كتابة تعليق على مقالة :: إعفاءات القضاة 2-2
ما بجانبه * مطلوب تنبيه : لن ينظر في المشاركات التي تحتوي على بريد إلكتروني وهمي

نص التعليق
1sm.gif  2sm.gif  3sm.gif  4sm.gif  icon_arrow.gif  

بقية الصور

تعطيل الابتسامات
نص المقالة في العدد الماضي ظهر لنا افتقاد قرارات الإعفاء لمتطلباتها النظامية المنصوص عليها في نظام القضاء ، وتقرر لدينا بطلانها - والحالة هذه - بل لو أمكن إعادة النظر في تلك القرارات لكان الحكم - بعد إبطالها لعدم مطابقتها للتعليمات - سبباً في إعادة المفصولين الأحياء منهم إلى وظائفهم أيضاً ، وتعويض جميعهم بصرف رواتب مدَّة الفصل لهم ؛ قلَّت أو كثرت . وكفى بذلك حرجاً مادياً ومعنوياً .

غير أن ما يُطمئن تلك الجهة على سلامة العاقبة من هذه الممارسات الخاطئة هو : ما تضمنته المادة (81) ؛ من أنَّ قرارات مجلس التأديب غيرُ قابلة للطعن .

وهذا هو ( قاصمة الظهر ) لمن جرت عليه تلك القرارات ، فمع أنهم يعلمون عيبَها ، ويقطعون ببطلانها ؛ الذي لا يمكن أن يَفُوتَ على أيِّ جهةٍ قد يُوكَلُ إليها تدقيقُ تلك القرارات من قِبَلِ وُلاة الأمر ؛ إلا أنَّ نصَّ النظام قطع الطريق على هؤلاء ، فصارت محاولاتُهم - مهما تعدَّدت ، أو طالت مدتها - كحركة الذبيح ؛ مآلها إلى : الخمود والسكون الأبديِّ ، لتبدأ بعده رحلةُ اعتصار الألم . ومحتواها : الدعاءُ على المتسبِّب ، وثَلبُه في المجالس العامة والخاصة ، والتذكيرُ بعوراته ومساوئه ؛ كلما تاقت النفس للمقايضة البائسة .

ونتائجها : أنَّ الأمر قد يؤول بالمتضرِّر إلى التمرُّد على واقِعِه ؛ فيستبيح ما كان يتعفَّف عنه ، ويُخالط من كان يترفع عنهم ، ويُمارس ما كان يستهجنه قبل ذلك .

إنَّ ضحايا تلك القرارات القاصرة وصلوا إلى خمسة وعشرين قاضياً في واحدة من الدورات السالفة ، غير أنَّا (( لو قدَّرنا )) متوسطاً حسابياً لهم في كلِّ دورة ؛ بالعدد (3) : لبلغت تلك القرارات المعيبة - حتى الآن منذ إنشاء المجلس - أكثر من مائتي قرار في حقِّ أكثر من مائتي قاضٍ ، ولو قدَّرنا أنَّ متوسط سنوات الإعفاء لكلٍ منهم خمس عشرة سنة ، وأنَّ متوسط استحقاق الواحد منهم عن كل شهرٍ عشرون ألف ريال فقط : لكانت المديونية المستحقة للجميع - حتى الآن - أكثر من 750 مليون ريال .

إنَّ هذه المبالغ بلا ريب مستحقةٌ (( باطناً )) لكلِّ من تعرضت له تلك القرارات - وإن لم يكن ذلك في حق الدولة وفقها الله - إلا أنها ولا شك مستحقةٌ في ذمة من قصَّر في تطبيق أنظمة الدولة ؛ واجترأ على إيقاع تلك القرارات الخاطئة ، وتسبب في نتائجها ؛ إذ إن تضمين الأمين منوطٌ بتفريطه أو تَعَدِّيه .

هذا بالنسبة للجانب الماديِّ فقط ؛ فضلاً عن الجانب المعنويِّ بالترويع والتضييع ، وكذا : الأضرار الصحيَّة الملازمة لمثل تلك القرارات ؛ كمرض السكريِّ ، وارتفاع ضغط الدم ، والجلطات بأنواعها ، وفوق ذلك كله : الصدمات العصبية المؤدية إلى الوفاة ؛ حسرةً وكمداً . وكل ذلك قد حصل لبعضهم .

إنَّ المتسبِّب في كل ذلك يغفل عن تقدير هذه الأمور ، كما هو غافلٌ عن أنَّه لا يَقدِرُ - قطعاً - على التحلُّل منها في الدنيا ؛ فكيف بتحملها في الآخرة ؟ . كان الله في عون الجميع .

إنَّ الأمر الذي تبرأ به ذمة المجلس وأعضائه يتمثل في :- الالتزام الصادق من المجلس بتطبيق النظام في حقِّ من يرون استحقاقه الفصل من وظيفته ؛ كما جاءت به المواد المنصوص عليها أعلاه حرفياً .

وإنَّ الحلَّ الذي تبرأ به ذمة الدولة والقائمين عليها يتحقق في :- فتح المجال للتظلُّم من تلك القرارات - قبل صدور الأمر الملكي بتنفيذها - أمام ديوان المظالم ؛ الذي هو القضاء الإداري المختص في هذه الدولة المباركة ؛ أسوة بكثيرٍ من الدول الشقيقة والصديقة .

ومن المناسب جداً : دعوةُ وليُّ الأمر – خادم الحرمين الشريفين أعزَّه الله - كلَّ من صدرت بحقه قراراتٌ معيبةٌ من القضاة إليه ، وتخييرُهم بين : العودة إلى أعمالهم بفتح صفحة جديدة في حياتهم العملية ، أو تعويضُهم بما يراه - وفقه الله - مطيباً لنفوسهم جرَّاء ما حصل لهم من مضاعفات تلك القرارات ، إضافة إلى التشديد على المختصين بتطبيق النظام كاملاً في حقِّ الجميع ، بلا تفريطٍ ولا تمييز .

ستكون هذه لفتةً أبويةً حانيةً ، باعثةً على التقدير ، موجبةً للشكر ، دافعةً إلى الإخلاص ، مع ما فيها من استغلالٍ لقدراتٍ قضائيةٍ مهدرةٍ في وقتٍ القضاءُ أحوجُ ما يكون للدعم لا الدَّعِّ ، والمؤازرة لا المؤامرة ، والاحتواء لا الالتواء ، مع ما فيها من سدٌّ لثغرةٍ كبيرة في الكيان القضائي من جهة ، وفي أنفس أولئك الضحايا من جهة أخرى . والله الموفق .