفطره بالرؤية .



وبذلك تكون الرؤية للهلال ليست خاصة بالمتعرضين لها ممن حباهم الله حدة البصر ، بل تصير عامة لجميع الناس يرونها في شاشات التلفزة كما يشاهدون صلاة التراويح وخطبة الجمعة وغيرها مما ينقل مباشرة على الهواء ، ويقطعون بصحة ما يتقرر بهذا الشأن من بيانات رسمية تحدد الصوم أو الفطر أو الوقوف بعرفة .

وهكذا يطمئن الناس لصيام أيام البيض وعاشوراء دون اختلاف ولا خلاف .



كما أن إسناد أمر الرؤية إثباتاً ونفياً إلى رابطة العالم الإسلامي ـ لاحقاً ؛ وهي أهلٌ لذلك ـ فيه تمهيدٌ لجمع الكلمة حول الرؤية ، وتوحيدٌ لبدايات شعائر الدين في جميع أنحاء المعمورة ؛ صوماً وفطراً وعيداً .



وذلك لأن أمر إثبات الأهلة قد رفع من اختصاص المحاكم بموجب المادة ( 265 ) من نظام المرافعات الشرعية الذي نص على إلغاء المادة ( 52 ) من تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي ، كما أن كثيراً من دول العالم الإسلامي لا تعمل بالرؤية الثابتة في دولة أخرى من باب المحافظة على السيادة .



وليس في الانقياد لقرارات الرابطة إخلالٌ بسيادات الدول لكون الرابطة تمثل جميع المسلمين ويديرها مجلسٌ فيه ممثلون عن جميع دولهم ، ولن تقتصر الرابطة على التحري في مكانٍ بعينه بل ستوسع دائرة ذلك في جميع بلاد العالم الإسلامي ما دام الحدث سيغطى إعلامياً بالصوت والصورة ليراه المسلمون جميعهم رؤيا عينٍ لا شكَّ فيها ولا ريب ، مع ما في هذا من تفعيلٍ لدور الرابطة في خدمة الإسلام والمسلمين عبر العالم على نحوٍ أشمل .



فهل نرى من المختصين هذا العام اهتماماً بهذا الشأن ؟. | عدد القراء : 5360 | تأريخ النشر : السبت 17 شوال 1426هـ الموافق 19 نوفمبر 2005م
طبعت هذه المقالة من ( مركز الدراسات القضائية التخصصي - قضاء )
على الرابط التالي
http://www.cojss.net/article.php?a=5
+ تكبير الخط | + تصغير الخط
اطبع