كتابة تعليق على مقالة :: (( حمارٌ تركبه خيرٌ من حصانٍ ... ))
ما بجانبه * مطلوب

نص التعليق
1sm.gif  2sm.gif  3sm.gif  4sm.gif  icon_arrow.gif  

بقية الصور

تعطيل الابتسامات
نص المقالة في الخامس والعشرين من شهر رمضان عام 1399هـ أزمعت السفر براً إلى مكة المكرمة لأداء العمرة ، فصحبني رجلٌ من رجالات الدولة أواخر مرحلة التأسيس على يد جلالة المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله ، وكان قد عمل محافظاً في المنطقة الغربية ( مكة المكرمة ، الباحة ) مدة ثمان وثلاثين سنة ، ورافقنا شاب على وشك التخرج في الجامعة ، وفي الطريق وبعد المؤانسة والمفاكهة - اطمأنَّ الشاب لأن يُفضيَ إلينا بأمرٍ قد أهمه ، فكان الحوار الآتي :-

الشاب : أريد رأيكما في أمرٍ قد أقضَّ مضجعي .
المحافظ : تفضل !.
الشاب : خطبت ابنة عمي ( المدني ) فأبى عليَّ ، ولم يذكر سبباً لرفضه .
المحافظ : لماذا لم تخطب ابنة عمك الآخر ( القروي ) ؟.
الشاب : أنت تعلم أنَّ ( المدني ) أوجه قومه وأغناهم .
أطرق المحافظ برهة ، ثم قال - بلهجة عامية - للشاب : يا بني !، حمَيِّرٍ تركبه ولا حصانٍ يركبك !!!.

= هذه النظرية يتخذها كثير من القياديين عند اختيار أعوانهم ، وأسباب ذلك كثيرة ، منها :-

1/ أنَّ النائب الضعيف جبانٌ في اتخاذ القرار ، فيضمن الرئيس جانب نائبه حال غيابه .

2/ أنَّ الضعيف لا يمكن أن يتشوَّف لغير ما هو فيه ، ولا تشرئب عنقه لمنصب رئيسه .

3/ أنَّ الضعيف لا يمكن أن يُعارض رئيسه ، فهو منقاد - أبداً - لِمَا يُمليه عليه .

4/ أنَّ الضعيف يمكن تكليفه بأداء مهام خاصةٍ ؛ لا يريد الرئيس أن يظهر أنَّه هو من قام بها .

5/ أنَّ الضعيف لا يمكن أن ينافس الرئيس على جاهه أو سلطانه بين الناس .

6/ أنَّ حسنات النائب يمكن الرئيس اغتصابها منه بلا اعتراضٍ منه .

7/ أنَّ هفوات الرئيس يمكنه نسبتها إلى النائب دون ممانعة ولا تذمُّر .

8/ أن يظهر للعموم أنَّ الإدارة مفتقرة لرئيسها ؛ بسبب ضعف نائبه ، فيضمن الرئيس بقاءه زمناً أكبر .

= هذه الأسباب وغيرها أو بعضها هي من تجعل الرئيس يختار الأقل قدرة لمساعدته والنيابة عنه ، ومثل هذه النزعة لا تكون إلا من غير الواثق بالله في ما حباه الله من عقلٍ وعلمٍ وتعفُّف .
وقد يهون الأمر لو كان أثر هذا الخلل قاصراً على النائب ورئيسه ، غير أنَّ قصور هذا التوجه يتعدى إلى الإدارة وأعمالها ، وإلى كثير ممن تعلقت مصالحهم بها .

= إنَّ ولي الأمر - متى نصب أحداً في مصلحة من مصالح الناس - فلا يعني هذا أنَّه قد حباه بها لِذَاته ، وأعطاه إياها لِلَذَّاته ، بل ليخدم الرعية فيما ظن ولاة الأمر أنَّه أهل له .

= ولو أنَّ ولاة الأمر - أيدهم الله - أخضعوا كل قياديٍ يختارونه للقيام بمهمةٍ من مهام الدولة لاختباراتٍ نفسيةٍ خاصةٍ بالقياديين : لظهر لهم من يصلح منهم ، ومن لا يصلح ، ومن به عيبٌ يخفيه ، أو عورةٌ يداريها .

= ولو علم القيادي أنَّ مما يُشكر له بعد رحيله حسنُ اختياره لنائبه : لَمَا تَرَدَّدَ في ابتغاء الأفضل ، الذي يمتدُّ به عمله ، ويزداد به قربه من الله ومن خلقه .

= ولن يقدم القيادي على تطبيق ذلك المثل لو وقر في قلبه : أنَّ من عمل لآخرته كفاه الله دنياه ، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته .

= ولن يجرؤ أحدٌ على أن يريد الله به غير الخير ؛ فالله إذا أراد بالأمير خيراً جعل له وزير صدقٍ ؛ إن نسي ذَكَّرَه ، وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوءٍ ؛ إن نسي لم يُذَكِّره ، وإن ذكر لم يُعِنه .

أصلح الله شأن المسلمين في كل أمورهم ، واختار لهم خيرهم لولايتهم ، ووفقهم لما فيه الخير لهم من أمر دينهم ودنياهم . إن ربي سميع مجيب

===================
إضافة :

الشاب طموح في رغبته في القرب من صاحب الوجاهة والغنى ؛ لأن أثرهما يتعدى إلى من يرغب في الاقتران بها من كريماته .

والمحافظ ركن إلى أن نباهة المدني قد ترهق الشاب ، ولم ينظر إلى ما سيجنيه الشاب في حياته الخاصة مع ابنته ، وَقَدَّرَ المحافظ : أن خمول القروي مزيَّةٌ ، ولم يعتد بالفتاة ، ولا بما سيواجهه الشاب من خلفيات تربيتها المتواضعة مقارنة بإبنة عمها .

وهكذا حال كثير من القادة ، يمضي كثير منهم سنوات خدمته - حتى يُستغنى عنه - دون أن يقوم بالتحضير لمن سيخلفه .

وأغلبهم يسبُر من حوله زمناً طويلاً ، فيختار من لا تبرأ به ذمته ، ولا تستفيد منه إدارته ، ولا يشكره عليه من عنده ولا من بعده .

وما ذاك إلا أن القائد من هؤلاء يغلب على ظنه : أنه باقٍ في إدارته ما أقام عسيب .

والحل في :
تحديد مدة بقاء الواحد من هؤلاء ؛ بحيث لا يُجَدَّد له إلا مرةً واحدة ، وبشرط ظهور إنجازاته في فترته الأولى ، وعلى أن يقدم خطة مدروسة لفترة ما بعد التجديد .

أما من أمضى فترته الأولى في تحقيق إنجازات ذاتية ، فالإدارة في غنىً عنه ، وأصحاب المصالح في حاجة إلى زواله ، وأول من سيغتبط برحيله هم من أعانوه ، فقد قيل في المثل : من أعان ظالماً سُلِّطَ عليه .


-