المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهادة اللَّفِيف!!



أخوكم
08-11-2012, 12:15 PM
توطئة
ما هو العمل فيما إذا لم يوجد العدول في بلد من البلدان , أو وقت من الأوقات , واحتاج الناس إلى شهادتهم في معاملاتهم , فهل نتمسك باشتراط العدالة في الشاهد ؟ وهذا يؤدي إلى عدم قبول دعاوى بعضهم على بعض , ويترتب على ذلك أن تتوقف جميع المعاملات فيما بينهم , فلا يقع بيع , ولا شراء , ولا نكاح, ولا غيرها من كل ما يتوقف عليه الإشهاد . كما لا يمكن معاقبة مرتكبي الجرائم من قتل , وسرقة , وغيرهما ؛ لعدم وجود العدول الذين يشهدون على هؤلاء بما ارتكبوا, وهذا فيه ضرر كبير , وخطر جسيم , يعرِّض المجتمع إلى أن تتوقف الحركة الاقتصادية والاجتماعية , كما أنه يشجع على الفتنة , ويدفع إلى الجرائم في صور شتى , أم نتغاضى حينئذ على اشتراط العدالة في هذه المسالة ؟
المشهور في المذهب المالكي أن من فقد شروط العدالة أو أحدها لا تقبل شهادته ولو في بلد لا عدول فيه ! يقول ابن العربي المالكي ( ت 543هـ): " إذا كانت قرية ليس فيها عدول , وبعدوا عن العدول , فالذي عليه الجمهور أن لا تجوز شهادتهم لبعضهم البعض " .
ولكن ذهب المتأخرون منهم إلى جواز قبول شهادتهم ؛ إذ قال القَرَافي ( ت684هـ) : " نص ابن أبي زيد في النوادر على أننا إذا لم نجد في جهة إلا غير العدول = أقمنا أصلحهم , وأقلهم فجورا للشهادة , ويلزم ذلك في القضاء وغيره ؛ لئلا تضيع المصالح ..." ثم قال : " وما أظن أحدا يخالفه في هذا؛ لأن التكليف شرطه الإمكان, وهذا كله للضرورة , لئلا تهدر الدماء , وتضيع الحقوق , وتتعطل الحدود " .
وقد سئل الإمام مالك(ت179هـ) عن مثل هذا الأمر في لصوص الحجاز والبرابرة , فقال : تجوز عليهم شهادة من لقيهم من النساء , قيل له : إنهم غير عدول , قال : وأين يوجد العدول في مواضع السارق واللص, وإنما يتبعان الخلوات .


والمقصود بشهادة اللفيف : قبول شهادة الفاسق في بعض الأحوال , وذلك بالتفاف القرائن والأحوال حول هذا الشاهد .

وما كتبته بُحيث سابق, وسأختصره في ثلاثة مسائل؛؛ ليكون مَسُوسًا(سهلا) على القارئ!

المسألة الأولة!:
متى تقبل شهادة اللفيف ؟
يتبع



وكتبه/ أخوكم

أخوكم
09-11-2012, 01:26 PM
متى تقبل شهادة اللفيف ؟
تقبل شهادة اللفيف كلما تعذر إشهاد العدول عند التحمل أو الأداء .
ويتعذر إشهاد العدول عند التحمل فيما إذا لم يوجد العدول في مكان التحمل , كما إذا وقعت معاملة بين شخصين , وطَلَبَا العدولَ ليتحملوا الشهادة , فلم يجداهما .
وكذلك إذا وقعت واقعة غصب أو ضرب أو سرقة أو قتل أو غير ذلك من الوقائع التي تحدث من غير أن يقع الاستعداد لها بإحضار الشهود لمعاينتها , وتحمل الشهادة بها , واتفق أن رأى تلك الواقعة أشخاص غير عدول .
ففي هاتين الحالتين إذا احتيج إلى إثبات المعاملة التي وقعت بين الشخصين , أو الواقعة التي حضرها أشخاص غير عدول ؛ فإن شهادة اللفيف من غير العدول مقبولة , ويقضى بها .
ومعنى هذا أنه إذا أمكن إشهاد العدول فإن شهادة اللفيف لا تقبل .
فلو فرضنا أن شخصا أثبت معاملة بينه وبين شخص بشهادة اللفيف , وتبين أنه كان قادرا على إشهاد العدول على تلك المعاملة ؛ لوجودهم في ذلك المكان , وتيسر الإشهاد بواسطتهم ؛ فإن شهادة اللفيف لا تُقبل حينئذ نظرا لإمكان إشهاد العدول الذين هم الأصل في الشهادة , وعدم إثبات الدعوى بواسطة العدول مع وجودهم وإمكانية إشهادهم يبعث على الظن بأنها دعوى لا أساس لها من الصحة , ولذلك لا تقبل .
وليس قبول شهادة اللفيف قاصرا على حالة انعدام العدول فقط , وإنما المدار على إمكانية إشهاد العدول وأدائهم لتلك الشهادة .
ومن العلماء من قاس شهادة اللفيف عند عدم إمكان إشهاد العدول على شهادة الصبيان = بجامع لضرورة , ورُدَّ هذا القياس بأن :
الضرورة هي الداعية إلى قبول شهادة اللفيف , وهذا يعد استثناء من القاعدة التي تقضي بأن لا يقبل في الشهادة إلا العدول , والاستثناء لا يتوسع فيه , ولا يقاس عليه .
ونوقش هذا الرد أيضا بأن الجمهور يرون صحة القياس على المستثنيات؛ ومن ذلك :
قياس العنب في العرايا على الرطب , وذلك أن بيع العرايا قد استثناها الشارع من الربويات ؛ لحاجة الفقراء إليها , والنص الذي ورد بجواز بيع العرايا جاء في الرطب فقط , مع ذلك قاس الفقهاء العنب على الرطب ؛ لوجود علة الجواز التي هي : حاجة الفقراء إلى بيعه كذلك .
وأجاب بعضهم : بأن قبول شهادة اللفيف ليس من باب القياس أصلا , وإنما هو من قبيل الاستحسان , وقد قال ابن رشد في البيان : " والاستحسان في العلم أبلغ من القياس " . والاستحسان هو : العدول في صورة ينسحب عليها حكم قاعدة إلى وجه آخر أقوى منه طارئ عليه ؛ لأجل درء مفسدة أو جلب مصلحة .
والاستحسان الذي يجيز قبول شهادة اللفيف هو أن يقال :
إن العدالة شرط في الشاهد , وهذه قاعدة عامة يجب مراعاتها في كل الأحيان , لكن لمَّا كان تطبيق هذه القاعدة يؤدي فيما بعد إذا لم يوجد عدول إلى ضياع حقوق الناس ؛ كان من المستحسن أن نجيز قبول شهادة غير العدول عند الضرورة , وأن لانطبق القاعدة ؛ إذ في ذلك مفسدة . فالراجح قبول شهادته .

أخوكم
10-11-2012, 05:31 PM
أُسْقِطَ عَلَيَّ أنْ أُبيِّنَ اللفيفَ لغةً وشرعًا..فأقول:

اللفيف لغة : المُجْتمِعُ المُلتفُّ من كل مكان, يُقال : جَمْعٌ لَفيفٌ , قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ:
فالدهرُ لا يبقى على حَدَثَانه *** أنسٌ لفيفٌ ذو طرائفَ حوشبُ
اصطلاحا: شهادةُ عدد من الرجال من غيرِ العدول بحيث يدلون بشهادتهم إلى عدل أو عدلين؛ لذلك سميت باللفيف؛ لاجتماع هذا العدل أو العدلان مع هؤلاء الشهود, إذ يُقيد مُضَمَّنُ ما شهد به هؤلاء.

ابو محمد 2
10-11-2012, 10:41 PM
أثابكم الله ونفع بكم فضيلة الشيخ

أخوكم
05-02-2013, 05:27 PM
شكرا لكم أبا محمد2