خطت المملكة خطوة جديدة نحو الإصلاح والتطوير للبيئة التشريعية، وذلك بإعلان سمو ولي العهد عن تطوير منظومة التشريعات المتخصصة، واستحداث الأنظمة الأربعة: مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات.

ويُعد ذلك الاستحداث موجة جديدة من موجات التطوير والإصلاح المجتمعي التي توليها القيادة الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان (حفظهما الله)، كل الاهتمام والعناية؛ بما يعزز تنافسية السعودية عالميًا.

إدراك القيادة العميق

وأظهر الإعلان عن تطوير منظومة التشريعات الإدراك والتفهم العميق لولي العهد لحاجة البيئة التشريعية الملحة إلى التطوير والإصلاح بما يتفق مع الشريعة الإسلامية وقيم المملكة. فبحسب ما صرح به ولي العهد فإن الأنظمة الأربعة "ستمثل موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام، ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة؛ كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوح حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحد من الفردية في إصدار الأحكام".

كما أن عدم وجود مثل تلك التشريعات أدى إلى تباين في الأحكام، وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات؛ ما أدى لطول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، وتسبب في مشاكل وآلام للكثير من الأسر السعودية، وعدم تحقق العدالة بالشكل الكافي في بعض الأحيان، وتفويت الفرصة على صاحب الحق من الاستفادة الكاملة بحقه المسلوب، وهو الأمر الذي يؤثر بالسلب على تنافسية المملكة عالميًا.

ويحسب للجنة الخاصة التي شُكلت تحت اسم "اللجنة الرئيسة لإعداد التشريعات القضائية"، وتكونت من العديد من الكفاءات الوطنية، توحيد الجهود الرامية لصياغة مشروعات أنظمة محكمة في وقت قياسي وفق أفضل أساليب الحوكمة في العمل التشريعي.

كما أخذت اللجنة بأحدث الأنظمة والتطورات والتطبيقات القانونية والممارسات الدولية الحديثة في القضاء، بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومع مبادئ المملكة وقيمها أثناء إعداد تلك التشريعات الجديدة؛ حيث ستؤدي إلى ضمان الحقوق، والقضاء على التجاوزات، والحد من أسباب المنازعات، وتعزيز سرعة الفصل فيها، مع تعزيز القدرة على التنبؤ بالأحكام.

ومن المنتظر أن تصدر تلك التشريعات تباعًا خلال العام الجاري، وذلك بعد أن تأخذ طريقها في الدراسة في إطار السلطة التنظيمية في مجلسي الشورى والوزراء وفق أطر زمنية محددة، في ممارسة تعكس دولة المؤسسات والقانون وتعزز مكانة التشريعات في المملكة.