الفرق بين القيمة والثمن في المهر (سوريا والأردن)




القيمة : هي مقدار المنفعة الموجودة في داخل السلعة وهي ثابتة في كل زمان ومكان، فمنفعة الإناء تقدر في ذاته بالمواد المصنوع منها، ملائمته لنقل الماء به، لاستعماله في الشرب، في الوضوء , في الطبخ .. وهذه استعمالات لا تنفك عنه اليوم أو غداً، غلا سعره أو رخص. فإذا قدرته بقيمة سلعة أخرى يجب أن تكون المنفعة في السلعة الأخرى تساوي منفعة الإناء حين التقدير، فإذا قدرت قيمة الإناء بقيمة الثوب، فإن الواجب أن تكون المنفعة الذاتية للإناء تساوي المنفعة الذاتية للثوب، من حيث المواد المكونة له، الاستعمال له، ..الخ وهذا التقدير بالقيمة لا يختلف من زمان إلى زمان أو من مكان إلى مكان فإذا كانت منفعة الإناء للإنسان كإنسان تساوي منفعة نصف ثوب فإن هذه القيمة تبقى هي هي في كل وقت لأنها مقدرة بالمكونات المادية للسلعة واستعمالاته وهي ثابتة فيها مهما ارتفع السعر أو قل.

فلو ارتفع سعر الإناء لا يعني أن مكوناته زادت أو استعمالاته زادت، فقيمته ثابتة مع أن سعره زاد أو نقص. وهكذا الثوب ، فمكوناته ثابتة واستعمالاته كذلك سواء ارتفع سعره أو نقص.

وكذلك لو قدرت قيمة المنزل بقيمة سلعة أخرى مثلاً بالذهب فوجدت أن المنفعة للمنزل تساوي ضعف منفعة قطعة ذهبية، فهذه القيمة تبقى ثابتةً لأنها قدِّرت بمكونات مادة المنزل ومكونات مادة الذهب وانتفاع الإنسان بالمنزل وانتفاعه بالذهب، فالقيمة هي حسب مكونات السلعة الذاتية وانتفاع الإنسان بها. لذلك تبقى قيمة المنزل تساوي ضعف قيمة القطعة الذهبية مهما زاد أو نقص سعر المنزل أو سعر القطعة الذهبية لأن القيمة تتوقف على المكونات الداخلية للسلعة وانتفاع الإنسان بالسلعة من حيث الاستعمال.

وأما تقدير السلعة بالثمن فهو ليس بالضرورة أن يتساوى مع مكونات السلعة الذاتية ونفعها للإنسان كإنسان بل يتحكم فيها العرض والطلب.

والملاحظة المهمة في الموضوع أن تقدير السلعة بالثمن لا ينظر إلى المنفعة الذاتية في السلعة بل قد تقدر ثمن الحنطة بالنقد الورقي، بغض النظر عن منفعة المادة الذاتية للحنطة التي هي كبيرة، منفعة المادة الذاتية للورقة النقدية التي هي تقريباً لا شيء يذكر سوى نوع الورقة والرسوم التي عليها والناحية الفنية في إخراجها، لأن الثمن متعلق بالعرض والطلب، فقد يبيع فاسق كيساً من الحنطة ليشتري به قارورة خمر، مع البون الشاسع بين منفعة المادة الذاتية لكيس القمح ومنفعة المادة الذاتية للقارورة.

أما عند تقدير القيمة فتقدر بمنفعة متساوية في الطرفين لذلك لا تقول قيمة كيس حنطة تساوي عشرين ليره ورقيهً لأن المنفعة الذاتية في مادة القمح في الكيس، تساوي آلاف المنفعة الذاتية في مادة العشرين ورقةً.

فالقيمة تقدر بالمنفعة الذاتية في السلعة لذلك تقدر قيمة كيس القمح بكذا ليره ذهبيه أو بكذا سلعة فيها نفع متساوٍ.

وهكذا ففي حين تقدر الثمن بأية سلعة مهما كان في مادتها من نفع، فإنك لا تقدر قيمة السلعة إلا بمادة لها نفع ذاتي في مادتها مثل الأولى.

وأظنك الآن قد وصلت للجواب في موضوع الخزانة تلقائياً.
فلعلك ظننت ما ورد في الكتاب (فلو تزوج رجل امراةً وجعل من مهرها خزانةً معينةً موصوفةً وذكر أن قيمتها خمسون ليره ..) ظننت أن الخمسين ليره هي نقد ورقي، إنها ليست كذلك لأن القيمة لا تتغير في منفعة مادتها، فالليرات هنا هي ليرات ذهبية.

وفي هذه الحالة فإن لها عليه خزانةً قيمتها خمسون ليره ذهبية في كل زمان ومكان، فإذا هلكت الخزانة فلها خمسون ليرة ذهبية. فإن ذَكَر خزانة قيمتها خمسون ليرة سوريه مثلاً فيكون لفظ القيمة هنا لغو والمقصود الثمن.

وللعلم فإنَّ هذه التفرقة ليست موضحةً في كتب الفقهاء كما هي عندنا، وكثيراً ما تستعمل القيمة بمعنى الثمن.

والذي أبرزها في أبحاثنا هو (مسخ القيم عند الرأسماليين وجعلها اعتبارية ترتفع وتهبط وفق الجشع والبطش والاستغلال)، فأبرزنا هذا الأمر ووضحناه تماماً. لذلك لو ذكر في عقد زواج خزانة قيمتها كذا ووصلت للقضاء يجب سؤال الأطراف ذات العلاقة إن كانوا يدركون هذا المعنى أو يقصدون به الثمن، فالجهل في هذه الحالة يعذر لأنه يجهل مثله على كثير من الناس، فإذا سمعوا (قيمة السلعة عشرون ليرةً) ظنوا أن ثمنها عشرون. وأظن الآن أن الفرق بين الحالتين واضح:

1 - إذا سجل قيمتها خمسون ليرة (أي نقد له نفع ذاتي، ذهب ولا يصح أن يسجل ليرة ورقيه ..)، فالوفاء بهذا هو وفق نص العقد: إعادة الخزانة التي اغتصبها لأنه على اليد ما أخذت حتى تؤديه, فإذا هلكت دفع قيمتها وهي خمسون ليرة ذهبيه ولا غير، لأن القيمة لا تتغير مع الزمن أو المكان أو العرض أو الطلب .. وليست القمية ثمناً حتى يشتري خزانةً بهذا الثمن.

2 - إذا سجل ثمنها خمسون ليره (وهو هنا يصح أن يسجل ورقاً، ذهباً، أو ... لأن الأثمان لا علاقة لها بالنفع الذاتي في مادة النقد)، فالوفاء بهذا هو وفق نص العقد:
إعادة الخزانة التي اغتصبها ، فإذا هلكت دفع الثمن المسجل، أو اشترى خزانةً بهذا الثمن.
هكذا يكون قد وفَّى بنص العقد.

وأما سؤالك الذي تفرع عنه وهو قولك: (لو افترضنا أن الزوج جعل لها جزءاً من مهرها مصاغاً أو حلياً بدل الخزانة وسجل القيمة خمسين ليرة ...)، في هذه الحالة يا أخي لا يصح تسجيل القيمة بالورق فهو إما أن يسجل في العقد: المهر مصاغ قيمته خمسون ليرة ذهبية، وفي هذه الحالة يعيد لها المصاغ فإن هلك أعاد لها خمسين ليرة ذهبية، لأن القيمة ثابتة حيث تقدر بالمنفعة الموجودة في مادة السلعة للإنسان كإنسان.

وإما أن يسجل مصاغاً ثمنه خمسون ليرة ويصح له أن يسجل خمسين ليرة ورقاً أو ذهباً أو ما شاء.

وفي هذه الحالة يعيد لها المصاغ، فإن لم يكن، اشترى لها مصاغاً بخمسين ليرةً وهو الثمن المسجل، أو يدفع لها الخمسين ليرة المسجلة ثمناً. فإذا كانت الدولة قد خفضت نقدها الورقي بنسبة أعلنتها بعد العقد، فإن هذه النسبة تؤخذ في الحسبان عند الاقتضاء.

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
منقول كما وصلني بالايميل من صديق تزوج من سوريا.... .