code

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حكمت المحكمة 1 ( الحضانة )

  1. #1

    افتراضي حكمت المحكمة 1 ( الحضانة )

    [b]بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
    الإخوة الكرام الفضلاء النبلاء ، في هذا الموضوع نحاول عرض قضية من القضايا القضائية ذات الاتجاهات المختلفة والاحتمالات المتعددة ، ونعرض فيها لوقائع الدعوى وحجة المتداعيين ، ونترك لرواد المنتدى من أهل الاختصاص كالقضاة الفضلاء أو المحامين النبلاء ترجيح أحد الوجهين واختيار أحد الرأيين وكأن القضية منظورة بين يديه ليحكم فيها ، فبماذا سيحكم يا ترى ؟ّ!!!
    الوقائع : تزوج رجل من امرأة وأقاما في مدينة الرياض ورزق منها بأربعة أبناء ، وقدر الله تعالى أن ذهب بها ذات مرة لأهلها في مدينة الطائف لتزورهم ، ثم لما عاد ليصطجبها وأطفالها للعودة إلى الرياض ، فوجيء بها ترفض العودة معه ـ بضغوط عائلية وتصفية حسابات شخصية ـ ، فسلموه أطفاله ما عدا الرضيع ذا العامين وباءت كل محاولات الإصلاح بالفشل ، وانتهت العلاقة بين الزوجين بالطلاق ، وبقي الأبناء مع أبيهم باستثناء الرضيع فقد طالب والده باستلامه وحضانته ولكن الأم امتنعت عن تسليمه إياه وبقي معها في الطائف .
    ثم بعد سنتين أقامت الأم دعوى على طليقها تطلب إلزامه بدفع نفقة حضانة الطفل المحضون من تاريخ امتناعه عن تسليمه لوالده ، فرفض الأب دفع أي نفقة لها .
    ثانيا : حجة المدعى عليه في الامتناع :
    1ـ أن المقرر عند فقهاء المذهب ـ وهو محل اتفاق بينهم ـ أن الأم إذا انتقلت وسافرت إلى مكان آخر فالحضانة للأب ، وهذا منصوص عليه في عمدة كتب الحنابلة كالمغني وشرح المنتهى والروض المربع .
    2 ـ فإذا تقرر أن الحضانة للأب بسبب سفر الأم وانتقالها عن مكان العش الزوجي ، فإن الأم تكون مغتصبة لحق الأب في الحضانة .
    3 ـ من القواعد القضائية المقررة أن ( ما ترتب على غير المأذون فهو غير مضمون) ، واستيلاء الأم على حق الأب في الحضانة غير مأذون فيه فلا تستحق شيئا من النفقة .
    4 ـ من القواعد المقررة قضاء أن (الفرع تبع لأصله ) واستحقاق الأم لنفقة الحضانة فرع عن استحقاقها لحضانة الطفل ، وهي لا تستحق حضانة الطفل فلا تستحق النفقة تبعا لذلك
    5 ـ على فرض التسليم باستحقاقها لنفقة الحضانة فتكون من تاريخ إقامتها لدعوى المطالبة بها ، لأن مأ أنفقته قبل المطالبة يعتبر تبرعا منها
    ثالثا : حجة الأم في المطالبة بالنققة :
    1 ـ عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( أنت أحق به ما الم تنكحي ) ، ووجه الدلا لة ظاهر حيث أثبت النبي صلى الله عليه وسلم الحق في الحضانة للأم ولم يسقطه عنها إلا بالزواج فقط دون السفر لبلد آخر .
    2 ـ أنها أنفقت على الطفل من حيث استلامها له بنية الرجوع على والد الطفل ، ومستعدة بحلف اليمين على أن ابنداء نية الرجوع ليس من تاريخ إقامة الدعوى بل من تاريخ استلام الطفل وتسليم بقية الأطفال لأبيهم .
    فتحصل مما تقدم أن محل النزاع في هذه القضية ينحضر في أمرين :
    أ ـ هل تستحق المرأة نفقة عن حضانة الطفل
    ب ـ على فرض القول باستحقاقها للنفقة فمتى يبدا هذا الاستحقاق
    أخي الكريم : لو كنت قاضيا بماذا ستحكم ؟!!
    إذا جاءتك الطعنة من الخلف ، فاعلم أنك في المقدمة
    الجواهر تختبيء في قاع البحر، والجيف تطفو وتبرز على السطح

  2. #2
    ناصر بن زيد بن داود

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1

    أخي الكريم :
    = إن استحقاق الأب للحضانة عند سفر الأم مقرر عند الحنابلة وغيرهم ، لكنه ليس الراجح من أقوال أهل العلم .
    = اغتصاب الأم لحق الأب في الحضانة ليس سبباً في تغريمها نفقة الحضانة . بل هي سبب لجواز منازعتها ذلك الحق لدى المحكمة ، وترك الأب حقه في المطالبة إسقاط .
    = ينبغي التفريق بين نفقة المحضون وأجرة الحاضن ، فالأم المغتصبة حق الحضانة لا أجرة لها ، أما نفقة المحضون فهي واجبة على الأب بنص الكتاب العزيز .
    = إنفاق المراة على وليدها - بنية الرجوع - سبب استحقاقها لعوضه بيمينها من تاريخ بدء الإنفاق ، لا من تاريخ المطالبة ، ولو كان الأب منصفاً ما ترك ابنه بغير نفقة لدى مطلقته .
    بل الواجب عليه أحد أمرين :
    1/ مطالبة الأم بحضانة ولده ؛ إن أصر على التشبث بحقه فيه .
    2/ الإنفاق عليه من حين تركه في حضن أمه ، فالأصل في الأموال المعاوضة لا التبرع .
    أخي الفاضل :
    الحق : أن تقدر النفقة الواجبة على المحضون فقط ، وتسلم للأم ، ولا ينظر لما زاد عن الواجب ، ولا تعطى الأم أجرة على حضانتها عند غير ذوي المروءات . والله أعلم

  3. #3

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1

    الشكر لك يا دكتور ناصر على سرعة تجاوبك وتفاعلك مع الموضوع ، ولكن هناك بعض الاستشكالات على إجابتك أود منك لطفا لا أمرا تجليتها :
    أولا : ذكرت أن القول باستحقاق الأب الحضانة لسفر الأم ليس براجح ، فما هو القول الراجح من وجهة نظرك وما مستنده
    ثانيا : قولك يا دكتور (ترك الأب حقه في المطالبة إسقاط ) ، هذا كلام موهم كما لا يخفى على فطنة فضيلتك فليس كل ترك للمطالبة يعتبر إسقاطا للحق كما لا يخفاك فهلا جليت لنا الأمر بشيء من التفصيل
    ثالثا : القول باستحقاق الأم للنفقة من حين بدء الانفاق وليس من حين المطالبة مشكل من ناحية أن المقرر قضاء أن التصرف غير المأذون فيه شرعا لا تترتب عليه آثاره ، ولا يجب ضمانه ، تماما كسائر تصرفات الغاصب الحكمية ،فلو غصب رجل ناقة آخر ثم أنفق عليها حتى سمنت وكبرت ثم أعادها لمالكها ، لم يكن للغاصب حق المطالبة بالنفقة التي أنفقها ولا بأجرة العناية والرعاية لهذه الناقة .
    إذا جاءتك الطعنة من الخلف ، فاعلم أنك في المقدمة
    الجواهر تختبيء في قاع البحر، والجيف تطفو وتبرز على السطح

  4. #4
    ناصر بن زيد بن داود

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1


    القول الراجح عندي هو : أن الاعتبار بمصلحة المحضون دون اعتبار لوضع الحاضن ، فلَا يُقَرُّ الطِّفْلُ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ ، ومصلحة الرضيع بقاؤه عند أمه ولاشك ؛ ما دامت أهل للحضانة .

    وإليك ما قال المرداوي في الإنصاف :-
    "
    قَوْلُهُ ( وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ ) هَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَافِرُ الْأَبَ ، أَوْ الْأُمَّ . وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِ . وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ ، وَغَيْرِهِ .

    وَعَنْهُ : الْأُمُّ أَحَقُّ . وَقَيَّدَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالتَّرْغِيبِ : بِمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُقِيمَةُ . قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ : وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ .
    وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَمْ يُقَيِّدْهُ .

    وَقِيلَ : الْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ .

    وَقَالَ فِي الْهُدَى : إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ ، وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ : لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ ، وَإِلَّا عَمِلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلطِّفْلِ .
    قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ . فَلَا مُخَالَفَةَ . لَا سِيَّمَا فِي صُورَةِ الْمُضَارَّةِ . انْتَهَى .
    قُلْت : أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ : فَلَا شَكَّ فِيهَا . وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ .

    تَنْبِيهٌ : قَوْلُهُ ( إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ ) الْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ هُنَا : مَسَافَةُ الْقَصْرِ . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ . وَقَالَهُ الْقَاضِي . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ، وَغَيْرِهِمْ . وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْفُرُوعِ .

    وَالْمَنْصُوصِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَنَّهُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ . وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ . وَحَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالْحَاوِي رِوَايَتَيْنِ . وَأَطْلَقَاهُمَا

    قَوْلُهُ ( فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ : فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ ) فَعَلَى هَذَا : لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ سَفَرًا قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ : فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ . وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ . جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالشَّرْحِ ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

    وَقِيلَ : الْأُمُّ أَوْلَى جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْمُحَرَّرِ ، وَالْوَجِيزِ ، وَالْحَاوِي ، وَغَيْرِهِمْ . وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى .

    وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ .

    وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَاجَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ . فَالْمُقِيمُ أَوْلَى أَيْضًا . عَلَى الْمَذْهَبِ . لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ . وَهُوَ السَّكَنُ . جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَابْنِ مُنَجَّا ، وَغَيْرِهِمْ . وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

    وَقِيلَ : الْأُمُّ أَوْلَى . جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْمُذْهَبِ ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْخُلَاصَةِ ، وَالْوَجِيزِ . وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالنَّظْمِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .

    وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ .

    وَلَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَرِيبًا لِلسُّكْنَى . فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا : أَنَّ الْمُقِيمَ أَحَقُّ : وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ . جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

    وَقِيلَ : الْأُمُّ أَحَقُّ . وَهُوَ الْمَذْهَبُ . جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِ . وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالنَّظْمِ ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَالْفُرُوعِ ، وَغَيْرِهِمْ
    " انتهى من الإنصاف .
    ================

    ثانيا : قولك : ليس كل ترك للمطالبة يعتبر إسقاطا للحق ... الخ

    الجواب : نعم ! ليس كل تركٍ للحق إسقاط ، أما حق الوالد في الحضانة المكفول له - عند الحنابلة - لسفر أمه ، إن طالب به حكم له ، وإن لم يطالب به سقط إلى غير بدل .
    وإذا لم يكن له بدل فبأي شيء يسمى غير الإسقاط ؟.
    وإن كان له بدل فما هو ؟.
    لا تقل إن بدل الحضانة هو قيمة النفقة ، لأن النفقة على الطفل حق له على أبيه ؛ لقوله تعالى { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ، ولو قلت : إن البدل أجرة الحاضن سلمت لك ذلك .
    ================

    ثالثا : قولك : .. .. التصرف غير المأذون فيه شرعا لا تترتب عليه آثاره ، ولا يجب ضمانه ، تماما كسائر تصرفات الغاصب الحكمية ... الخ

    الجواب : الناقة يطبق على واضع يده عليها بحق ؛ كالمشتري والمستعير مبدأ : الغنم بالغرم ، فكما يستفيد من لبنها ووبرها وغيرهما ، فلا حق له في المطالبة بالنفقة عليها إذا أعادها لصاحبها .
    وأما واضع يده عليها بغير حق كالغاصب : فلصاحبها مطالبته بأجرة مثلها مدة غصبها .

    فهل نقول : أن للأب مطالبة الأم بأجرة استمتاعها بحق الأب في حضانة الولد ؛ كما يحكم على الغاصب بأجرة الانتفاع بالمغصوب مدة الغصب .

    أخي الكريم :
    ما رأيك فيمن يقول : ليس لها الحق في الرجوع بالنفقة ، لا من بدء الإنفاق ، ولا من حين المطالبة ؟.
    إن سألت عن النقل في حكم المسألة فقد يسعدك هذا النص من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله 9/ 83 :-
    "
    .. .. وَمَنْ حَضَنَتْهُ وَلَمْ تَكُنْ الْحَضَانَةُ لَهَا وَطَالَبَتْ بِالنَّفَقَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهَا ظَالِمَةٌ بِالْحَضَانَةِ ؛ فَلَا تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّفَقَةِ " . وفقك مولاك للخيرات

  5. #5

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1 ( الحضانة )

    أخي الكريم الدكتور ناصر :
    شرفني مرورك على الموضوع ، واستفدت كثيرا من النقول الفقهية الرائعة التي طرزت بها إجابتك ، ولكن هاهنا عدة نقاط أرى أنه لا بد من الحديث عنها ليستكمل النقاش مهنيته العلمية وليستوعب كافة جوانب القضية :
    أولا : أتفق معك في أن القول باستحقاق الأب لحضانة الطفل بمحرد سفر الأم قول مرجوح ، ومما يدل على ضعفه وعدم رجحانه عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( انت أحق به ما لم تنكحي) ، رواه أحمد وأبو داود ، ،فتأمل كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم السبب الوحيد لسقوط حق الأم في الحضانة هو زواجها ولم يقل لها : ( ما لم تسافري ) ، فتبين ان القول بإسقاط حق الأم في الحضانة بمجرد السفر تحكم لا دليل عليه , وتعسف لا مبرر له ، وتعليق للحكم على مناط لم يجعله الشارع الحكيم مناطا للحكم ، فلا عبرة به .
    على أنه غير خاف على فطنة فضيلتك أنه قد ينضاف إلى النكاح مسببات أخرى موجبة لسقوط حق الأم في الحضانة ككونها ليست أهلا لها ماديا أو أخلاقيا أو معنويا ، أو سفرها لبلد تخشى فيه الفتنة على المحضون ، أو كون مصلحة الطفل المحضون في البقاء مع أبيه لكونه قد جاوز سن الرضاع وكون بقية إخوته مع أبيه ، فتكون المصلحة له في أن يتربى مع بقية إخوته وينشأ معهم لتزداد صلاته بهم ويقوى ارتباطه معهم بشرط أن يؤمن عليهم الضرر في ذلك .
    ثانيا : بالنسبة للقول بعدم استحقاق الأم المغتصبة لحضانة ابنها لنفقة المحضون وكذا لأجرة الحضانة فهو قول له حظ كبير من النظر ومما يؤيده ما يلي :
    1 ـ عموم قوله عليه الصلاة والسلام :(ليس لعرق ظالم حق ) ، وهذا يدخل فيه دخولا أوليا أجرة الحاضنة .
    2 ـ أن استحقاق الحضانة (أصل) ووجوب النفقة على المحضون وأجرة الحاضنة (فرع) ، وثبوت الفرع مبني على ثبوت الأصل ، فمتى لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع ، ولا يشكل على ذلك وجوب إنفاق الأب على ابنه المحضون عند الأم إذا كانت الأم مستحقة للحضانة ، فإن استحقاق الأم هنا للحضانة هو بإذن من الشارع الحكيم ، ومن القواعد القضائية المقررة أن (ما ترتب على المشروع فهو متبوع ) .
    3 ـ قوله تعالى ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن) يمكن أن يُحمل على أن المراد بـ (ال) هنا في كلمة(المولود له ) العهد وليس الاستغراق والعموم ، فيكون المراد أن الأب الذي يطلب من أمراة ـ سواء كانت طليقة أو أجنبية ـ القيام بحضانة ابنه فعليه نفقة الابن ونفقة الحاضنة ، وأما إذا اغتصبت المرأة حقه في الحضانة فليس لعرق ظالم حق، فلا حق لها في النفقة ولا الأجرة .
    4 ـ كلام شيخ الإسلام جميل ورائع حول هذه النقطة .

    ثالثا : القول باستحقاق الأب أجرة عن انتفاع الأم باغتصابها لحقه في الحضانة وحيلولتها بينه وبين حقه بحضانة طفله وتربيته ومتابعته ، قياسا على إلزام الغاصب بأجرة الانتفاع بالعين المغصوبة طوال مدة الغصب ، قول متوجه ـ من وجهة نظري ـ بناء على أن الأصل أنه لا فرق بين اغتصاب الأعيان واغتصاب الحقوق (الاختصاص) فكل منهما موجب للضمان ومن ادعى التفريق بين الأعيان والحقوق فعليه الدليل .
    وولكن الذي يمنع من المطالبة بتلك الأجرة أمران :
    أ ـ أن الانتفاع هنا ليس محضا لصالح الغاصب بل فيه مصلحة للطفل المحضون وهذه المصلحة تتمثل في إحساسه بالحنان ودفء الأمومة والعناية والمتابعة ، فهو غصب فيه مصلحة للطفل المحضون وإحسان له ورعاية لأحواله وقد قال المولى جل في علاه :( ما على المحسنين من سبيل ) .
    ب ـ أنني لا أعلم ـ على قلة علمي واطلاعي ـ من قال بجواز مطالبة الأم بأجرة الانتفاع بالحق المغتصب ، فيكره المرء أن يأتي بقول ليس له فيه سلف ، والله أعلم بالصواب . .
    إذا جاءتك الطعنة من الخلف ، فاعلم أنك في المقدمة
    الجواهر تختبيء في قاع البحر، والجيف تطفو وتبرز على السطح

  6. #6
    ناصر بن زيد بن داود

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1 ( الحضانة )

    أخي الكريم :
    = إذا فرقنا بين أجرة الحاضنة وبين نفقة المحضون : اتضح لنا حكم المسألة ؛ كما تقرره قواعد العدالة .

    = أجرة الحضانة لا تستحقها الحاضنة إلا بالتراضي بينها وبين الزوج ؛ لقوله تعالى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } .

    = نفقة المحضون تجب للمحضون لا للحاضن ، وهي حق على الأب دون الأم ؛ لقوله جل جلاله { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } .

    = الرضاعة - كما أنها حق للمحضون - ففيها حق خالص للأم ، ولذلك : نهى الله سبحانه عن المضارة في هذا الحق ؛ كما قال تبارك وتعالى { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } ، وقوله جل وعلا { لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا } .

    = مما نقل عن أبي بكر رضي الله عنه في الأم قوله ( هي : أعطف ، وألطف ، وأرق ، وأحنا ، وأرحم ) ، وقوله عليه الرضوان للأب عن أم الرضيع ( ريحها وحجرها وفراشها خير له منك ؛ حتى يشب ويختار لنفسه ) .

    = أخي الكريم :
    تأمل - بتجرد عن مكاسب موكلك - قول الباري جلت عظمته { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } .
    فقوله عز وجل { وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ } دليل على أن الخوف والحزن قرين الحرمان من حضانة الرضيع .
    وهذا الوعد من الله هو الذي ملأ فؤاد أم موسى بعد أن أفرغته من كل اهتمام بغير وليدها ، قال جل ثناؤه { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } .
    فربط الله على قلبها بوعده الحق ، وأنفذ الله لها وعده بعودة رضيعها إلى حضنها لتقر عينها ؛ كما في قول الباري سبحانه { فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ } ، وقوله تقدست أسماؤه { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } .
    جعلنا الله وإياك من الذين يعلمون ، ويعقلون ، ويعملون .

    = أخي العزيز :
    نحن هنا لا نلتمس أحكاماً مفصلة على مقاس الموكل ، بل نتلمس أحكاماً تكون أقرب إلى العدل ، وأحرى بإصابة الحق ، وأسعد بمجموع الأدلة . بارك الله لك وفيك

  7. #7

    افتراضي Re: حكمت المحكمة 1 ( الحضانة )

    أخي الكريم الدكتور ناصر /
    أشكر لك تفاعلك مع الموضوع ، وأنا لا أقصد بعرضي هذه القضية الحصول على أحكام مفصلة على مقاس الموكل ـ على حد تعبيرك ـ ، لأن هذه النقاشات المهنية التي تتم في هذا المنتدى أو غيره لا تأثير لها على الأحكام القضائية التي يصدرها القضاة ، وارجو أن يتسع صدرك لوجهات النظر المخالفة فغاية ما في الأمر أنها وجهات نظر قضائية مختلفة تحتمل الخطأ والصواب ، وقد يصيب المحامي ويخطيء القاضي والعكس صحيح .
    أعانك الله وبارك في جهودك ورزقنا التجرد له في القول والعمل
    إذا جاءتك الطعنة من الخلف ، فاعلم أنك في المقدمة
    الجواهر تختبيء في قاع البحر، والجيف تطفو وتبرز على السطح

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على الموضوعات
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Keep Track of Visitors
Stats Counter

IP