المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 5 محــاور لتطوير القضـــاء الشرعي



ابوعبدالعزيز
15-03-2009, 01:23 PM
جريدة الاقتصادية الأحد 18/03/1430هـ الموافق 15/03/2009 العدد5634

5 محــاور لتطوير القضـــاء الشرعي

أحمد محمد العمري

كانت المرحلة الأولى مجرد فكرة تجول في أذهان المختصين في الشريعة والحقوق من قضاة ومستشارين وأكاديميين ومحامين ووجدت لها ميدانا خصبا عندما شرعت المملكة في العمل الجاد الدءوب للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية حيث يعتبر القضاء والقانون أو النظام من أهم المقومات الأساسية التي يتم بها تحديد كفاءة أي دولة لقبولها عضوا في منظمة التجارة العالمية أما العامل الوطني أو الداخلي البحت فإنه ومنذ فترة طويلة يشكل عنصر ضغط كبير لتطوير القضاء ولكن لم تكن الاستجابة له بالقدر الكافي ذلك أن التغيير الذي لا يستند إلى وجود كفاءات بشرية متجاوبة مع متطلبات التطوير لن يكون مجديا كما أن وجود البناء النظامي أو التشريعي ضروري أيضا لنجاح أي برنامج أو مشروع لتطوير القضاء ولذلك فإن صدور نظام للمرافعات قبل عقدين من الزمان انتهى به إلى الإلغاء لعدم وجود البيئة الملائمة لتقبله وتطبيقه.
أما المرحلة الثانية فقد كانت صدور الأنظمة العدلية الثلاثة وهي مكونة من ثلاثة أنظمة هي نظام المرافعات الشرعية 1421هـ، ونظـام الإجـراءات الجــزائيـة 1422هـ، ونـظام المــحامــاة 1422هـ، وهي متقاربة زمنيا في تاريخ صدورها ونفاذها فهذه المنظومة الإجرائية توفر التنظيم الإجرائي لمعالجة القضايا الجزائية بين القضاء وهيئة التحقيق والادعاء العام والمتهمين ومن يتوكل عنهم من المحامين كذلك توفر التنظيم الإجرائي لمعالجة سائر القضايا غير الجزائية أمام المحاكم العامة ثم تنظيم أعمال المحاماة باعتبارها مهنة تخدم العدالة أمام سائر المحاكم واللجان وجهات التحقيق وهي مكملة للمنظومة الحقوقية في أي مجتمع متمدن.
أما المرحلة الثالثة فقد كانت بدايتها مع الإعلان الرسمي عن المشروع الوطني الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين وأمر باعتماد مبلغ قدره سبعة مليارات ريال سعودي لتطوير وإعادة هيكلة السلطة القضائية بسائر جهاتها ومحاكمها ولجانها مع توفير متطلبات نجاح هذا المشروع من مبان وأجهزة مكتبية وبرامج إلكترونية وتدريب وتوظيف ونحو ذلك من مقومات نجاح هذا المشروع الضخم الذي يعتبر أكبر مشروع إعادة هيكلة في المملكة حيث صدر المرسوم الملكي الكريم رقم م/78 وتاريخ 19/9/1428هـ، بالمصادقة على نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وآلية العمل التنفيذية لنظام القضاء ونظام ديوان المظالم وقد اقتضت طبيعة هذا المشروع وما تضمنه من تجديد في تشكيل المحاكم ونقل الوظائف القضائية وإعادة ترتيب الاختصاص في أعمال المحاكم مع وضع قواعد جديدة في اختيار القضاة وتدريبهم، أن يتم التجديد في الوظائف القيادية في السلطة القضائية بعد أن أدى القائمون على القضاء دورهم ومهدوا لإنجازات يقودها جيل جديد لديه الرغبة في خوض التحدي ومواجهة متطلبات التطوير وهي مرحلة لابد فيها من قرارات حاسمة لإعادة تشكيل المحاكم واختيار الكوادر القادرة والمتفهمة لما هو مطلوب في عصر غلبة التنظيم الإداري ووضوح الأهداف ونجاح برامج الإصلاح وهي غايات لا مناص من تحقيقها حيث تتركز محورية الإصلاح فالملك استشعر أن مؤسسات العدالة بحاجة ماسة إلى إدخال فكر تنويري مع الاستفادة من الخبرات الموجودة ودفع دماء جديدة تم اختبارها وتم رصد تجربتها من خلال عملها وهذا يكشف مدى تفهمها وقناعتها ببرنامج الدولة المعاصر الذي هو برنامج إصلاحي يحمل في طياته التجديد لأن مسيرة التنمية تفرضه وتجعله تحديا لا بد من تخطيه بعزيمة أبناء الوطن وتوجيه القيادة الحكيمة.
5 محاور لإعادة الهيكلة
إن إعادة هيكلة القضاء الشرعي (القضاء العادي) له خمسة محاور هي كالتالي:
1- التخصص في إنشاء المحاكم وممارسة العمل القضائي.
2- إنشاء درجة تقاض جديدة تحت مسمى الاستئناف.
3- تكوين المحكمة من أكثر من قاض واحد.
4- الفصل بين اختصاص القضاء الشرعي والقضاء الإداري.
5- إنهاء عمل اللجان القضائية إلا ما تلزم الحاجة إلى استمراره.
وفي إطار هذه المحاور الخمسة سنلقي نظرة موجزة على مضمونها مع توضيح ما يسندها في نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وآلية العمل التنفيذية للنظامين حيث سنركز في هذا المقال على إعادة هيكلة المحاكم الشرعية وعلى أن نعود في مقال ثان لتناول إعادة هيكلة القضاء الإداري وهو ديوان المظالم.
إنشاء المحاكم المتخصصة
في نظام القضاء القديم (1395هـ) كان ترتيب المحاكم في القضاء الشرعي كالتالي: مجلس القضاء الأعلى. ومحكمة التمييز.والمحاكم العامة.والمـحاكم الجـزئية. أمـا في نظـام القضـاء الجديد (1428هـ) فإن ترتيب المحاكم في القضاء الشرعي يتم حسب الشكل المرفق.
ووضح من هذا الترتيب أن مجلس القضاء الأعلى قد تم تعديل مسماه ليكون المجلس الأعلى للقضاء كما أنه لم يعد محكمة فهو وفق النظام الجديد لا يصدر أحكاما قضائية ولا يراجعها أو يدققها بأي صورة كانت ومن الواضح أيضا أن الهيئة الدائمة للمجلس الأعلى للقضاء قد حل مكانها المحكمة العليا في مهامه وأعمال أما مهام المجلس الأعلى للقضاء فهي منصوص عليها في المادة (6) من نظام القضاء الجديد وهي مهام إشرافية ورقابية منها: النظر في شؤون القضاة الوظيفية، وإصدار اللوائح المتعلقة بشؤون القضاة الوظيفية بعد موافقة الملك عليها، وإصدار لائحة للتفتيش القضائي، وإنشاء المحاكم والإشراف عليها وتسمية رؤساء محاكم الاستئناف وإصدار قواعد تبين اختصاص وصلاحيات رؤساء المحاكم ومساعديهم، وإصدار قواعد تبين طريقة اختيار القضاة وتحديد الأعمال النظيرة ورفع الاقتراحات ذات الصلة بالاختصاصات المقررة له، وإعداد تقرير شامل في نهاية كل عام يتضمن الإنجازات التي تحققت والمعوقات ومقترحاته بشأنها ورفعه إلى الملك.
كما يتضح من ترتيب محاكم الدرجة الأولى وجود التخصص في أعمالها فلن يكون أمام القاضي تنوع في القضايا المعروضة عليه بل سيكون أمامه نوع واحد من القضايا فقط يجمعها مسمى المحكمة المتخصصة التي يعمل بها فهي قضايا مدنية في المحاكم العامة أو جزائية أو أحوال شخصية أو تجارية أو عمالية وحتى إذا كان القاضي يعمل في محاكم الاستئناف فإنها أيضا ستتكون من دوائر استئناف متخصصة تقابل محاكم الدرجة الأولى وكذلك القضاة العاملون في المحكمة العليا التي ستكون من دوائر متخصصة تؤلف كل منها من ثلاثة قضاة عدا الدوائر الجزائية التي تنظر في الأحكام الصادرة بالقتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيما دونها فإنها تؤلف من خمسة قضاة ويكون لكل دائرة رئيس.
الاستئناف درجة جديدة للتقاضي
وجود مصطلح استئناف جديد على ثقافتنا الحقوقية وليس في علم المرافعات مصطلح آخر يمكن استخدامه بديلا عنه فالاستئناف يعني إعادة النظر في أحكام محاكم الدرجة الأولى من حيث التكييف والوقائع فالاستئناف يعيد النظر في القضية برمتها ومن جميع جوانبها وهو غير ملزم بما اتخذته محاكم الدرجة الأولى فهو تقاض جديد وكما لو أن القضية لم تنظر من قبل وهذا يوفر ضمانة قوية لسلامة تطبيق الشرع والنظام حيث تعرض القضية أمام قضاة لم يسبق لهم نظر تلك القضايا المستأنفة أمامهم ولهم تكوين علمي وخبرة عملية أعلى من محاكم الدرجة الأولى وبالتالي فإن أمام الخصوم فرصة أخرى لإعادة المحاكمة.
إن محاكم الاستئناف ستتولى النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من محاكم الدرجة الأولى وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية كما ستتكون من دوائر هي دوائر حقوقية ودوائر جزائية ودوائر الأحوال الشخصية ودوائر تجارية ودوائر عمالية علما أنه سيكون في كل منطقة إدارية من مناطق المملكة محكمة استئناف أو أكثر كما يجوز إنشاء دوائر استئناف تابعة لمحكمة استئناف المنطقة في المحافظات التابعة لها. ويبدو أن ديوان المظالم قد قطع شوطا كبيرا في إنشاء محاكم الاستئناف الإدارية وكذلك دوائر الاستئناف في فروع ديوان المظالم التي تحول مسماها إلى المحكمة الإدارية.
أما درجة التقاضي السابقة المعروفة بالتمييز في المحاكم الشرعية فإنها ستتحول إلى محاكم استئناف حيث تتحول محكمة التمييز في الرياض إلى محكمة استئناف وكذلك محكمة التمييز في مكة المكرمة تتحول إلى محكمة استئناف في حين سيتم إنشاء محكمة استئناف في المنطقة الشرقية وإنشاء محكمة استئناف في منطقة القصيم وإنشاء محكمة استئناف في منطقة عسير وإنشاء محكمة استئناف في منطقة الجوف وسيقوم المجلس الأعلى للقضاء بوضع خطة زمنية محددة لإنشاء محاكم استئناف في بقية مناطق المملكة وتزود وزارة العدل بنسخة من هذه الخطة قبل التنفيذ بوقت كاف .
تكوين المحكمة من أكثر من قاض
سار القضاء الشرعي في المملكة ومنذ إنشائه حتى اليوم على اعتماد قاعدة القاضي الفرد بصورة عامة في جميع محاكم الدرجة الأولى عدا النظر في قضايا القتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيها دون النفس فإنها تنظر من ثلاثة قضاة في محاكم الدرجة الأولى أما في مرحلة التمييز فإنها تنظر من خمسة قضاة.
أما التنظيم القضائي الجديد فإنه قلب القاعدة تماما فالأصل هو تشكيل المحكمة من ثلاثة قضاة في محاكم الدرجة الأولى أما الاستثناء فهو وجود دائرة تتكون من قاض فرد حيث نصت المادة (19) من نظام القضاء على تطبيق هذه القاعدة في تشكيل المحاكم العامة والمادة (20) في تشكيل المحكمة الجزائية والمادة (21) في تشكيل محاكم الأحوال الشخصية والمادة (22) في تشكيل المحاكم التجارية والعمالية وسيقوم المجلس الأعلى للقضاء بتحديد القضايا التي تختص بنظرها الدوائر المكونة من قاض فرد باعتبارها واردة على سبيل الحصر وما عداها وهو الأصل فتنظره دوائر مكونة من ثلاثة قضاة.
أما في درجة قضاء الاستئناف فإن جميع دوائر الاستئناف وكذلك جميع دوائر المحكمة العليا ستكون من ثلاثة قضاة أو خمسة قضاة في القضايا الجزائية التي تصدر فيها أحكام بالقتل أو القطع أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيما دون النفس.
الفصل بين اختصاصات جهتي القضاء الشرعي والإداري
كان هناك خلط كبير بين الاختصاص القضائي للجهتين الرئيستين وهما القضاء العادي الذي رأيت تسميته بالقضاء الشرعي تفاديا لمصطلح القضاء العادي وهو الأصوب ولكن الأقرب إلى الأذهان أن نسميه القضاء الشرعي رغم ما يثيره ذلك من اعتراضات لا تخلو من الصحة فالقضاء الإداري شرعي أيضا وهو يطبق الشريعة الإسلامية التي سبقت إلى فصل قضاء المظالم بجهة مستقلة قبل أن تعرف التنظيمات القضائية الحديثة في دول العالم فكرة القضاء الإداري بما يزيد على عشرة قرون من الزمان.
إن ديوان المظالم ومن خلال دوائره التجارية والجزائية ينظر في قضايا نوعية هي من صميم عمل القضاء الشرعي وإذا كانت الحاجة فرضت ذلك من أجل سلامة تطبيق الأنظمة بل وفرضت وضعا آخر ألا وهو التوسع في إنشاء اللجان والهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي بعضها يتم الطعن في قراراتها أمام ديوان المظالم وبعضا يوجد له لجنة عليا أو استئنافية لتوفير ضمانة تعدد درجات التقاضي وهذا أدى إلى إقحام جهة القضاء الإداري في اختصاص جهة القضاء الشرعي كما أدى إلى حالة غريبة في التنظيم القضائي ألا وهي تعدد جهات التقاضي لأكثر من جهة في حين يسير الوضع في الدول الأخرى على وحدة القضاء أو ازدواجيته إلى قضاء عادي وآخر إداري.
لقد حسم مشروع إعادة هيكلة السلطة القضائية هذه المسألة وهي شائكة جدا في تصميمها نظريا وتطبيقها عمليا بل هي من أهم محاور تطوير القضاء السعودي لأنها تؤدي إلى تصحيح الاختصاص الولائي لجهتي القضاء مع تحقيق هدف التخصص في إنشاء المحاكم والإسهام في إنهاء وضع اللجان والهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي التي وجدت في ظل ذلك الخلط الذي لم يعد له مبرر ذهني أو عملي وسيؤدي هذا الفصل إلى نقل الدوائر التجارية والجزائية في ديوان المظالم إلى القضاء الشرعي لتكون تحت مظلة المحاكم التجارية في القضايا التجارية وكذلك تحت مظلة المحاكم الجزائية في القضايا الجزائية ومن ثم فإن ديوان المظالم سيكون جهة قضاء إداري فقط ولن يضاف له ما ليس من صميم القضاء الإداري في حين سيتولى القضاء الشرعي ما عدا ذلك باعتباره صاحب الولاية العامة فقد نصت المادة (25) من نظام القضاء على أنه (دون إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم، تختص المحاكم بالفصل في جميع القضايا، وفق قواعد اختصاص المحاكم المبينة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ) وكذلك نصت المادة (1) من نظام ديوان المظالم على أن (ديوان المظالم جهة قضاء إداري مستقلة يرتبط مباشرة بالملك ...) كما نصت المادة (13) من نظام ديوان المظالم على اختصاصات المحاكم الإدارية وهي تدور حول قضاء الإلغاء وقضاء التعويض وقضاء التأديب مع تنفيذ أحكام القضاء والتحكيم الأجنبيين.
وضع اللجان والهيئات الإدارية في التنظيم الجديد
من الواضح أن هناك لجانا وهيئات إدارية ستنضم إلى القضاء الشرعي فالمحاكم العمالية ستستوعب اللجان العمالية من حيث الاختصاص وكذلك يفترض في المحاكم التجارية أن تستوعب اللجان والهيئات الإدارية التي تفصل في جميع القضايا التجارية إضافة إلى اختصاص الدوائر التجارية في ديوان المظالم ومن هنا نستطيع أن نقول إنه لن يكون هناك لجان عمالية أو تجارية ولكن من المؤكد أن هناك لجانا ستبقى خارج اختصاص القضاء الشرعي عمليا وأهمها لجنة الفصل في المنازعات المصرفية ولجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية ولجنة الفصل في المنازعات الجمركية وذلك لأن الوقت يبدو مبكرا على إعادة اختصاص هذه اللجان إلى القضاء الشرعي.
أهداف النظام القضائي الجديد
إن التنظيم القضائي الجديد وفيما يتعلق بوضع اللجان والهيئات سيحقق أهدافا منها:
1- إنهاء وضع عديد من اللجان والهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وإسناد اختصاصها إلى القضاء الشرعي أما اللجان التي قد يتعذر نقلها حاليا بسبب حساسية اختصاصها القضائي وأثره المباشر في الأوضاع الاقتصادية وأعمال البنوك والتأمين والجمارك والسوق المالية فإنه سيتم التريث في إنهاء أوضاعها ونقل اختصاصها حتى تنضج التجربة العملية في تطبيق القضاء الشرعي للأنظمة.
2- وقف إنشاء لجان أو هيئات إدارية جديدة حيث تفرض المادة (25) من نظام القضاء أن تنظر المحاكم في جميع القضايا عدا ما يختص به ديوان المظالم ومن ثم لا حاجة عملية لإنشاء لجان أو هيئات وسيتم بدلاً من ذلك إنشاء محاكم أو دوائر بحسب الحاجة إلى ذلك.
3- دراسة شاملة لوضع اللجان المستثناة يقوم بها المجلس الأعلى للقضاء ورفع ما يتم التوصل إليه خلال مدة لا تتجاوز سنة لاستكمال الإجراءات النظامية وهي تعديل نظام المرافعات الشرعية وتعديل نظام الاجراءت الجزائية وانتهاء الفترة الانتقالية المشار إليها في آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء ونظام ديوان المظالم.
إن تطوير مرفق العدالة تطلب إجراء تعديلات جذرية أثرت في الأنظمة النافذة حاليا والتي لم يمض على صدورها سوى فترة وجيزة حيث يجب تعديل نظام المرافعات الشرعية بإضافة ما يتعلق بطرق الاعتراض على الأحكام القضائية وتنظيم مسائل الاستئناف واختصاص المحكمة العليا كما أن مسائل الاختصاص القضائي لمحاكم الدرجة الأولى وهي محاكم متخصصة يشملها التعديل كذلك، أيضا نظام الإجراءات الجزائية سيناله التعديل في مسائل الاختصاص وطرق الاعتراض على الأحكام كما أن نظام التنفيذ القضائي للأحكام سيلغي بعض نصوص نظام المرافعات الشرعية ليكون من اختصاص المحاكم تنفيذ أحكامه والعمل بفكرة السندات التنفيذية لتفادي عرض الحقوق الصالحة للتنفيذ على المحاكم حيث لا يتطلب البت فيها نظرها من المحاكم ما دامت توجد سندات صحيحة صالحة للتنفيذ ضد المدين أما الأعمال الولائية للمحاكم فإنها ستتوزع بحسب طبيعة العمل الولائي فما كان منه متعلقا بالأوقاف والأموال العقارية والمنقولة فإنه سيكون من اختصاص المحاكم العامة في حين ما يعتبر من تلك الأعمال الولائية متعلقا بالأحوال الشخصية كتوثيق الزواج والطلاق ونحوه من أمور الأسرة فإنه سيكون تحت ولاية محاكم الأحوال الشخصية حيث ستتحول محكمتا الضمان والأنكحة في الرياض وجدة إلى محكمتي أحوال شخصية وهذا ينطبق أيضاً على الأعمال الولائية للمحاكم المتخصصة.
إن القضاء يحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى تسليط الضوء على طبيعة وحجم المتغيرات الإدارية والتنظيمية بل إنه ليس مبالغة لو قلنا إن ما تضمنته المؤلفات عن التنظيم القضائي في المملكة أصبحت تاريخية أكثر منها واقعية حيث هناك نقلة غيرت ملامح القضاء في هيكله الإداري واختصاص المحاكم ودرجات التقاضي وطرق الاعتراض على الأحكام كما أن وجود هيئة التحقيق والادعاء العام واكتمال ممارستها لأعمالها مع صدور أنظمة إجرائية في القضايا المدنية والجزائية وانتظار صدور نظام للتنفيذ القضائي وتعديل سائر الأنظمة التي تأثرت بالتنظيم القضائي الجديد يؤدي كل ذلك إلى وضع جديد بالكلية وهو جدير بأن يتناوله المختصون بالتأليف كما أنه يجب أن تتركز عليه الأبحاث الأكاديمية في الجامعات السعودية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه.