المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( كتاب العدل واقع وأمل ))



ناصر بن زيد بن داود
04-08-2009, 08:24 AM
ترددت كثيراً في افتتاحية هذه المقالة بين أن أقول بلساني : قدَّر الله عليَّ فراجعتُ كتابة العدل .
أو أقول بلسان غيري : قدَّر الله عليَّ فصرت كاتب عدل .
اقتباساً من عبارة روَّاد المتسولين الأوائل عند استعطاف جماعة المصلين ؛ لأنَّ هذا هو حال المراجع لكتابة العدل غالباً ، وهو حال كاتب العدل المعين حديثاً . كان الله في عوننا وعونهم

= في كل دفعةٍ من دفعات التخرج في كليات الشريعة بالمملكة يكون لكتابات العدل نصيبٌ من الخريجين ، حالهم كحال زملائهم من القضاة والمعلمين والباحثين وغيرهم . غير أن عوامل التعرية تفتك بكتاب العدل على وجه الخصوص خلال أشهرٍ من مباشرة العمل ، إذ ينقطع كثيرٌ من كتاب العدل - في الغالب - عن مراجعة ما درسوه في الجامعة ، ويستسلموا لثقافاتٍ أخرى لا تَمُتُّ بصلةٍ لتخصصهم الشرعي ، فيجدون أنهم مجبرون على الدخول في عالم الخرائط والمخططات وعرض الشوارع والمناطق التجارية والوديان المدفونة .
يمكثون ما شاء الله لهم على هذه الحال ، حتى إذا تورَّطوا في مجلسٍ - من مجالس زملائهم القضاة والباحثين والمعلمين - وجدوا أنهم قد فقدوا الكثير مما كانوا عليه ، فيبدؤون بالانسحاب لتكوين جماعةٍ جديدة ، وقد ينطوي الواحد منهم على نفسه بعدما يرى أنه محاطٌ برجال الأعمال وسماسرة العقار .
ففي منتصف العام 1399هـ زرت مدينة الدمام ، وجمعني مجلسٌ بِثُلَّةٍ من كتاب العدل والقضاة ، وكان رئيس المحاكم آنذاك حاضراً ، فأسعدني تخصيص هؤلاء الجمع المبارك جزءاً من الجلسة لقراءة كتابٍ في الفقه ، غير أني فوجئت بعدم مشاركة جميع كتاب العدل في ذلك الحوار العلمي ، في الوقت الذي كان بعضهم متميزاً في دراسته ومتقدماً في تخرجه على مثلي .

= وفي العام 1429هـ مررت بكتابة العدل لشراء شقة ، فأرشدني البائع إلى المكتب المختص ، فرأيت كاتب عدل قارب التقاعد ، فوقفت أمامه ، وعندما رفع رأسه سألني : أين فلان ؟. فقلت له : أنا هو . فقرأ اسمي الرباعي جهراً ، ثم نظر إليَّ ، فقلت له : نعم هو أنا . فما زاد على أن أشار إليَّ بمراجعة المكتب المجاور ، وهناك أبلغنا الكاتب بلزوم المراجعة من الغد .
وعندما جئت في اليوم التالي وجدت البائع قد أخذ إحالةً جديدةً لكاتب عدلٍ آخر ، وعندما وقفنا أمامه سألني : إن كنت اشتريت فعلاً ، وعن قدر القيمة ، وهل دفعتها كاملة - ولم يزد على ذلك - فأجبته عن ذلك كله ، فطلب مني التوقيع ، ثم ختم الأوراق وسلمني الصك خلال بضع دقائق .

كان الأول متجهماً ، والثاني طلق الوجه ، وليس بينهما في العمر غير ربع قرنٍ فقط !.

= الرعيل الأول من كتاب العدل لجؤوا إلى التجهم والتقطيب لمقاومة ما يسمى بـ (المحسوبية) ، أو الواسطة ، بعدما رأوا مصارع القوم من أسلافهم وأقرانهم ؛ ممن انزلق في مهاوي المجاملة ودواعي النفس الأمارة .

= وهناك منهم من نصب نفسه مفتياً وقاضياً ، فحكم على معاملات الناس بالحل والحرمة ، وامتنع عما يراه هو محرماً باجتهاده ؛ مخالفاً في ذلك التعليمات المبلغة لهم من مرجعهم وزارة العدل .

ومنهم : من يرفض الإفراغ من أو للشركات العقارية ؛ بحجة أنها تشترك مع بنكٍ في عمليات التمويل العقاري .

ومنهم : من يُرَدِّدُ المتبايعين مرةً بعد مرة ؛ بحجة دراسة الأوراق ، لِيُحوِجَ الناس إلى إعادة الطلب ، فيُحالوا إلى غيره .

ومنهم : من يلتمس أدنى سببٍ لترديد المراجعين ، فيطلب إضافة رقم الحفيظة وتاريخه ، ولو مع وجود رقم السجل المدني ، أو العكس ، وقد يجد بعضهم خطأً إملائياً في صك الوكالة فيطلب تصحيحه ، وقد يتعسف فيطلب تجديد صك الوكالة دون سببٍ ظاهر . ونحو هذا من الأسباب .

ومنهم : من يُنَفِّرُ البائع أو المشتري بالمبالغة في التعطيل وطلبات الانتظار ، ومثله لا يجهل ارتباط الناس بأعمالهم ورعاية شؤون أسرهم .

ومنهم : من يطلب الإطلاع على صكوك المستند الأول وما قبله ، ناسياً ما نصت عليه التعليمات والأنظمة من حجية الصكوك الصادرة من كتابات العدل ، ومنها : المادة الثمانون من نظام القضاء ، ونصها :
[ الأوراق الصادرة عن كتاب العدل - بموجب الاختصاص المنصوص عليه في المادة (الرابعة والسبعين) من هذا النظام - تكون لها قوة الإثبات ، ويجب العمل بمضمونها أمام المحاكم بلا بينة إضافية ، ولا يجوز الطعن فيها ؛ إلا تأسيساً على مخالفتها لمقتضى الأصول الشرعية أو النظامية أو تزويرها ] .

هذا هو حال المواطنين وشركات التمويل العقاري مع بعض كتاب العدل ، وليس مع جميعهم ، ولا مع غالبهم من فضل الله .

= ومن المأمول من وزارة العدل : الاهتمام بجانب التوثيق ، وتكثيف التدريب والتطوير والمراقبة على كتابات العدل وكتاب العدل ؛ بما يضمن تحقيق المطلوب منهم على النحو الذي يُرضي الله أولاً ، وَيُظهر الوزارة وفروعها بالمظهر اللائق بهم .

= كما من المؤمَّل من الوزارة الموقرة : الاهتمام بجانب الثواب والعقاب - على حدٍ سواء - لحث منسوبيها على التنافس فيما هو خير .

= كما نتطلع إلى تطوير قدرات كتابات العدل بإكمال حوسبتها ، وإتمام إدخال بياناتها ؛ لتوفير الوقت والجهد على المراجعين والعاملين .

= كما ننشد ذلك اليوم الذي يستطيع المواطن منا الدخول إلى موقع كتابة العدل من منزله ؛ لإدخال البيانات التي يريدها ، فيحصل عليها على الفور ؛ سواء : عند المراجعة بنفسه في اليوم الذي يناسبه ، أو بواسطة البريد الحكومي .

لن أزيد على ما تقدم ؛ حتى لا تُحبط الوزارة الحالية بطلباتٍ فوق ما لديها من تطلعاتٍ وهموم . والله الموفق


http://www.cojss.com/article.php?a=268

سيادة القانون
22-09-2009, 11:07 PM
الموقع متاح وشكراً على النقل

المستنير
27-01-2011, 07:30 PM
بارك الله فيك وفي مقالك الرائع ما يؤسف له أن تجد موظفاً مهمته توثيق عقد يشد على عباد الله وكأنه قاضي وليس كاتب حتى أصبح الناس أكره ما عليهم أن تقول له كتابة العدل

عبدالله صالح المحيطب
30-01-2011, 12:44 PM
فضيلة الشيخ / زيد
أسعد الله أوقاتك بالمسرات ... تنبيهات جلية تكون ذات مصداقية في المجمل ...
لكن ثمة تنبيه وهو أن التطوير الإداري سيكمن في النظام الشامل لكتابات العدل الأولى وكذا نظام التسجيل العيني للعقار والذي يبدأ مرحلته الأولى في حريملاء والربط الشامل بالدوائر العدلية ... وستحتاج إلى جهد مكثف ووقت أطول . لا سيما أذا أوّكل الأمرإلى غير مختص !!

بالنسبة لكتاب العدل كما هو معلوم لدى فضيلتكم أنه تم رفع نظام التوثيق الجديد للمقام السامي في أوخر عام 1431هـ وسيحل كثير من الإشكالات والتجاوزات ويكون الشخص على دراية بماهو له وماهو عليه .

لك تحياتي ... إلى اللقاء

الأعمش
30-01-2011, 05:01 PM
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ

الفهم
08-03-2011, 05:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
قرأت هذا الموضوع الفذ من ذاك الرجل الفاضل والحقيقة أن ماذكره هو الواقع ,ومشاركتي
ليست لأجل أن أقر الموضوع أو لا أقره , بل الذي تبادر إلى ذهني حين قراءته أن كاتب العدل في أغلب المدن والمحافظات لم يهئ له الجو المناسب وأقرب مثال اضربه لكم على نفسي فأنا مكتبي طوله 4 أمتار في 2,5 لا يوجد به أي نافذه والمراجعين يكادون يضيقون على النفس من كثرتهم على ولايوجد لدي مراسل بل أن المعاملة تتوقف أحيانا طول
الدوام ولم يأت المراسل وغير ذالك من كثرة المعاملات علماً أنني في كتابة عدل مدمجة , وثانياً المرتب الذي يتقاضاه كاتب العدل غير مناسب مع مايتحمله من المسؤلية فتجد غيره في المؤسسات الحكومية من يتقاضى ضعف راتبه إلى غير ذالك من الصعوبات التي يوجهها كاتب العدل . والسلام

الطالب
09-03-2011, 11:52 AM
[FONT=Tahoma][SIZE=5][COLOR=green]= كما من المؤمَّل من الوزارة الموقرة : الاهتمام بجانب الثواب والعقاب - على حدٍ سواء - لحث منسوبيها على التنافس فيما هو خير .



http://www.cojss.com/article.php?a=268
شكر الله لكم فضيلة الشيخ
المقال كله جميل إلا أني اقتبست ما اقتبست
لأني رأيت عددا من الكتاب يشكون من عدم مكافئة المجتهد المحسن
بل ربما يزاد عليهم العمل وتزاد عليهم الضغوط
بينما يكرم غيره ممن هو أقل منه بل ربما يكون مسيئا
ومما يجدر التنبه إليه بعض المعاملات تطول وإجراءاتها معقدة
فهل يستوي ممن قام بها
وممن قام بإنجاز معاملة أخرى بضغطة زر وهو على مكتبه
فهل يستوون