code

صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 137

الموضوع: (الأحكام البديلة) وإلزاماتها القضائية والجزاء ببدائل السجون شرعاً ونظاماً وواقعاً .

  1. #1
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي (الأحكام البديلة) وإلزاماتها القضائية والجزاء ببدائل السجون شرعاً ونظاماً وواقعاً .

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين هنا البحث المتعلق بالأحكام البديلة وأطرح لرافضي التوسع في البدائل افي الوقت الحاضر لعدم وجود اللوائح التنفيذية لتطبيقاتها . وحتى يكتمل مالدي و مابحثناه مع أخي سيادة القانون و ليكون منعهم له حظ من النظر أطرح عليهم الإجابة عما يلي :
    1- ما المستند على عدم شرعية العقوبات البديلة في التشريع الاسلامي و القانون الجزائي السعودي , .
    2- وماهي العقوبات الأصلية الجزائية التي لا يسوغ بحال وضع بدائل لها وما التي يسوغ فيها ذلك شرح واف لنصوص التجريم في الجزاء السعودي ؟
    3- هل قانون "نظام" المرافعات الشرعية السعودي يمانع في وجود العقوبات البديلة ؟
    4- حدود اجتهاد القاضي الجزائي في القضايا الجزائية المعروضة وفقاً للتشريع القانوني الجزائي السعودي ومايترتب عليها من آثار قانونية ؟
    5- ماهي العقوبات التي تنفذها الجهات التنفيذية هذه الساعة ؟
    6- وهل يوجد ما يمنع نظاما بسط سلطة القاضي الجزائي (الغير مقيد بتحديد عقوبة)على هذه العقوبات أم أنه محصور في أنواع محددة وماهذه الأنواع ؟
    7- وهل من سلطة القاضي تنفيذ الجزاء والإشراف عليه . وما مستند ما تقرره ؟
    8- هل من الجائز على القاضي الجزائي تقييد سلطاته التقديرية ببعض الاشتراطات والإلزامات القضائية لتكون بديلا عن الجزاء المعتاد بالسجن عندما يطالب به المدعي العام؟
    9- وما رأيك في المصالحة على إلزامات قضائية (خصوصاً المعنوية والأدبية منها)في قضايا جزائية ؟ هل يستقيم إمضاؤها في الحق الخاص والإكتفاء به عن الحق العام تقديراً لمصلحة الفرد والعائلة والمجتمع ؟
    10- هل يحق للمدعي العام في قضية جزائية ولنمثل له بعقوق الوالدين أن يطالب بسجنه سنة ويدلل بمبدأ الشرعية ويدعي أنها عقوبة أصلية لا بدائل لها ؟
    وأسأل الله لنا ولك التوفيق .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرالبلوي ; 14-12-2010 الساعة 12:50 PM

  2. #2
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    19-09-2009
    المشاركات
    769

    افتراضي


    بسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله ..
    "رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ "

    قبل الدخول إلى المناظرة وقبل الإجابة على النقاط البحثية أود لفت الإنتباة الى الآتي :

    1- لا أبتغي من هذه المناظرة الا وجه الله والحق فأن وجدت الحق مع مناظريّ الكريم تركت مافي يدي وأتجهت إليه فرحاً وذلك لأن الحق هو المبتغى والغاية ، وإن أظهر الله الحق على يدي فلن أخرج من هذا المتصفح متبختراً بالزهو فلا غالب بيننا وإنما الغلبة للحق .

    2-ضرورة أن تطرح الآراء بأسانيدها "الأدلة" وإن أي رأي بلا دليل لا يؤول عليه حكماً وهذا ما أشترطته على المناظر الكريم فيما سبق والمسلمون على شروطهم وأي أخلال بهذا الشرط يقتضي معه "فض المناظرة".

    3- أرجو من الأخوة الاعضاء الكرام افساح المجال للمتناظرين حتى لا يكون هناك تداخلاً في الموضوعات على أن يكون التداخل منهم بعد الانتهاء من المناظرة لمن أحب.

    أما عن أسلوب المناظرة فأرجو أن لا تكون كما طرح فضيلة الشيخ "جزئيات" يجاب عنها وإنما ينصب محاورها حول "الكل" الذي تحت مظلته "الجزء" لذا فإن أصل الموضوع لا يخرج عن " شرعية العوبات البديلة" و " عن حدود أجتهاد القاضي" .
    وفي طريقة عرض المحاور والردود عليها ، فإن المناظر يطرح المحور وقد تناوله بما يراه وينتظر تعقيب الطرف الآخر فيما يراه مع مراعاة الزمن بحيث لا يطول عن الحد المعقول في الطرح والاجابة.
    ونسأل الله التوفيق.
    [frame="1 80"]
    "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"



    [/frame]

  3. #3
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    07-06-2010
    الدولة
    جدة - المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    424

    افتراضي

    حللت سهلاً فضيلة الشيخ ،،،

    لدي بعض المقترحات فيما دون المعتركات

    العنوان ( الأحكام البديلة )

    البدل لابد فيه من مبدل منه

    لاتقل بدل بعض من كل ،، لأن الأحكام لاتتبدل
    حبذا لو قلبت إلى
    ( العقوبات البديلة )

    ودمت بصحة وعافية

  4. #4
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي

    جميل ما ذكرته أخي سيادة القانون وعن العموميات أظنك لاتختلف معي فيه حيث تتفق على جواز ذلك من حيث العموم ولكنك حسب مافهمت أنك تطلب الاقتصار على الجزاء المعتاد حتى تصدر ضوابطه من قبل ولي الأمر . حتى لايكون الحامين بالبدائل مغييرين لشرع الله ومتمردين على رسم السلطان ومقتئتين على ولي الامر . وحيث لوحظ دفع في الجزئيات فأنا لا أقوم بتأطير ماتذكره وماتبحثه فلك البحث على النحو الذي يبرز فكرتك ولكن أملي الإجابة في آخر طرحك على هذه الجزئيات .

    أخي الكريم أبو وصايف
    كلامك جميل ولامشاحة على الإصطلاح ولكن لعله كما ذكرت من قبيل التواضع على الأسماء العرفية , فلقد غلبت التسمية (الأحكام البديلة) فنقول به جوازاً . وإلا إطلاق لفظ العقوبات البديلة انا في رأيي غير جامع ولا مانع فالأحكام البديلة تشمل العقوبات وغيرها من المصالح المقصودة والمتغياة من فصل الحكومات والخصومات و لانه كثير من هذه التدابير والإجراءات ذات الصفة الإلزامية بالقضاء قد لايكون عقوبة في الأصل ولكنه بدل عن الجزاء , وخروجاً من وجهة نظر المشايخ الفضلاء الذين لايجوزون الإلزام بالعبادة وبالتطوع كبديل عن العقوبة.

  5. #5
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    11-07-2009
    المشاركات
    84

    افتراضي

    نحن المتابعين نفهم ما يلي :
    البحث سيكون في المشروعية .. أي : الأساس القانوني لمشروعية الأحكام البديلة.. بما في ذلك العقوبات البديلة.. إذا تحدد البحث في هذا الإطار فسيكون أنفع وأجدى..
    وفقتما لكل خير ونفع بكم ..
    اقتراح لفضيلة شيخنا الدكتور ناصر بمشروع تدوين وتحرير لهذه الحوارات والمناظرات ثم إخراجها في كتاب بعد أن يتفق على الجوانب الحقوقية ذات الصلة.. فيها نفع وخير كثير..
    وفقكم الله لكل خير،،

  6. #6
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    25-03-2010
    المشاركات
    212

    افتراضي

    اعانك الله فضيلة الدكتور ناصرعلى التحكيم

    أخي الفاضل سيادة القانون وفقه الله
    المجال لسعادتكم
    وانا اصلا ابعدت من الموضوع سابقا بتجاهل المناظر لي في أكثرمن رد وفي بداية مناظرته

    ومن أتاك فَرُحْ إليه ومن جفاك فصدّ عنه

    ولذا وفقك الله ، وانت لها
    ونحن الآن في موضع الجلوس ننظر الى شاشة المناظرة
    .
    التعديل الأخير تم بواسطة قاضي الشرقية ; 14-12-2010 الساعة 03:53 PM
    قاضي الشرقية

  7. #7
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي

    حيا الله الأخوة الكرام المستشار الخاص وقاضي الشرقية ويظهر أنك انفعلت انفعالا ووصلت لدرجة (تلوين ردك بالأحمر) كدت أن أخشى عليك أن تصاب بمكروه . خصوصا وإنني أعلم القضاة هم أقرب مايكون الى الانفجار النووي .
    بالعكس أخي قاضي الشرقية رأيك محل تقديري وما أثرته مهم ولكن كما لاحظت كان حديثنا من باب العصف الذهني أقرب وإلى التطارح العام والتذكير باشارات مسوغة لمنحى نقل تجربة البدائل .
    ولكن وجدت نفسي مع كثرة المداخلات التي أثرتموها بحاجة إلى ترتيب في المناقشة. ولذا رأي أن يطرح كلا منا رؤيته وثم يعقب على الاشارات الجزئية التي تم تطارحها. ومنها الجزئيات العشر والتي أطلب أن يبت فيها كل رافض لفكرة البدائل أو التوسع فيها.
    ونرحب بمالدى الأخوة جميعا. ومن رأيي بعد بحث المشروعية أن نغلب الجوانب الفنية والتنفيذية ونناقشها باستفاضة لكونها العذر الكبير لدى فئام من الأخوة بعدم الترحيب بالبدائل.
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرالبلوي ; 14-12-2010 الساعة 04:11 PM

  8. #8
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    15-10-2008
    الدولة
    في دولة العدل
    المشاركات
    734

    افتراضي


    متابعون

    ومنكم نستفيد


    لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا



  9. #9
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    14-12-2010
    المشاركات
    23

    افتراضي

    موضوع قيم بلا شك

    سيثرينا بمناقشات وحوارات ستكون اضافة الى ادبيات القضاء من هامات لا نزكيها على الله

    وفقكم الله جميعا

  10. #10
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    11-07-2009
    المشاركات
    84

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    حيا الله الأخوة الكرام المستشار الخاص وقاضي الشرقية ويظهر أنك انفعلت انفعالا ووصلت لدرجة (تلوين ردك بالأحمر) كدت أن أخشى عليك أن تصاب بمكروه . خصوصا وإنني أعلم القضاة هم أقرب مايكون الى الانفجار النووي .
    بالعكس أخي قاضي الشرقية رأيك محل تقديري وما أثرته مهم ولكن كما لاحظت كان حديثنا من باب العصف الذهني أقرب وإلى التطارح العام والتذكير باشارات مسوغة لمنحى نقل تجربة البدائل .
    ولكن وجدت نفسي مع كثرة المداخلات التي أثرتموها بحاجة إلى ترتيب في المناقشة. ولذا رأي أن يطرح كلا منا رؤيته وثم يعقب على الاشارات الجزئية التي تم تطارحها. ومنها الجزئيات العشر والتي أطلب أن يبت فيها كل رافض لفكرة البدائل أو التوسع فيها.
    ونرحب بمالدى الأخوة جميعا. [gdwl][/gdwl][gdwl][/gdwl][gdwl]ومن رأيي بعد بحث المشروعية أن نغلب الجوانب الفنية والتنفيذية ونناقشها باستفاضة لكونها العذر الكبير لدى فئام من الأخوة بعدم الترحيب بالبدائل[/gdwl].
    وهذا أظنه جيد أن يُنهى بحث المشروعية ثم الانتقال إلى الجوانب التنفيذية وخلافها .. ولكن لنتفق على المشروعية بداية حتى لا يكون البحث في الجوانب التنفيذية هدراً:)

    أؤيد أن يكون الحوار والمناقشة محصوراً بين الشيخ ياسر البلوي والأستاذ سيادة القانون..

    تحياتي لكما ووفقتما لكل خير
    التعديل الأخير تم بواسطة المستشار الخاص ; 15-12-2010 الساعة 12:09 PM

  11. #11
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    19-09-2009
    المشاركات
    769

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كنت فيما سبق قد ذكرت أن الجزئيات التي طرحها فضيلة الشيخ كمحاور للموضوع لا تعدو من وجهة نظري إلا جزئيات تدخل في مظلة الكل وإن تناول كل جزء منها يطيل أمد النقاش ويجعل للتكرار باباً يصعب غلقه لذا رأيت من الأفضل تناول الموضوع في محورين الأول "شرعية العقوبات البديلة" والثاني " حدود اجتهاد القاضي السعودي في القضايا الجنائية المعروضة أمامه" .

    المحور الأول : شرعية العقوبات البديلة
    سنتاول الحديث عن هذا الشرعية في مبحثين هما
    المبحث الأول : شرعية العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الإسلامي
    المبحث الثاني : شرعية العقوبات البديلة في التشريع القانوني السعودي

    المبحث الأول : شرعية العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الإسلامي

    تتفق القوانين الجنائية الوضعية مع التشريع الجنائي الإسلامي على مبدأ الشرعية والقاضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ويدلل بعض الشراح على وجود هذا المبدأ في التشريع الإسلامي بقول الله تعالى " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" وقوله تعالى " وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا " وفي تقرير هذا المبدأ وبما أستشهد به من آيات قرآنية كريمة يرى الأستاذ عبدالقادر عودة –رحمه الله- في مؤلفه التشريع الجنائي الإسلامي – ج1 ص 118- بأن هذه الآيات قاطعة بالدلالة على أن " لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، وأن الله لا يأخذ الناس بعقاب إلا بعد أن يبين لهم وينذرهم على لسان رسله .." .
    وإن كان هذا المبدأ لا يثير أي إشكالاً فيما يخص جرائم الحدود والقصاص على اعتبارها محددة بما دلت عليه النصوص الشرعية إلا أن افتراض وجود هذه الإشكالية وارد في جرائم التعزيرات هو قول لا يسلم به البعض للآخرين على إطلاقه والذين قد نتفق مع ما ذهبوا إليه من وجهين هما :

    الوجه الأول : أن مبدأ الشرعية حاضر الوجود فيما يخص التجريم ويستمد شرعيته من القران والسنة والإجماع والأمثلة على شرعية هذه الجرائم بحر لا ساحل له . .
    الوجه الثاني : أن مبدأ الشرعية حاضر الوجود فيما يخص العقوبات ويستمد شرعيته أيضاً من القران والسنة والإجماع والتي حددت جنس العقوبة التعزيرية والتي لا تخرج عن هذه الصور :

    1-القتل تعزيراً وقد أخذ به النظام الجزائي السعودي في جرائم تهريب المخدرات.
    2-عقوبة الجلد في التعازير وإن كانت محل خلاف في مقدارها بين الفقهاء إلا أن لشرعيته سنداً من الإجماع.
    3-الحبس في جرائم التعازير وله سنده بالإجماع وإن كان مختلف حول مقدار تحديده بمده معلومة أو غير معلومة .
    4-التغريب أو الإبعاد كعقوبة تعزيرية لها سندها من الإجماع وإن كان يشترط البعض من فقهاء الشافعية في هذه العقوبة أن لا تتجاوز مدة الإبعاد عاماً كاملاً لأن التغريب شرع في الزنا حداً وإن كان الإمام ابوحنيفة يرى جواز ذلك .
    5-الصلب ، وعقوبة الصلب للتعزير تقتضي أن يكون المصلوب حياً ولا يمنع من الطعام والشراب ولا الوضوء للصلاة ويرى المالكية والشافعية بالتصريح على جواز ذلك.
    6-عقوبة الوعظ للتعزير ولها سندها من القران الكريم في قوله تعالى " واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ " كما يستشهد بذلك بعض الباحثين وإن كنت أرى أن هذه الآية الكريمة جاءت في حق المرأة الناشز ولا يقاس عليها ومع ذلك لها سندها كعقوبة تعزيزية لمن يحتج بها.
    7-عقوبة الهجر ، ولها في السنة النبوية سند عندما هجر الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة من صحابته رضوان الله عليهم و الذين تخلفوا عن غزوة تبوك .
    8-عقوبة التوبيخ ، ولها في السنة النبوية سنداً أيضاً فقد وبخ الرسول صلى الله عليه وسلم أبو ذر رضي الله عنه بقوله " يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية"
    9-عقوبة الغرامة ولها سندها من السنة النبوية في عقوبة سرقة التمر المعلق بقوله صلى الله عليه وسلم " ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثلية والعقوبة" .

    إن استعراض ما تقدم من صور لمبدأ الشرعية في جرائم التعزيرات لم يأتي عبثاً وإنما لغاية أبتغيها في هذا الموضع وهذه الغاية لا تؤتي ثمارها إلا بعد الإجابة على سؤالين ، السؤال الأول :ما هي الدائرة التي يرى قاضي الأحكام البديلة نفسه حراً طليقاً يتحرك في إرجاءها كيفما يشاء ؟ والسؤال الثاني : هل للجرائم التعزيرية عقوبات بديلة فعلاً ؟

    أن الجواب على هذا السؤال الأول بلا أدنى شك : هي دائرة التعزيرات ؟! وحجته في ذلك :
    إن التشريع الإسلامي لم يحصر جرائم التعزيرات كلها وترك أمر تحديد العقوبة للقاضي ولذا لا مانع لو جاء حكم القاضي بعقوبة بديلة غير تلك العقوبات التي استعرضنها في هذا المبحث والمتعارف عليها الفقه الجنائي الإسلامي.

    ولذا لا حرج لو حكم القاضي على فاعل المعصية "الجريمة" بعقوبة الأذان للصلاة أو عقوبة النجاح في مادة علمية بتقديرٍ عال ٍ أو العقوبة على الجاني بتنظيف مراحيض دور العبادة أو المرافق العامة !
    ولكن السؤال هل لهذه الحجة حظاً من الصحة فيما تعارف عليها فقهاء الشريعة الإسلامية –بعيداً عن النظام والذي سيأتي لاحقاً - ؟
    إن فقهاء الشريعة الإسلامية يرون أن هذه العقوبات غير مشروعة حتى في دائرة العقوبات التعزيرية والتي جعل للقاضي سلطة تقديرية واسعة في تحديدها والسبب أن القاعدة العامة في العقوبة المشروعة في ففقهم هي : هي كل وسيلة تؤدي إلى إصلاح الجاني وتأديبه وحماية الجماعة من شره – مؤلف الأحكام السلطانية ومؤلف تبصرة الحكام ، نقلاً عن عبدالقادر عودة في مؤلفه التشريع الجنائي الإسلامي ج 1 ، ض 701بل الأبعد من ذلك يرون بعدم جواز الخروج عن ما تقرر من عقوبات تعزيرية وفي ذلك يقول الأستاذ عبدالقادر عودة –رحمه الله – بعد أن استعرض النصوص الدالة على هذا المبدأ " أن الشريعة الإسلامية نصت على جرائم التعزير وعقوباتها ، وعينت الجرائم وحددت العقوبات تحديداً دقيقاً ، بحيث لا يستطيع القاضي أن يعاقب على فعل لم تحرمه الشريعة –وهذا لا أشك بإتفاق المتحاورين- ولا يستطيع أن يعاقب بغير العقوبات المقررة للتعازير- وهذه نقطة الخلاف بين المتحاورين- ولا أن يخرج على حدودها –وهذه نقطة الخلاف بين المتحاورين أيضاً" أنظر عبدالقادر عودة –التشريع الجنائي الإسلامي الجزء الأول صفحة 148 .
    وأقول تعقيب على هذه الجزئية : إن من الغايات التي استعرضت من خلالها العقوبات المقررة لدى فقهاء الشريعة في جرائم التعزير هي ربطها مع هذه الحقيقة العلمية وهي عدم جواز الحكم بغير تلك العقوبات المقررة ولا الخروج على حدودها وذلك لأنها ما شرعت وعمل بها إلا لكونها الوسيلة الفعالة لتحقيق الردع والتأديب والذي هو شرط للعقوبة المشروعة كما ذكرنا بالنقل سابقاًَ.
    وعليه لا يقبل عاقل أن يصدق أن أذان الجاني للصلاة أو الحكم عليه بتنظيف المرافق العامة هي أحكام للردع والتأديب وحماية من شر الجاني فضلاً عن أنها غير مشروعة !

    وأما عن السؤال الثاني هل للجرائم التعزيرية عقوبات بديلة بالمصطلح العلمي فعلاً ؟ أن الجواب على هذا السؤال لا يتطلب منا ذكاء خارق ودعونا وإياكم نبسط هذه الإجابة في النقاط التالية :
    1-إن لفظ العقوبة البديلة يقتضى عقلاً ونقلاً أن هناك عقوبة أصلية قد نص عليها لفعل مجرم محدد بعينه كتلك الجرائم التعزيرية التي استعرضناها ،والتجريم والعقاب المنصوص عليها تعزيراً لا يسوغ معه الاجتهاد لذا لا وجود للبدائل هنا .
    2-إن الفعل الذي يشكل جريمة تعزيرية وفقاً لضابط المعصية أو ضابط الوصف المحرم للفعل والمنصوص عليه دون النص على كيفية العقاب والذي يخضع لإجتهاد القاضي لا يمكن أن يسمى هذا الحكم ببديلاً في الفقه الاسلامي بل هو حكم أصلي خلقه اجتهاده القاضي وقيد فيه بما تعارف عليه التشريع الاسلامي من عقوبات وما يتحقق معه القصد من العقوبة وهو الردع والتأديب.


    وهذه الحقيقة يقر بوجودها من يقرأ في التشريع الجنائي الإسلامي وعلى وجه الخصوص في جرائم التعازير لا يجد ما يسمى بالعقوبات البديلة بل حتى في القوانين الوضعية وإنما الذي سيجده عقوبات أصلية أو تبعية أو ما يعرف بنظام "التفريد القضائي" إما بالحدين "الأعلى والأدنى" أو بالتخيير بين عقوبتين أو أكثر أو بين النفاذ والإيقاف "العفو" وهذا الذي له أمثلة في التشريع الإسلامي ولعل من أمثلتها ما طرحه فضيلة الدكتور ناصر بن داوود -سلمه الله- بحادثة أسرى بدر عندما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم عقوبتين على الأسرى إما عقوبة مالية أو عقوبة القيام بعمل ولا يصح معه أن يقال أن عقوبة القيام بعمل هي عقوبة بديلة "للفداء المالي" ولذا فالعقوبات البديلة لها شرعية بل حتى وجود أو مثل في التشريع الإسلامي والصحيح أنها عقوبة أصلية ولكنها تخييرية إما الفداء بمال أو الفداء بعمل، وأصبح حكمها كحكم غيرها من العقوبات التخييرية مثل عقوبة حد الحرابة .

    وقبل أن نختم هذا المبحث ونعرج على أهم نتائجه يحسن بنا أن نطرح سؤالاً من أين أتت العقوبات البديلة ؟ أن الحديث عن العقوبات البديلة خرج من مدارس علم الاجتماع الجنائي وهي مادة تدرس في كليات الحقوق وتحمل أسم "علم الاجرام والعقاب" ففي هذه المادة نظريات تتحدث عن سلوك الجاني ومدى استجابته للعقوبات الكلاسكية التقليدية وعن جدوى تقويميه بالاساليب الحديثة وهي تنظر للجاني من زاوية غارقة في الإنسانية وكان لها الصوت المسموع في أوروبا حتى وصل الأمر بالمناداة بإسقاط عقوبة الاعدام وغيرها من العقوبات السالبة للحرية وكان لهم ذلك ولا شك أن العدالة والتي تحتضنها مقاصد الشريعة الاسلامية "الخمسة" ترفض مطلقاً أن يراعى جانب الجاني على حساب المجني عليه لذا أحاطت شريعتنا الغراء حكم القاضي بضمان المشروعية والذي يجب أن يتحقق في العقوبة ما يمكن أن يشكل معه الردع والتأديب بل والتشفيّ ايضاً.

    ونخلص مما تقدم من نتائج :
    1- أن جرائم التعزير في التشريع الاسلامي تخضع لمبدأ الشرعية. وما يؤكد على هذا المبدأ غير ما ذكرناها سابقاً ما ورد في مؤلف الاستاذ عودة في الجزء الأول ص 152 "إن القاضي ليس له أن يحكم بالعقوبة في الحالة التي تعرض عليه إلا إذا كان فيها ما يمس النظام العام او صالح الجماعة ، فإن لم تكن كذلك قضى بالبراءة ، وإذا عاقب فليس له أن يعاقب الا بإحدى عقوبات التعزيز ، فسلطة القاضي إذن ليست سلطة مطلقة و تحكمية ، وإنما هي مقيّدة بقيود بينتها الشريعة وأوجبت توفرها " إلى أن قال "وكل ما يمكن قوله عن هذه السلطة أنها سلطة واسعة اعطيت للقاضي ليحسن اختيار العقوبة وتقدير ظروف الجريمة والمجرم ولم تعط إليه ليخلق الجرائم وينشىء العقوبات ومهما وسعت الشريعة من سلطة القاضي فإنها لا تخرج عن قاعدتها العامة التي تقضي بأن لا جريمة ولا عقوبة الا بنص".
    2- أن العقوبات البديلة لا يعرفها التشريع الجنائي الاسلامي .
    3- ليس للقاضي ومع هذا السلطة الواسعة في جرائم التعزيرات أن يحكم بخلاف العقوبات المحددة في التشريع الجنائي الاسلامي .
    4- يشترط في العقوبة التعزيرية حتى أن تكون مشروعة من توافر الردع والتأديب.

    المبحث الثاني : شرعية العقوبات البديلة في التشريع القانوني السعودي
    " سيتم تناوله بعد إجابة فضيلة الشيخ على ما يخص شرعية العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الاسلامي " مضافاً الى تعقيبي عن ما يرد به فضيلته في الجزئية السابقة .


    التعديل الأخير تم بواسطة سيادة القانون ; 15-12-2010 الساعة 08:10 PM
    [frame="1 80"]
    "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"



    [/frame]

  12. #12
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي

    البدائل مسالك لها في الشرع مدارك
    حيث لها في التعزير مظلة وفي سلطات القاضي التقديرية ساحة وفي المصلحة المرسلة باحة وفي فنون الإلزام القضائي دوحة
    فأعلاه البديل عن حياته بقتله تعزيراً وأدناه التأديب ببديله بترك التأديب
    وآمل ألا تحيد المناظرة إلى حيدة وأسأل الله ألا أتكلم بغير فني حتى لا أجيء بالعجائب , وحتى يكتمل ما لدي أدعكم بعصف الذهن فيما سطرته عالياً هل فيها شرك من حق وهل فيها من بضاعة صدق , وأدعو أخي سيادة القانون مناظري أن يطرح بكل مالديه وألا يتنفس براحة حتى ينثر كنانته فإذا إنتهى بطرح مالديه كنت قد إنتهيت من جمع مالدي وسأنثر كنانتي وسأحرص على توثيقه بقدر المستطاع وتدعيمه بالتنفيذيات والإجراءيات ومشورة أهل الأنظمة .

  13. #13
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    19-09-2009
    المشاركات
    769

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة

    البدائل مسالك لها في الشرع مدارك
    حيث لها في التعزير مظلة وفي سلطات القاضي التقديرية ساحة وفي المصلحة المرسلة باحة وفي فنون الإلزام القضائي دوحة
    فأعلاه البديل عن حياته بقتله تعزيراً وأدناه التأديب ببديله بترك التأديب


    فضيلة الشيخ ..نحن في نزال علميّ و سلاح المتبارزين فيه الدليل ، وفضيلتك من مدرسة الفقه الإسلامي وأهل هذه المدرسة هم أهل الدليل ولا يتحدثون الإ بالأسانيد والأدلة ، وأمامك على الطاولة مبحث يحمل حكماً بأدلته وعليك عبء نقضه بدليل ٍ آخر له حجيته حتى نسلم لك ، أما هذه الأسطر فهي جميلة في سجعها ولكن لا يؤول عليها حكماً ..ونذكر فضيلتك بالإتفاق السابق....
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيادة القانون مشاهدة المشاركة

    2-ضرورة أن تطرح الآراء بأسانيدها "الأدلة" وإن أي رأي بلا دليل لا يؤول عليه حكماً وهذا ما أشترطته على المناظر الكريم فيما سبق والمسلمون على شروطهم وأي أخلال بهذا الشرط يقتضي معه "فض المناظرة".
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    وآمل ألا تحيد المناظرة إلى حيدة وأسأل الله ألا أتكلم بغير فني حتى لا أجيء بالعجائب , وحتى يكتمل ما لدي أدعكم بعصف الذهن فيما سطرته عالياً هل فيها شرك من حق وهل فيها من بضاعة صدق , وأدعو أخي سيادة القانون مناظري أن يطرح بكل مالديه وألا يتنفس براحة حتى ينثر كنانته فإذا إنتهى بطرح مالديه كنت قد إنتهيت من جمع مالدي وسأنثر كنانتي وسأحرص على توثيقه بقدر المستطاع وتدعيمه بالتنفيذيات والإجراءيات ومشورة أهل الأنظمة .
    فضيلة الشيخ بارك الله فيك ..أما وأصحابنا قد تركونا في هذه الساحة لوحدنا فلن يأتي أحدهم -ولن نطلب منه ذلك- حتى يجيبك على سؤالك هل فيما تذكر" شرك من حق وهل فيما تذكر من بضاعة صدق" أو يشهد بوجود حيدة في المناظرة أم لا؟! ..فالمناظرة تسير وفق ما خطط له ..ولا يمكن لي ولك حتى نقدم بحثاً علمياً معتبراً أن يكون أول فصوله " الاجراءات التنفيذية" ونحن لم نبحث بعد في"شرعية العقوبات البديلة" فلا ثمرة ترجى من بحثنا أن قدمنا الفصل الأخير على الأول ..لذا لا حيدة يافضيلة الشيخ!.

    أما عن قولك اسأل الله أن لا أتكلم بغير فني حتى لا أتي بالعجائب فقد يفهم من هذا القول أن مناظرك والمتخصص في القانون عندما أستعرض شرعية العقوبات في التشريع الجنائي الاسلامي قد جاء بالعجائب لكونه غير متخصص فهذا حكم منك على المناظرة وهو ليس لك وإنما للمحكمين فيما بعد هذه من جهة وأما من جهة أخرى فصاحبك لم يأتيك بالعجايب وإنما هو ناقل من مؤلف مشهور تلقاه المتخصصين في الشريعة والقانون بالقبول من قبل أن نأتي وأياك إلى الدنيا ويدرس في الكليات الشرعية والقانونية وهذا النقل كان بالصفحات والأجزاء وإن كان به من عجائب فردها على المؤلف والناقل-معاً- بالتصريح لا التعريض فهذا والله مما يسعدنا فنحن طلاب حق ولا نبتغي من هذه المناظرة إلا الحق .

    وأما عن قولك بأنك سوف تدعم آراءك بمشورة أهل القانون"الأنظمة" فلا أعتراض طالما أن المشورة فيما تنقله إلينا من مصادر موثوقة كالكتب المعتبرة والأبحاث القانونية المنشورة بصفحاتها وأجزائها..أما أن تكون المشورة بالنقل الكلامي كأن يكون سألت فلان وقال لي كذا وكذا هذا لا أقبله ولا يعد في عرف الباحثين مرجعاً يعتمد عليه !.

    ختاماً فضيلة الشيخ ..قدمتني كأول المتحدثين في المناظرة وقبلت وهذا لطف منك و نشكرك عليه والآن جاء دوري وأرجو أن تقبل مني كما قبلت منك وكما هو الإتفاق فيما سبق على طريقة عرض المحاور ونعيدها للتذكير : إذا طرح أحد المتناظرين مبحثاً فعلى الآخر أن يرد ثم يأتي دور الآخر ويعقب على رده ويطرح مبحثاً جديداً وهكذا ، وعليه آمل من فضيلتك عندما أعود للمتصفح مرة أخرى أجد ردك على ماطرحته حول شرعية العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الإسلامي دون التعقيب على ردي هذا ..بارك الله فيك وشكراً لتفهمك مقدماً.
    التعديل الأخير تم بواسطة سيادة القانون ; 17-12-2010 الساعة 06:29 AM
    [frame="1 80"]
    "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"



    [/frame]

  14. #14
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي


    أخي الكريم سيادة القانون : كن حليماً . لا يذهب فهمك بعيدا فانت تقدس النص. ها وانا أحادثك لا أعلم من أنت وإن كان من المهم ان يعلم الجميع من هم أطراف المناظرة , ولكن هدفي هو الحوار من الفكر والرأي والعقل الذ خلف هذا المعرف .
    إتفقنا أن يطرح كلأ منا رؤيته ويجيب على ماطلبه الآخر, فقد طلبت مني عدة طلبات فسأجيب عليها بالتفصيل بإذن الله , وقد ذكرت بأنك جاهز فقدمتك بالمطارحة .
    إنك تأخذنا بعيدا بعيداً بمطارحة مباحث ستأخذ بالبحث الى مباحث مفروغ منها وسنمل الأخوة الباحثين ونبعدهم عن الزبدة .
    في المناظرة السابقة أقررت بمشروعية البدائل وأنت هنا تنقض كلامك .. فهل تتذكر ماقلت حيث قلت :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيادة القانون مشاهدة المشاركة

    لست ضد بدائل السجون ولكنني ضد الافتئات على النصوص القانونية وضد الاجتهاد مع مورد النص وضد أن نعيش بلا قانون يضبطنا لا في الشرق ولا في الغرب ،
    ولي الامر وجه بأوامر سامية بإعتماد البدائل كخيار واسع في الجزاء وولي الامر مدرك أتم إدراك بعدم وجود مسطرة العقوبات فوجه بتوجيه عام وتشجيع عام .

    أخي الحبيب سيادة القانون سأطرح رؤيتي وساجيب عن طلباتك , وكذلك أنت إطرح رؤيتك وأجب عن ملاحظاتي ثم فيما بعد نناقش عما يحتاج إلى مناقشة في مطارحاتنا بألا يتجاوز ردين رد للرؤية والملاحظات ورد لمناقشة رؤية مناظرك .
    فلذا سنعتمد أسلوب المرافعة لن أتكلم حتى تقول إنتهيت إنتهيت .. ومالدي وضعته على الطاولة .. فإرم الزهرة ياصاح .. واسقنا كأساً دهاقاً من نفيس علمك ولميس حلمك ..
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرالبلوي ; 17-12-2010 الساعة 08:18 AM

  15. #15
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    19-09-2009
    المشاركات
    769

    افتراضي

    يافضيلة الشيخ ... بارك الله فيك ..لماذا تحيد عن الشرعية ؟ وأنت أول من طلب النقاش حولها نذكرك بما طلبته مني سابقاً .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة

    وحتى يكتمل مالدي و مابحثناه مع أخي سيادة القانون و ليكون منعهم له حظ من النظر أطرح عليهم الإجابة عما يلي :
    1- ما المستند على عدم شرعية العقوبات البديلة في التشريع الاسلامي و القانون الجزائي السعودي .
    هذا سؤالك وقد أجبت عنه في مبحث كامل أثبت لك بالأدلة بطلان العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الاسلامي ومن نقول أهل العلم وأنت وهذه الحالة بالخيار بين:
    1- إما أن تقرّ بأدلتي على البطلان وننتقل لما بعدها ...أو
    2- أن لا تقر بهذه الأدلة ويلزمك حينها الرد بأدلة أخرى ...أو
    3- نفض المناظرة لعدم التقيّد بما سبقها من إتفاق.

    وأما عن قولك...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    وانا أحادثك لا أعلم من أنت وإن كان من المهم ان يعلم الجميع من هم أطراف المناظرة
    فهذه لا تقيّد الا في خانة الحيدات عن المناظرة ..الآن فقط تذكرت أنني سيادة القانون "المعرف" لا فلان بن فلان !! لماذا لم تشترط الأسم الصريح للمناظرة قبل هذا الوقت ؟..على أي حال أكون وعلى أي اسم أكون كل هذا لا يهم الجميع ..هم لا يريدون الا الحق بأدلته لا أسماء الشخوص وسيرهم الذاتية وألقابهم هذه لا تهمهم!.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    إنك تأخذنا بعيدا بعيداً بمطارحة مباحث ستأخذ بالبحث الى مباحث مفروغ منها وسنمل الأخوة الباحثين ونبعدهم عن الزبدة
    فضيلة الشيخ ..لم أخذك بعيداً بل في صلب ما طلبته مني وهو مبحث "الشرعية" وهو مبحث غير مفروغ منه كما تذكر ولو كان كذلك لما عقدنا المناظرة أصلاً ! ولو كان مفروغ منه أيضاًَ ماكان لفضيلتك أن يجعله متصدراً قائمة المباحث بالرقم "1". !
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    في المناظرة السابقة أقررت بمشروعية البدائل وأنت هنا تنقض كلامك
    هذه ايضاً تقيد في سجل الحيدات ، وتصرفنا عن صلب مبحثنا ، ليس هذا موضوعها لك أن تدونها لديك حتى يأتي دورها في جزئية متعلقة بالمبحث القادم "شرعية العقوبات البديلة في التشريع القانوني".
    ختاماً فضيلة الشيخ ..أكرر طلبي بالتقيد بـ اتفاقنا السابق وبما ورد في هذا الرد من "خيارات" حتى لا يضيع الوقت منا هدراً حول أمور محسومة بالإتفاق.
    التعديل الأخير تم بواسطة سيادة القانون ; 17-12-2010 الساعة 04:53 PM
    [frame="1 80"]
    "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"



    [/frame]

  16. #16
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي

    كان رغبتي حفاظاً على عدم التشتت أن يطرح كلا منا رؤيته بدون تعكير بمناقشة التفاصيل . ولكن مادام لك رغبة أن يتم التطارح نقطة نقطة وأن نأكل عنب المناظرة حبة حبة فمن أجل عين تكرم بلد.
    ولذا سأتحدث عن مبدأ الشرعية وعلاقة البدائل بها .

  17. #17
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي




    البدائل ومبدأ الشرعية


    ولفهم هذا المبدأ أنقل شرحاً موجزاً عن هذا المبدأ وعن بعض الإيرادات التي تجعله في حجمه الحقيقي بألا يكون حاكماً على مفهومنا الإسلامي في شرعية العقوبات.


    (مبدأ الشرعية في القانون الجنائي)


    أي مصدر الصفة غير المشروعة للفعل هو نص القانون ويقال لهذا النص التجريم " وهو في نظر القانون الجزائي يشمل قانون العقوبات والقوانين المكملة له والقوانين الجزائية الخاصة . وبالتالي يحدد في كل نص الشروط التي ىيتطلبها في الفعل كي يخضع لهذا النص ويستمد منه الصفة غير المشروعة ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل وبالتالي فان القاضي لا يستطيع أن يعتبر فعلاً معنياً جريمة إلا إذا وجد نصاً يجرم هذا الفعل فإذا لم يجد مثل هذا النص فلا سبيل إلى اعتبار الفعل جريمة ولو اقتنع بأنه مناقض للعدالة أو الأخلاق أو الدين . و أساس هذا المبدأ هو حماية الفرد و ضمان حقوقه و حريته و ذلك بمنع السلطات العامة من اتخاذ أي إجراء بحقه ما لم يكن قد ارتكب فعلا ينص القانون عليه و فرض على مرتكبيه عقوبة جزائية .
    وهذه القاعدة تلتقي بذورها الأولى في مفهوم الشريعة الإسلامية لمبدأ الشرعية فمن القواعد الأصولية في الشريعة الإسلامية أنه : " لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورد النص " أي أن أفعال المكلف المسؤول لا يمكن وصفها بأنها محرمة مادام لم يرد نص بتحريمها ولا حرج على المكلف أن يفعلها أو يتركها حتى ينص على تحريمها ونفهم من ذلك بأنه لا يمكن اعتبار فعل أو ترك جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك فإذا لم يرد نص يحرم الفعل أو الترك فلا مسؤولية ولا عقاب على فاعل أو تارك .
    والمعنى الذي يستخلص من هذا الكلام هو أن قواعد الشريعة الإسلامية تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهذه القاعدة في الشريعة لا تتنافى مع العقل والمنطق و تستند مباشرة على نصوص صريحة في هذا المعنى ومنها : قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) وقوله تعالى : ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياته) و قوله تعالى : ( و إن من أمة إلا خلا فيها نذير) . وغيرها من النصوص قاطعة بأنه لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، وطبقوا هذه القاعدة على الجرائم ولكنهم لم يطبقونه تطبقا واحدا في كل الجرائم حيث طبقوه تطبيقا دقيقا في جرائم الحدود و القصاص بخلاف جرائم التعازير فلم يطبقونه بتلك الصورة والسبب في ذلك أن المصلحة العامة وطبيعة التعازير تقتضي ذلك . وبهذا تمتاز الشريعة على القوانين الوضعية التي لم تعرف هذه القاعدة إلا في عام 1216 في إنكلترا و إن كان هذا المبدأ غير معمول به في انكلترا بالمفهوم المعروف به في الحقوق اللاتينية .
    ففي انكلترا لا يوجد دستور مكتوب ولا قانون عقوبات مكتوب وبإمكان القاضي أن يعتبر أي سلوك لا اجتماعي جريمة و لكن المشرع بدأ منذ أوائل هذا القرن بسن قوانين جزائية خاصة مثل ( قانون القتل –قانون السرقة ) و بالتالي حد من سلطة القاضي في خلق جرائم جديدة. إلا أن النشأة الحقيقة لهذا المبدأ في القوانين الوضعية كان في القرن الثامن عشر حيث ظهر نتيجة للانتقادات الشديدة من قبل الفلاسفة والفقهاء لتسلط القضاة وتحكمهم في الأحكام حيث كان القضاة متأثرين بالنواحي الخلقية والدينية فكان أحكامهم يخلط بين الجريمة الجنائية والمعصية الدينية والرذيلة الخلقية فظهر هذا المبدأ بصورة واضحة في الولايات المتحدة الأمريكية وظهر في إعلان الحقوق عام 1774 وقد عرف هذا المبدأ في قانون العقوبات النمساوي الصادر عام 1787 إلا أنه أعلن لأول مرة بعد قيام الثورة الفرنسية في شرعية حقوق الإنسان عام 1789 ثم نص عليه القانون الفرنسي عام 1810 ثم انتقلت هذه القاعدة إلى غيره من التشريعات الوضعية ثم أخذت به الدساتير و القوانين في العالم ثم أخذت به الأمم المتحدة في البيان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 كانون الأول 1948 .


    ولكن هل يصح الإحتجاج بهذا المبدأ لنسف فكرة نقل تجربة البدائل في المملكة ؟


    1- لا يصح مطلقاً التحجج بمنع نقل تجربة البدائل والإلزام ببدائل السجن في القضاء الجزائي بحجة (مبدأ الشرعية) حيث لا يمكن تقيد سلطة القضاة إلا بوضع نصوص مكتوبة محددة في النظام تنص على الأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها .و لاتوجد حتى هذه الساعة مدونة خاصة أو لوائح خاصة بهذا الأمر فالنظام الجنائي والجزائي من أصله لدينا غير مقنن إلا ما ورد في بعض الأنظمة (كنظام مكافحة المخدرات , والرشوة والجرائم المعلوماتية , ونظام المحاكمات العسكرية , ونظام غسيل الأموال ) .
    2- عدم قدرة المشرع على الإلمام بكافة الوقائع والأفعال: وبالتالي يؤدي إلى جمود القاعدة القانونية، وهو ما يجعلها غير قادرة على مسايرة التطور في المجتمع، حيث أنتقد المبدأ بأنه مبدأ جامد لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع بحيث تظهر أفعال جديدة مخلة بأمن ونظام المجتمع ولم ينص القانون على تجريمه , و يزداد هذا الأمر صعوبة في العصر الحديث حيث خلفت الحضارة الإنسانية المتشعبة و الحياة الاجتماعية,أنه يفسح المجال أمام المجرمين للتهرب من المسؤولية الجزائية حيث أن المبدأ يجعلهم يستفيدون من الثغرات الموجودة في القانون
    3- أضف إلى ذلك أن تقييد سلطة القاضي وعدم قدرته على التوسع في التفسير يجعله عاجزاً عن معاقبة بعض الأفعال التي لا توجد نصوص لتجريمها .
    4- وحيال هذا الوضع نجد العديد من الفلاسفة لديهم آراء في هذا النقد فيرى بعضهم أن التشريع لا يستطيع أبداً أن يحدد بدقة ما هو أفضل وأعدل للجميع
    5- عدم أخلاقية المبدأ بأنه غير أخلاقي، حيث يمتنع عن توقيع العقوبة في حالة عدم وجود النص، وهذا الفعل شكل خطراً على النظام الاقتصادي وسلامة الأفراد في المجتمع.
    6- هذا إلى جانب عدم قدرته على معاقبة الأشخاص الذين لديهم الخبرة الكافية التي تمكنهم من الاستفادة من الثغرات القانونية، والتي عن طريقها يرتكبون بعض الأفعال الجديرة بالحماية الجنائية، ومع ذلك لا تستطيع العدالة معاقبتهم على هذه الأفعال نظراً لعدم وجود نص قانوني صريح لمعاقبتهم.
    11- من الانتقادات التي وجهت للمبدأ تحديده للجريمة والعقوبة دون النظر إلى شخصية الجاني ودوافع ارتكاب الجريمة بل يهتم بدرجة خطورة الجريمة، غير أنه من ناحية الواقعية لا يستطيع المشرع أن يعرف مسبقاً درجة الخطورة بل القاضي هو الذي يستطيع تحديدها من خلال الوقائع، وعليه يرون أن التمسك بهذا المبدأ يجعل القاضي مجرد إله، لذا فإن المبدأ يتعارض ومبدأ تفريد العقوبة، ومن أول المنتقدين للمبدأ أنصار المدرسة التقليدية الذين يؤمنون بمبدأ الجبرية، حيث يرون أن الشخص الذي يحمل بعض الصفات الإجرامية وعوامل نفسية واجتماعية معينة سيكون مجرماً في المستقبل، وعليه فيجب إعطاء القاضي سلطة تقديرية واسعة حسب ظروف كل مجرم ودرجة خطورته.
    12- وأيضا تطبيقه الصارم يؤدي حتما إلى تغليب مصلحة الفرد المجرم على مصلحة الجماعة بحيث يستفيد من الفجوات القانونية التي تعترض التشريع القائم في حين يجب تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد و ذلك باللجوء إلى القياس . وقد عملت العديد من الدول على التخفيف من حدة المبدأ، وذلك بإعطاء سلطة تقديرية للقاضي وإصدار السلطة التنفيذية للقرارات واللوائح خصوصاً فيما يتعلق بالمخالفات، وقد ترتب على ذلك محاولة بعض الدول الخروج عن المبدأ، ومثال ذلك الاتحاد السوفيتي في قانونها الصادر سنة 1926، وألمانيا في فترة الحكم النازي، إلا أنه بعد الموازنة رأت الرجوع للأخذ بالمبدأ .


    النتائج :



    وبعد كل ماسبق هل البدائل عن الجزاء (الأحكام البديلة) تتعارض مع هذا المبدأ ؟
    وللجواب عليه يجب ألا يغيب عن ذهننا هو أن كثيراً من تطبيقات البدائل تتجاوز مفهوم البديل عن العقوبة , فقد تكون من باب الإلزام المشروط قضائياً دخولاً في سلطة القاضي التقديرية في مصلحة العفو عن العقوبة والتخفيف عن الحدود الدنيا من العقوبات المنصوصة بناءاً على الدواع المعتبرة شرعاً ونظاماً في التخفيف .

    وقد يكون من باب التصالح في الجراحات والشجاج على بعض الإلزامات القضائية. بصلح مسقط عن المطالبة بالجزاء بعقد يتصف بصفة الإلزام القضائي يتفق فيه الجاني والمجني عليه أو من يمثلهما شرعاً على إسقاط المطالبة الجزائية عن الجاني بعوض يدفعه الجاني حالاً من ماله للمجني عليه أو وليه أو التزام أدبي أومعنوي يكون كبديل عن مجازاته بالجزاء المعتاد من حبس ونحوه.

    فإذا كانت (الأحكام البديلة) من باب العقوبات كبديل عن العقوبة المعتادة وهو السجن وهذه يجب أن يكون سبب إيقاعها هو النص المجرم أن يكون الفعل مجرماً في الشرع والنظام . فمبدأ شرعية النص المجرم وضرورة أن ولاية القاضي منعقدة فيه الالتزام بهذا الجزء من الشرعية فقد وارد نظاماً حيث جاء في نظام الإجراءات الجزائية في المادة الثالثة: لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور (نص التجريم) ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً (نص عقوبة)وبعد ثبوت إدانته بناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تُجرى وفقاً للوجه الشرعي. وحيث نص نظام الإجراءات الجزائية وهو مايعد مسطرة للإجراءات على عمومية التجريم لنصوص الشرع والنظام فإن البدائل لاتتعارض مع مبدأ الشرعية في نصوص التجريم .
    وبقى جزء من مبدأ الشرعية وهو العقوبة المنصوصة فقد ذكرنا أن القضاء الإسلامي قد طبق هذه القاعدة على الجرائم ولكنهم لم يطبقه تطبيقاً واحداً في كل الجرائم حيث طُبق تطبيقاً دقيقاً في جرائم الحدود و القصاص بخلاف جرائم التعازير فلم يطبق بتلك الصورة والسبب في ذلك أن المصلحة العامة وطبيعة التعازير تقتضي ذلك .
    وقد جاء في نظام الإجراءات الجزائية المادة الأولى : تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنّة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة، وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام . وفي المادة الثالثة: لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً وبعد ثبوت إدانته بناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تُجرى وفقاً للوجه الشرعي.
    وبالتالي عندما يكون لنا ممارستنا القضائية في الشرع الإسلامي تستمد شرعيتها بصفة معينة وتطبيق معين وحدود لصلاحيات القاضي في تقدير العقوبة التعزيرية المناسبة فمن الخطأ إستيراد تطبيقات مبادئ الشرعية وفق المفهوم الغربي وتطبيقه برسمه الحدي على مفهومنا القضائي الخاص .
    فمصدر العقوبات التعزيرية القرآن الكريم ، والسنة النبوية القولية والفعلية ، وإجماع الأمة ، وفي الوقت الذي حددت فيه النصوص ، وفعل الرسول ، وإجماع الأمة أنواع العقوبات المنصوصة (الحدود والقصاص ) فإنها في العقوبات التعزيرية انعقد الإجماع على أن يترك للقاضي اختيار العقوبة الملائمة وتقديرها ، كما ترك للقاضي أن يمضي العقوبة ، أو يوقف تنفيذها حسب المصلحة الشرعية المعتبرة.
    وهو ما أكدت شرعية الاعتماد عليه الأنظمة الأساسية للحكم والأنظمة ذات العلاقة من نظام المرافعات ونظام الإجراءات الجزائية والأنظمة الخاصة في الجرائم الخاصة , وهذه الشرعية في الاعتماد إعتماد شرعية نص التجريم ونص الحظر وشرعية العقوبة عليه سواءاً كان محدداً (الحدود والقصاص)أو غير محدد(العقوبات التعزيرية) .
    وعلى هذا فإن البدائل تكون كعقوبات شرعية ونظامية إذا كانت مقررة بطريقة شرعية لا شك فيها ولاتصادم نظاماً خاصاً في تحديد العقوبة .

    الضربة القاضية :


    لنغلق ملف مبدأ الشرعية مع البدائل إلى غير رجعة هو تعميم صاحب السمو الملكي النائب الثاني /لرئيس مجلس الوزراء رقم 1/ 5/ 42735/ 2س وتأريخ 1/1430هـ الالحاقي لتعميم سموه الكريم رقم 1/5 / 23359/ م ب وتأريخ 10/4/ 1430هـ المشار فيه إلى الأمر السامي الكريم رقم / 2523/م ب وتأريخ 19/3/1430هـ والمتضمن : تشجيع الأخذ ببدائل عقوبة السجن ، المالية والبدنية والاجتماعية ، والتدابير المقيدة للحرية الواردة بوثيقة الرياض ، وغيرها مما يمكن تطبيقه من بدائل ، من قبل المحاكم وجهات القبض والتحقيق والادعاء العام لمتركبي المخالفات لأول مرة .

    فتجربة نقل البدائل وتوسيعها لاقت كل الترحيب من ولاة الأمور ووجهوا باعتماد البدائل كخيار واسع للقضاة عند إصدارهم لأحكامهم الجزائية كمبدأ إعلان سياسي بقبول بوثيقة "الرياض" بشأن التدابير البديلة للعقوبات المقيدة للحرية كوثيقة استرشادية , ولم يخرج نظام محدد لحدود وصلاحيات القضاة بهذا الشأن إلا أنه من الظاهر أن نظام وقف تنفيذ العقوبة في الحق العام وفق مشروطيات معينة سيخدم إتجاه تعميم تجربة البدائل في القريب العاجل.

    وحيث لاتوجد حتى هذه الساعة مدونة خاصة أو لوائح خاصة بهذا الأمر فالنظام الجنائي والجزائي من أصله لدينا غير مقنن إلا ما ورد في بعض الأنظمة (كنظام مكافحة المخدرات , والرشوة والجرائم المعلوماتية , ونظام المحاكمات العسكرية , ونظام غسيل الأموال ) فمن هنا قلت قولتي التي أحسب أنها ستنشد يوماً ما في محاكمنا الجزائية.

    البدائل مسالك لها في الشرع مدارك
    حيث لها في التعزير مظلة وفي سلطات القاضي التقديرية ساحة وفي المصلحة المرسلة باحة وفي فنون الإلزام القضائي دوحة
    فأعلاه البديل عن حياته بقتله تعزيراً وأدناه التأديب ببديله بترك التأديب
    .
    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرالبلوي ; 17-12-2010 الساعة 07:24 PM

  18. #18
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي

    ماهي النقطة الثانية سيادة القانون
    معك فرصة للإنسحاب قبل التحكيم

    نريد تحكيماً للشيخ الدكتور ناصر الداوود في هذه النقطة

  19. #19
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    19-09-2009
    المشاركات
    769

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرالبلوي مشاهدة المشاركة
    ماهي النقطة الثانية سيادة القانون
    معك فرصة للإنسحاب قبل التحكيم

    فضيلة الشيخ ولأنك طلبت مني الحلم فلن أرد على قولك هذا ولا أملك الا أن أقول سامحك الله.

    أما بخصوص ما سردته حول " مبدأ الشرعية في القانون الجنائي" وعن تطبيقاته في كلاً من "إنكلترا والنمسا وفرنسا" وعن " وثيقة الرياض" فهو متعلق في المبحث الثاني "شرعية العقوبات البديلة في التشريع القانوني" وسابق لأوانه وهذا قفز على المحور الأول" شرعية العقوبات البديلة في التشريع الجنائي الاسلامي" والذي يبدو أنه قد أحاط بك إِحاطة السوار بالمعصم و تريد أن تتجاوزه وتجرني الى المبحث الثاني والذي لن اسبح معك في بحره حتى ترد على المبحث الأول نقطة نقطة رد أو أعتزل المناظرة .
    [frame="1 80"]
    "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"



    [/frame]

  20. #20
    عضو فاعل
    تاريخ التسجيل
    12-10-2010
    الدولة
    منطقة جازان - محافظة صامطة
    المشاركات
    72

    افتراضي


    ياصاحبي لا تعجل ولكنها كرة وفرة
    ومناورة نجعل من تعميمات المبادئ ضغثاً يتكسر على واقع الحقيقة الشرعية
    إن
    البدائل مسالك لها في الشرع مدارك
    حيث لها في التعزير مظلة وفي المصلحة باحة فأعلاه البديل بقتله تعزيراً وأدناه التأديب بترك التأديب
    نحو شرعية إسلامية لتعميم تجربة البدائل للعقوبات المقيدة للحرية

    ماهي الأحكام البديلة :


    ظهر في الفقه الجنائي اتجاه توفيقي في شأن العقوبات السالبة للحرية ، وخاصة قصيرة المدة منها , والتي تتصل بحالات الإجرام متوسط الخطورة ، فلا يتجاوز إلى حد المناداة بإلغائها ، ولا يبقي أسيراً لها فيقبلها بحالها دون ما تعديل. فهو اتجاه يعمل على التقليل بقدر الإمكان من مساوئ هذه العقوبة والتخفيف من أثارها الضارة. لذا يدعو هذا الاتجاه إلى استعمال العديد من البدائل العقابية التي تحل محل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة متى كانت ظروف الجريمة وشخصية المجرم توجب هذا.

    فإن رأت المحكمة أن هذا البديل لا يجدي في مواجهه حاله إجرامية معينه كان لها أن تقضي بالعقوبة السالبة للحرية رغم قصر مدتها. فهذه البدائل من قبيل نظم المعاملة العقابية التفريدية (في النظم التشريعية العقابية العالمية) المقررة تشريعياً لتكون بين يدي القاضي ، إن شاء أعملها إذا استدعت ظروف الجريمة ذلك ، وإن شاء قضى بالعقوبة السالبة للحرية أياً كانت مدتها.

    هذا الفقه الجنائي الجديد رآه القضاة والقانونيون المسلمون في العالم فرصة جديدة من جولات إعمال الفقه الإسلامي في المدونات التشريعية العقابية العالمية , حيث دعوا إلى الاستفادة من الإرث التشريعي الإسلامي وضوابط الشريعة في مفهومها التأديبي والردعي وفي الحقيقة فإن هذه البدائل متنوعة ، وسوف نعطي بعض التفصيلات عن تلك الأنظمة التي تعالج البدائل كمنظومة من الممارسة القضائية و التي تعاقبت عليها التشريعات كافة ، والغربية منها خاصة ، على الأخذ بها. في آخر البحث .

    تعريف جامع مانع !!

    الأحكام البديلة عرف كتواضع عرفي إعلامي فضفاض أكثر منه كمصطلح علمي جامع مانع شملت أنواعا كثيرة من التعازير البديلة للسجن وكثير من الإلزامات القضائية ذات الصفة الأدبية والمعنوية والتصالحات الرضائية بين المتخاصمين في الحقوق الخاصة في القضايا ذات الصفة الجنائية.

    أولى المحاولات العربية لتعريف ووصف هذه النمط من الممارسة الجزائية كان في قانون العقوبات القطري حيث جاء في مادة (63 مكرراً): "عقوبة التشغيل الاجتماعي هي إلزام المحكوم عليه بأن يؤدي لمدة محددة عملا من الأعمال المبينة في جدول الأعمال الاجتماعية المرفق بهذا القانون".

    عندما نتحدث عن علاقة الأحكام البديلة أو البدائل بالتشريع الإسلامي المتعلق بالعقوبات فهو ينقسم إلى نوعين :
    1- عقوبات محددة كالحدود . وهذه لا تدخل في حديثنا للتحديد التعبدي فيها فلا يجوز الاستعاضة عن هذه الحدود المقدرة ببدائل تصادم النص لأنها تدخل في تغيير حكم الله البات والقاطع. بل لها تفاصيلها الرائعة من بدائلها الشرعية كبدائل للعقوبة ذات الصفة الخاصة من درء الحدود بالشبهات والتسامح فيما هو من حقوق الله الخالصة وتداخل العقوبات قبل الوصول لولي الأمر والتنفيذ وفق تفاصيل فيها من الرحمة والخير للبشرية.حيث أن من مقاصد الشريعة في جملتها أنها ليست متشوفة إلى إقامة الأحكام بالجملة .
    يأتي رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: قد أصبت حداً فيعرض عنه ، والمرأة تأتي وتقول: أصبت حداً فطهرني ، فيعرض عنه ، قصص ماعز والغامدية معروفة .. فالشريعة ليست متشوفة ومتشوقة إلى أن تقيم الحدود والأحكام ، لكن إذا ثبت الحكم وتقرر فنعم.

    2- النوع الثاني من العقوبات عقوبات غير محددة : وتسمى التعازير : وهذه بابها واسع جداً , وهي أولى مواطن تطبيق الأحكام البديلة أو البدائل فكما قلنا فالتعزير : «وهو التأديب» بكل ما يحصل به الأدب، والأدب هو تقويم الأخلاق، أو فعل ما يحصل به التقويم . والتعزير ليس بواجب على الإطلاق، ولا يُتْرك على الإطلاق، وأن ذلك يرجع إلى اجتهاد الحاكم ولكن لا بد أن يكون منسجماً مع الإطار المرجعي الغني والثري بالفهم المقاصدي للعقوبات في الفقه الإسلامي والذي له ملامحه وإطاراته الفقهية العامة .

    يقول ابن عثيمين رحمنا الله وإياه ورحم والدينا وجميع المسلمين : وعندما يقول بعض أهل العلم: إنه ليس بواجب على الإطلاق، ولا يُتْرك على الإطلاق، وأن ذلك يرجع إلى اجتهاد الحاكم، بشرط أن يكون أميناً؛ وعللوا ذلك بأمور كثيرة وقعت في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وترك التأديب عليها، وبأن المقصود التأديب، وكثير من الناس إذا مننت عليه وأطلقته يكون هذا الإطلاق عنده أكبر من التأديب، ويرى لهذا الإطلاق محلاً، ويمتنع عن المعصية أشد مما لو تضربه، ولهذا سبق في الأسرى في الجهاد أنه يجوز للإمام أن يمن عليهم (( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)) [محمد: 4] حسبما تقتضيه المصلحة، فهذا الرجل إذا أتينا به وقلنا: يا أخي، هذا ما ينبغي من مثلك، وأنت ممن يشق علينا أن نؤدبه أمام الناس، ولكن نظراً لمقامك فإننا نريد أن ننصحك أن لا تعود لمثل هذا، فهذا قد يكون في نفسه أنفع مما لو ضربناه أسواطاً في السوق، وهذا هو الصحيح أنه ليس بواجب على الإطلاق، وأن للإمام أو لمن له التأديب أن يسقطه إذا رأى غيره أنفع منه وأحسن.

    يقول ابن فرحون المالكي في تبصرة الحكام : والتعزير لا يختص بالسوط واليد والحبس , وإنما ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام . قال أبو بكر الطرطوشي في أخبار الخلفاء المتقدمين : أنهم كانوا يعاملون الرجل على قدره وقدر جنايته منهم من يضرب , ومنهم من يحبس , ومنهم من يقام واقفا على قدميه في المحافل , ومنهم من تنزع عمامته , قال القرافي : إن التعزير يختلف باختلاف الأعصار والأمصار , فرب تعزير في بلد يكون إكراما في بلد آخر , كقطع الطيلسان ليس تعزيرا في الشام فإنه إكرام , وكشف الرأس عند الأندلس ليس هوانا , وبمصر والعراق هوانا .
    وقد سقنا كثيرا من الامثلة والادلة على تنوع التعازير فرسول الله صلى الله عليه وسلم عزر بالهجر , وذلك في حق الثلاثة الذين ذكرهم الله - تعالى - في القرآن العظيم , فهجروا خمسين يوما لا يكلمهم أحد , وقصتهم مشهورة في الصحاح . وعزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنفي من المدينة . وكذلك الصحابة من بعده . ومنها : أمره عليه الصلاة والسلام بكسر دنان الخمر وشق ظروفها . ومنها { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحم الحمر الأهلية ثم استأذنوه في غسلها فأذن لهم } . ومنها : أمر عمر رضي الله عنه بهجر صبيغ الذي كان يسأل عن الذاريات وغيرها ويأمر الناس بالتفقه في المشكلات من القرآن , فضربه ضربا وجيعا ونفاه إلى البصرة أو الكوفة , وأمر بهجره فكان لا يكلمه أحد حتى تاب وكتب عامل البلد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبره بتوبته فأذن للناس في كلامه . ومنها : تحريق عمر المكان الذي يباع فيه الخمر . ومنها تحريق عمر قصر سعد بن أبي وقاص لما احتجب فيه عن الرعية وصار يحكم في داره . ومنها : مصادرة عمر عماله بأخذ شطر أموالهم فقسمها بينهم وبين المسلمين . فكما ذكرنا فإن العقوبات التعزيرية بجميع أنواعها يرجع أمر تعيينها وتقديرها وتقريرها إلى اجتهاد القاضي المستند إلى النظر المصلحي الذي يناسب الواقعة والفاعل والمجتمع والزمان والمكان.

    مواطن أخرى لإعمال الأحكام البديلة :


    1- الأحكام البديلة بإعمال الضوابط في فقه الحدود في تحديد الأصلية والبدلية ودرء الحدود بالشبهات والتعازير من حيث تقدير العقوبة التعزيرية وضوابط تداخل العقوبات.
    2- الأحكام البديلة ودخولها في الإلزامات القضائية المعنوية والأدبية وأحكام التصالح في القصاص والجروح والجنايات والشجاج.
    3- الأحكام البديلة ودخولها في الإنتقال التقديري للقاضي إلى معالجة أسباب الخصومات والجرائم بإلزامات شبيهة بالإلزامات الحسبية في الإسلام.
    4- الأحكام البديلة ودخولها في السلطات التقديرية للقضاة في حد العقوبة الأعلى والأدنى والنزول عن الحد الأدنى لدواع معتبرة.
    5- الأحكام البديلة في الإلزام القضائي في رعاية مصلحة معتبرة .
    6- الأحكام البديلة عندما يصدر فيها أنظمة تخول الجهات التنفيذية بالعفو واستبدال العقوبة الصادرة بحكم قضائي دون الرجوع للقضاء.

    أولى المحاولات العربية الجادة كانت في قطر حيث صدر نظام في عقوبة التشغيل الإجتماعي أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2004. ونص القانون على أن يتضمن التعديل إضافة نوع جديد من العقوبات يسمى التشغيل الاجتماعي وهو عبارة عن أعمال اجتماعية يكلف بها المحكوم عليه وفق ضوابط وإجراءات معينة وذلك بديلاً عن العقوبات العادية (الحبس والغرامة) وتحكم المحكمة بهذه الإجراءات بناء على طلب النائب العام وفي الجرائم المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تزيد على ألف ريال , كما أصدر سموه قانونا بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم (23) لسنة 2004 . ونص القانون على أن يتناول هذا التعديل بعض الإجراءات المتعلقة بتطبيق عقوبات التشغيل الاجتماعي التي صدر بشأنها تعديل قانون العقوبات . وقضت التعديلات بأن تكون مدة العقوبة 12 يوماً بناء على طلب النيابة العامة من المحكمة ، ويكون التطبيق في الجنح المعاقب عليها بالحبس سنة والغرامة بحد أقصى ألف ريال ، وبواقع 6 ساعات عمل يومياً للمحكوم عليه، ويحدد النائب العام طريقة التنفيذ . كما تقضي التعديلات بحبس المحكوم عليه الممتنع عن تنفيذ العقوبة أسبوعاً عن كل يوم يمتنع فيه عن التنفيذ ، فيما يحدد النائب العام جهات قضاء العقوبة ويجوز للنيابة العامة تأجيل التنفيذ أواتخاذ تدابير منع المحكوم عليه من الهرب خلال التنفيذ.


    التعزير بالإلزام في الخدمة العامة والأعمال التطوعية والأعمال التعبدية :


    الله تعالى قد أمر بالتطوع، وحثّ عليه في عدة مواضع حيث يقول: { وّتّعّاوّنٍوا عّلّى الًبٌرٌَ والتَّقًوّى ولا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ واتَّقٍوا اللَّهّ إنَّ اللَّهّ شّدٌيد الًعٌقّابٌ (2) } (المائدة) ليأمر بالتعاون على أعمال الخير وتجنب أعمال السوء، وهو ما يشير إلى مفهوم العمل التطوعي، وكذلك يقول سبحانه وتعالى: { فّمّن تّطّوَّعّ خّيًرْا فّهٍوّ خّيًرِ لَّهٍ } (البقرة: 184) وفي هذا المعنى دلالة على عظم أمر العمل التطوعي في الإسلام، كما حث الله على الإنفاق المادي - أحد صور التطوع - في غير ما موضع من القرآن الكريم حيث يقول جل وعلا: { إنَّمّا نٍطًعٌمٍكٍمً لٌوّجًهٌ پلَّهٌ لا نٍرٌيدٍ مٌنكٍمً جّزّاءْ ولا شٍكٍورْا (9) } (الإنسان) وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على أعمال التطوع والأعمال الخيرية في الكثير من المواضع، منها قوله صلى الله عليه وسلم في امتداح المتطوعين: «إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير، وحبَّب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة»، وفي ذلك دلالة على عِظم أجر التطوع الذي ينجي من عذاب النار في يوم المشهد الأعظم، وهنا نلاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد فئة معينة للاستفادة من الأعمال الخيرية؛ ولكنه ذكر كلمة «الناس» وفي ذلك دلالة على أن الإسلام يأمر بتقديم المساعدة والعون للجميع وليس لفئة المؤمنين أو من ينتمي للدين الإسلامي فحسب؛ لأن الدين الإسلامي دين شامل عالمي. ويقول صلى الله عليه وسلم : (( لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة)) .

    رؤية إستنبطتها لهذا الفقه التوفيقي

    عند النظر في ممارسات السلوك الإجرامي نلاحظ أن الجاني عندما يقع في جنايته وجرائمه فإنه يحاول الضرر بالسلم الإجتماعي والأمن العام والتي تحاول الدولة ومؤسساتها والمجتمع مؤسساته الأهلية ترسيخه , فاقتضت تجربة البدائل في أن تتم معالجة سالب هذه الأمان الإجتماعي (الجاني) بجعله شريك آخر يساهم مع الدولة والمجتمع في المواجهة والتصدي لتلك المشكلات ، فجاءت فكرة أن يفتح باب التطوع بصفة إلزامية (على الجاني) ليساهم في توفير فرص خدمة اجتماعية تقدم بشكل طوعي ملزم ومن خلال جمعيات ومنظمات متخصصة تستقطب تلك الفئات وتقوم بتدريبها وتأهيلها وتهيئتها للإنخراط في الخدمات العامة .

    ترجع أهمية هذه الصيغة الإلزامية بالتطوع ليس لكونه عملاً يسد ثغرة في نشاط الدولة والهيئات الاجتماعية فقط بل أهميته الكبرى تكون في تنمية الإحساس لدى (الجاني) المتطوع ومن تقدم إليه الخدمة ( المواطن ) بالانتماء والولاء للمجتمع ، وتقوية الترابط الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة والذي اهتز (بجناية الجاني) , فكانت نظرية رائعة في تغذية راجعة إيجابية تعوض النقص السلبي الذي يقوم به الجاني تجاه مجتمع , إضافة إلى إن التطوع يكون لوناً من ألوان المشاركة الإيجابية ليس في تقديم الخدمة فقط ولكن في توجيه ورسم السياسة التي تقوم عليها تلك المؤسسات الاجتماعية ومتابعة تنفيذ برامجها وتقويمها بما يعود على المجتمع ككل بالنفع العام ممايشعر الجاني بأهمية كيانه وفيه يجد ذاته في قمة الشعور والاعتداد بالذات الإيجابة .

    وإشعار الراغب في الجناية في ذاته هو سر في تعديل سلوك الجاني وهو مايظهر في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي إستئذن بالزنى: فعن أبي أمامة قال: (إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه و قالوا: مه مه ! فقال: أدنه، فدنا منه، قريبًا قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: و لا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: و لا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: و لا الناس يحبونه لأخواتهم ،قال:أفتحبه لعمتك، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: و لا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك ؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه و قال: اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه و حصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء) [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (370)].

    فانظر كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الشاب، لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى الرغم من قباحة فكرة الشاب، والتي أثارت الجالسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاولوا زجر الشاب وإسكاته، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من الشاب أن يقترب منه (إشعار بالذات) في المجلس ، وهنا نفهم دلالة المسافة بين الأشخاص، فقرب المسافة يُمكِّن من توفير جو مناسب للحوار، أما المسافة البعيدة فهي لا تصلح إلا لإملاء الأوامر وإصدار التعليمات، وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم الحوار الهادئ وهي ممارسة رائعة لإشعار الشاب بكيانه فهذا قائد الأمة يحاوره ، والملفت للنظر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُذكِّر الشاب بآيات وأحاديث في تحريم الزنا، فالشاب لا يجهل حرمته، ويريد من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبيح له حرية الزنا، وإنما استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم مع الشاب ما يمكن أن نطلق عليه "المنطق الاجتماعي" " ودوره في الأمن الإجتماعي" القائم على أساس عدم تقبل أي إنسان أن يفرط في عرض أمه أو أخته أو عمته) .

    مستندات وأدلة لمشروعية الإلزام بالتطوعات والقرب والخدمة كبديل عن عقوبة الحبس

    1- من الأدلــة التي يُستند إليها في القول بمشروعية التعزير بالإلزام بالأعمال التطوعية ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أسارى غزوة بدر الكبرى من المشركين حيث طلب منهم تعليم أبناء المسلمين الكتابة بدلاً من دفع الفداء المالي، فقد جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن عباس وحسنه شعيب الأرناؤوط ولفظه: كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.فهذا الحديث وإن كان ليس بصريح في الدلالة على المسألة التي نحن بصددها إلا أنه يفيد بأن استبدال العقوبة المالية (وهي مبلغ الفداء هنا) بعمل يخدم فئة من المجتمع (وهو تعليم الكتابة للصغار هنا) له أصل في الشريعة الإسلامية من فعل النبي فلا مانع بناءً عليه في التعزير بذلك وأمثاله إذا كان فيه مصلحة.

    2- الأحكام البديلة تدخل في تلك الإلزامات القضائية الشبيهة بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا"، لمن قد أرخص في السعر،ليشق على التجار ويوقع بهم الضرر، ويلحق بهم المشقة والعنت؟!

    3- القياس على الكفارات فقد جعل الشارع منها زواجر بأعمال تعبدية محضة كـ الصوم .فالمقصود بالكفارة في الشرع فهي ما يقوم به المذنب من عتق أو صيام أو إطعام، (واستعملت الكفارة كعقوبة أصلية في القتل الخطأ وتأخذ صورة عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وبالتالي يكون الصوم عقوبة بدلية إذا امتنع تنفيذ العقوبة الأصلية والكفارة في جميع صورها عقوبة ذات طابع مالي وقد تكون مصاحبة لعقوبة مقدرة كالدية في القتل الخطأ وقد تكون مصاحبة لعقوبة غير مقدرة وهي التعزير.

    4- القياس على الجزاء لمن ترك أفعال الإسلام الظاهرة كان يترك قوم الصلاة في الجماعة أو إقامة الأذان أو الامتناع عن الزكاة , فمن يمتنع عن أداء الزكاة بخلاً سلزم بأدائها وغرامة شطر مالة )) إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا)) .. هي عبادة ويشترط لها النية .. ومع ذلك لقد ألزمناه قضاءاً ونيته بينه وبين ربه. يقول إبن عثيمين رحمه الله تعالى قوله: «يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوْهُمَا» ، والذي يِقاتِلهم الإمام إلى أنْ يُؤذِّنُوا، وهذا من باب التعزير لإقامة هذا الفرض، وليس من باب استباحة دمائهم، ولهذا لا يُتْبَع مُدْبِرُهم، ولا يُجْهَزُ على جَريحِهم، ولا يُغْنَمُ لهم مالٌ، ولا تُسْبَى لهم ذُرِّيَّة؛ لأنَّهم مسلمون، وإنما قُوتلوا تعزيراً، ودليل ذلك: أنَّ الأذان والإقامة هما علامة بلاد الإسلام، فقد كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إذا غزا قوماً أمسك حتى يأتيَ الوقتُ، فإن سمعَ أذاناً كَفَّ، وإلا قاتلهم[(78)]. فهما من شعائر الإسلام الظَّاهرة. وقوله: «تركُوهُمَا»، يحتمل تركوهما جميعاً، أو تركوا واحداً منهما. فإن تركوهما أو تركوا الأذان فقتالهم ظاهر؛ لأن الأذان من العلامات الظَّاهرة، وإن تركوا الإقامة يحتمل أن يقاتلوا؛ لأنَّها علامة ظاهرة، لكنَّها ليست كالأذان؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصَّلاة»[(79)].

    5- أن في الإلزام بها معنى تربوي لصلاح حال المخطئ حيث ممارسة العبادات التي تهذب الروح والجسد . كما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) (هود/114). قال الرجل: يا رسُول الله ألي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلِّهم)). متفق عليه.


    6- أن فيها معنى الإلزام بالخدمة العامة والتطوعات والقرب فيه من المشقة وهو مراد لمعنى الردع والتاديب في فرض المشقة وتقييد الجاني بأحوال تعوقه من الحرية الكاملة.
    7- القياس على إلزام القضاة للمتخاصمين بفعل الواجبات وأداء الحقوق فإلزام الزوجة بخدمة زوجها وإلزام الزوج بالنفقة الشرعية لزوجته وأبنائه وإلزام الإبن بخدمة أبيه كلها من جنس الأعمال التطوعية والقرب .

    8- هناك الكثير من الوقائع لقضاة الإسلام أعملوا فيها كثيراً مانطلق عليه في عصرنا هذه بالأحكام البديلة :

    أ*- جاء في أخبار القضاة لوكيع قال الزبير: القاضي بالمدينة هو محمد بن عبد الله، وأخوه أبو بكر ولي قضاء بغداد، وهو أشبه عبد العزيز بن المطلب عزل أبو جعفر زياد بن عبيد الله الحارثي سنة إحدى وأربعين ومائة، واستعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسري، واستقضى عبد العزيز ابن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي؛ قال أبو بكر: وكان عبد العزيز ابن المطلب من جلة قريش، وذوي أقدارهم. قال الزبير، أخبرني شيخ من قريش؛ قال: كان عبد العزيز بن المطلب لا يستشير أحداً، فأرسل يوماً إلى مالك بن أنس؛ فقال: زعم الأعرابي أنه لا يستشير، فلما خرج مالك سألوه؛ استشارك? قال: لا بل استعداه علي رجل من أهل خراسان، وقال: سرت أشهراً لا ينزعني إلا مالك، فأبى أن يحدثني، ونحن لا نرضى بالعرض، فقضى علي أن أحدثه، قلنا لمالك وذاك الحق عندك ? قال نعم.

    ب*- وعن مطرف الأصم قال: قدم هرون المدينة ومعه أبو يوسف فبعث إلى مالك بن أنس: يأمرك أمير المؤمنين أن تخرج إليه، فكتب إليه مالك يا أمير المؤمنين إني رجل عليل فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب إلي بما أراد فعل، فأراد أن يكتب إليه، فقال له أبو يوسف ابعث إليه حتى يجىء إليك فبعث إليه فجاءه في دار مروان وقد هيئ لكل إنسان مجلس فهيئ لمالك مجلسه الذي له فقال له أبو يوسف: ما ترى في رجل حلف ألا يصلي نافلة أبداً، قال يضرب ويحبس حتى يصلي.

    ت*- التعزير بإسقاطه من اسم القبيلة من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد نشير إلى مذكرتكم المرفقة رقم 2268/6 في 5/7/86 المعطوفة على ما تقدم به شيخ وأعيان قبيلة السيابيل بطلبهم اسقاط المدعو .... من قبيلتهم لأنه من الأشخاص الغير مرغوب فيهم ... إلخ .
    ونفيد سموكم أنه بتأمل خطاب فضيلة رئيس محكمة الطائف المرفق رقم 553 في 4/3/86 المتضمن أنه طالما أن المذكور سيرته غير حسنة ووقد تعدد منه الجرائم المذكورة في خطاب شرطة الطائف بهذا فإن المحكمة لا ترى مانعاً من إجابة طلب القبيلة إسقاطه من عدادهم وعدم اعتباره كأحدهم في أمور القبيلة كجزاء أدبي له .اه. رأينا الموافقة على ما قرره من باب التعزير ، ما لم يتناول ذلك أمراً مما تقتضيه الأمور الشرعية ، وأن يكون هذا إجراء مؤقتاً ، ومتى تحسنت حالة الشخص وطابت سيرته رد إليه هذا الاعتبار الأدبي . والله يحفظكم . فتاوى ابن ابراهيم (12/131)

    ث*- ( 4131- إذا كان الخصم سيء إلادب مع القاضي ) من محمد بن إبراهيم إلى قاضي محكمة الزلفى الثانية ) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فنشير إلى خطابكم المرفق رقم 31 في 19/1/88هـ الذي ذكرتم فيه من سالم ........ انه سيء الأدب والسلوك في المحكمة وانه نظراً لتماديه في ذلك وتعديه بالكلام تأخذون وابنا حول منعه من اقامة الدعوى بنفسه وان يقيم وكيلا عنه, سواء كان مدعي او مدعي عليه فتاوى ابن ابراهيم (12/356)

    ج*- فقد جرى الإطلاع على المعاملة المرفوعة إلينا منكم رفق خطابكم رقم 878 وتاريخ 3/8/84هـ بخصوص استرشادكم عمن يتعمد المشاغبة وإلاضرار بغيرة عن طريق المداعاة وما تستلزمة المداعاة من نفقات السفر وإلاقامة لما ونحوه ونقيدكم أن للحاكم الشرعي ألاجتهاد في مثل هذه الأمور وتقرير ما يراه محققا للعدل منيلا للظلم والعدوان زاخرا من يعتمد الإضرار بإخوانه المسلمين وداعا غيره ممن تسول لهم أنفسهم ذلك وفي مثل هذا قال في إلاختيارات ص 136 ومن مطل صاحب الحق حقه حتى احرجه إلى الشكاية فما غرمة بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل إذا كان غرمة على الوجه المعتاد وبالله التوفيق والسلام عليكم فتاوى ابن ابراهيم (12/358)

    9- الأخذ بالقاعدة المعروفة في الشريعة الإسلامية وهي: (جلب المصالح وتحصيلها ودرئ المفاسد وتقليلها)، وقال الفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- عند استدلاله على مشروعية التعزير عموماً (أما الأدلة العامة فهي أن الشريعة جاءت مبنية على تحصيل المصالح، وتقليل المفاسد، وهذه القاعدة متفق عليها، ومن المعلوم أن في التعزير تحصيلاً للمفاسد وتقليلاً للمفاسد ، يقول الله – عز وجل – مقرراً هذه القاعدة : " ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون" ويقول : "أليس الله بأحكم الحاكمين". ومن المصالح المترتبة على التعزير على سبيل المثال ما يلي:
    1- باعتبار أن التعزير بالسجن أكثر العقوبات التعزيرية تطبيقاً فإن استبداله بالأعمال التطوعية سيضع حداً لما يحصل في كثير من السجون نتيجة خلط السجناء مع بعضهم مع الاختلاف في نوع الجريمة ، وخاصة فئة الأحداث من اكتساب مهارات في الإجرام وطرقه.
    2- تدريب الجاني على العمل عموماً وتقبله له، مما يؤدي إلى رفع همته وانتشال نفسيته التي قد تكون محبطة نتيجة البطالة، بل قد تؤدي به هذه العقوبة إلى البحث عن فرصة عمل بعد انتهاء محكوميته.
    3- تدريب الجاني على العمل التطوعي بخصوصه، وإكسابه المهارة اللازمة لذلك.
    4- إفادة المجتمع والجهات الرسمية وغير الرسمية المناط بها أدوار خدمية عامة بتوفير عدد من الأفراد المتطوعين في خدمة المجتمع.
    5- دمج الجاني بالمجتمع حال خدمته له بالأعمال التطوعية بدل عزله بالسجن أو النفي أو نحو ذلك مما سيجعل عودته إلى المجتمع وانسجامه معه بعد انتهاء محكوميته أمراً سهلاً ، ودون أثر نفسي يذكر.
    6- زجر وردع سائر أفراد المجتمع عن ارتكاب الجريمة، وذلك حينما يشاهدون العقوبة تطبق أمامهم في المرافق العامة بجدية وانضباط.
    7- تخفيف الازدحام الحاصل في كثير من السجون، وذلك باعتبار أن التعزير بعقوبة السجن هي من أكثر العقوبات التعزيرية تطبيقاً في العالم.
    8- الحد من الأعباء المالية التي تتحملها الدول نتيجة تنفيذ عقوبة السجن التي تعد الأكثر تطبيقاً.

    القول الثاني في الإلزام بالتطوع وبالقرب فهناك من يرى منع إيقاع العقوبة التعزيرية بالعبادات المحضة كالصلاة والزكاة : 1ـ أن ذلك قد يكون سببا للنفرة من العبادات وطريقا لكرهها . 2ـ أن هذه الأعمال تحتاج وتفتقر إلى النية المصاحبة لها ليتم قبولها وتتحقق صحتها. 3ـ أن هذه الأعمال ليس فيها معنى العقوبة.

    وأما التنفيذيات فإني سأرجئ طرحها حتى يكتمل ملف البحث بمصاده ومراجعه وسأهديه لمركز قضاء كبركة من بركاته وبركات منشئة أطال الله عمره على الخير وبذل النفس والمال لخدمة القضاء الإسلامي في وطننا الغالي.
    علماً بأنه كثير من الأحكام البديلة التي حكمت بها وحرصت ان تكون نوعية فقد وجدت طريقها إلى واقع التنفيذ شاركت فيها عدة جهات حكومية من إمارة منطقة جازان ووحدة مكافحة المخدرات بصامطة وجازان والجمعيات الخيرية وفرع وزارة الصحة . ولايصح بحال التحجج بنجاح مثل هذه الأحكام هو جهل جهات التنفيذ أو عدم وجود هيئات التحقيق والإدعاء العام أو بكون المحكوم عليه يقع في منطقة نائية فكثير من هذه الأحكام تأخذ طريقاً طويلاً مرورا بكثير من المتخصصين تصل في النهاية بأمارات المناطق للتوجيه بتنفيذها حسب الأنظمة.
    لقد كان حكم بديل أعتبره من النماذج المثالية :
    نموذج لحكم بديل عن الحبس لمحظور تركي حكمت عليه بساعات عمل تطوعية إلزامية بدون أجر في مخيم النازحين من الأحداث الجنوبية بالعمل في القطاع الصحي حيث كان يعمل في الوحدة الصحية فشكلت له لجنة إشرافية من المحكمة والمحافظة وإدارة السجون تابعت عمله اليومي في المركز الصحي في المخيم والذي يبدأ مساءاً بعد عمله النظامي .
    المفاجئة الرائعة هي النجاح التام وتنفيذ العقوبة البديلة بنجاح . هل يحق لي أن أقول : الله أكبر .
    أقول هذا لأبرهن لمن يتعذر بعدم التوسع في البدائل بعدم وجود الآلية التنفيذية بأن هذا حاجز وهمي وفرضية ذهنية ليس أكثر.
    وبعد أن شغفت بهذا المشروع كمشروع عمري أحاول أن أنقل هذه التجربة وأمارسها في ميداني القضائي , بذلت فيه الكثير من الإجتهاد وكانت أحياناً الأحكام تتعرض للنكسات بسبب الإهتمام الإعلامي الغير دقيق هذا غير مواقف الإستهزاء والتنقص من البعض , ولكن مع هذا هو تحدٍ أراه وبوعي زملائي القضاة تجاوزنا فيه كثير من العقبات .
    وقريباً سنطرح مثل هذه التجارب الفردية ليكون حساً منهجياً في القضايا الخاصة , وبلاشك إن طموحنا هو دعم هذا الفقه التوفيقي بلوائح وآلية تنفيذية تقلل التعثر وتحصر حدود الإجتهادات المختلفة .
    ليتمم رؤية ولي أمرنا في التوسع ببدائل السجون والذي تم تعميمه بتعميم صاحب السمو الملكي النائب الثاني /لرئيس مجلس الوزراء رقم 1/ 5/ 42735/ 2س وتأريخ 1/1430هـ الالحاقي لتعميم سموه الكريم رقم 1/5 / 23359/ م ب وتأريخ 10/4/ 1430هـ المشار فيه إلى الأمر السامي الكريم رقم / 2523/م ب وتأريخ 19/3/1430هـ والمتضمن : تشجيع الأخذ ببدائل عقوبة السجن ، المالية والبدنية والاجتماعية ، والتدابير المقيدة للحرية الواردة بوثيقة الرياض ، وغيرها مما يمكن تطبيقه من بدائل ، من قبل المحاكم وجهات القبض والتحقيق والادعاء العام لمتركبي المخالفات لأول مرة .
    ظني انه لا يغيب عن الكثير أن البدائل هي معالجات خاصة لحالات فردية قد لا يصح تعميمها لدواع كثيرة معتبرة أثناء النظر القضائي. فهناك دواع الحسم والجرائم الجسيمة التي تتطلب حكماً رادعاً لكل من تسول له نفسه العبث بحياة وأمن الآمنين.
    ودمتم بود ودامت أفضال الله الكريم المتعال وأبعد عنا مواطن ظلم النفس وظلم الآخرين


    التعديل الأخير تم بواسطة ياسرالبلوي ; 17-12-2010 الساعة 08:57 PM

صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على الموضوعات
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Keep Track of Visitors
Stats Counter

IP