حضر المدعي وادعى قائلاً: اتفق الحاضرون على اغتصاب الغلام وفعل الفاحشة (اللواط) به، لكن ابني المقتول حماه من شرهم، ما جعلهم يحقدون عليه ويبيتون النية لقتله واستعدوا لذلك بسكاكين وخناجر وعصي، وعندما انفرد عن أشقائه ظهراً وبعد خروجه من المدرسة قام المدعى عليه بمسك يديه بيديه وأدارهما إلى الخلف وحرمه بذلك من الدفاع عن نفسه ومكن بقية الجناة من النيل منه بيسر وسهولة، إذ قام بضربه بغصن شجرة وقام بضربه بعصا تشبه عمود الخيمة وقام بضربه بقبضة يده، كما قام بطعنه بسكين في وجهه وقام بطعنه بخنجر في صدره اخترقت قلبه وسقط ميتاً على الأرض، ونظراً لوكالتي عن والدته وانحصار ورثته في وفيها بموجب صك حصر الورثة ولذا أطلب إنزال القصاص بالمدعى عليهم الخمسة الحاضرين، هذه دعواي.
حضر المدعي العام وطلب إنزال العقوبة الشرعية المناسبة والرادعة بالمدعى عليهم المذكورين بحسب أدوارهم في الجناية فيمن لا تتوافر فيه شروط القصاص. فأنكر المدعى عليهم ما ورد في دعوى المدعي للحق الخاص وما ورد في دعوى المدعي العام جملةً وتفصيلاً.
وبسؤال المدعي الخاص: هل لديه بينة تثبت دعواه؟ أجاب لدي اعترافاتهم المصدقة شرعاً وتم نقل هذه الاعترافات المطولة في دفتر الضبط وهي توضح دور كل واحد من المدعى عليه في هذه الجناية وملخصها أن أحد الجناة قام بمسك القتيل، وقام الباقون بضربه مع اختلاف دور كل واحد منهم وبعرضها عليهم ذكروا أنها انتزعت منهم بالإكراه ولا بينة لهم على ذلك. وجرى الاطلاع على التقرير الطبي الشرعي الذي يتضمن بيان الجراح الموجودة في جسم القتيل، ثم جرى طلب إحضار طبيبين مسلمين حاذقين متخصصين لعرض التقرير الطبي عليهما، وحضر الطبيبان في مجلس الحكم وجرى عرض التقرير الطبي عليهما وسؤالهما عن الجرح القاتل، فذكرا أن الجرح الذي وقع بسبب آلة حادة أدت إلى جرح في أعلى البطن من الجهة اليمنى وقطع الغضروف السابع الأيمن واستقرت داخل القفص الصدري وارتكزت في البطين ونفذت منه إلى صمام البطين الأيمن ثم نفذت إلى البطين الأيسر ثم قطعت جداره ونتج منه نزيف حاد، أما بقية الإصابات فلا خطورة فيها وليست قاتلة، وبسؤال المدعي بالحق الخاص هل لديه زيادة بينة أجاب بالنفي. وجرى وعظ المدعي بالحق الخاص وبيان للعافي عن الظالم من الأجر والمثوبة، وحثه ناظر القضية على العفو عن المدعى عليهم، فرفض رفضاً قاطعاً، وعرضوا عليه العفو وأخذ الدية ولو مضاعفة فرفض ذلك، وبعد سماع دعوى المدعي الخاص أصالة ووكالة ودعوى المدعي العام وإجابة المدعى عليهم وتأمل القضية والإطلاع على ملابساتها والاطلاع على ما ذكره الأطباء في مجلس الحكم استناداً إلى التقرير الطبي الشرعي أن الجرح الذي قتل المجني عليه هو الجرح الذي بأعلى صدره من الجهة اليمنى حين وصلت الآلة الحادة إلى القلب ومزقت بعض أجزائه وهو الجرح الذي أحدثه المدعى عليه بحسب اعترافه المصدق شرعاً، ولما ذكره الأطباء أن بقية الجراح غير قاتلة، ونظراً لأهلية القاتل المذكور ولتوافر شروط القصاص وشروط استيفائه فقد ثبت بالإجماع قيام المدعى عليه بالقتل عمداً وعدواناً ثم حكم القضاة بقتل المذكور قصاصاً، وذلك بضرب عنقه بالسيف حتى الموت أمام الجامع الكبير قبل صلاة الجمعة بساعة. وبالاطلاع على اعترافات بقية المدعى عليهم المصدقة شرعاً ولأن المدعى عليه اعترف بمسك المذكور للقاتل حتى ضربه الضربات القاتلة، فقد حكم القضاة بسجنه مدى الحياة عقوبة موافقة لفعله وحكموا على بقية المدعى عليهم بسجن كل واحد منهم أربع سنوات من تاريخ توقيفه وجلده أربعمئة وعشرين جلدة على ست فترات متساوية في العدد بين كل فترة وأخرى شهر علناً.
جرت المصادقة على هذا الحكم من الدائرة المختصة لتمييز القضايا المشتركة والمتضمنة أنه لم يظهر للهيـــئة ما يوجب الملاحظة على ما حكم به اصحاب الفضيلة ناظرو القضية، كما صدق الحكم من مجلس القضاء الأعــــلى بهيئته الدائمة في ما يتعلق بقـــتل القاتل قصاصاً والمتضمن أنه لـــم يظهر للمجلس ما يعتـرض به على الحـــكم بالقتل قصاصاً وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم