المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخالفة التأديبية



ناصر بن زيد بن داود
21-10-2008, 07:24 PM
هذا بحث وجدته ضمن محفوظاتي ، ولست أذكر من أين استللته ، جزى الله من أعده عنا خير الجزاء .
المخالفة التأديبية
تعني إخلال الموظف بواجبات وظيفته فيكون عرضة لتوقيع الجزاء التأديبي عليه، ونظراً لما يترتب على توقيع الجزاء من آثار على حياة الموظف الوظيفية المعنوية والمادية، فان العديد من الأنظمة قد أحاطت بتوقيع الجزاءات التأديبية ببعض الضوابط التي يتعين على السلطة المختصة بالتأديب مراعاتها وإلا أصبح قرارها معيب جائز الطعن عليه إمام القضاء الإداري. وفيما يلي بعض تلك الضوابط:
شرعية الجزاء التأديبي
وذلك استناداً إلى القاعدة العامة التي تنص على انه (لا عقوبة إلا بنص) وبموجبه تكون الجهة الإدارية مقيدة بالعقوبات الواردة في المادة 32من نظام تأديب الموظفين الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 7وتاريخ 1391/2/1هـ وهي 1- الإنذار. 2- اللوم. 3- الحسم من الراتب بما لا يتجاوز صافي راتب ثلاثة أشهر على أن لا يتجاوز المحسوم شهرياً ثلث صافي الراتب الشهري. 4- الحرمان من علاوة دورية واحدة. 5- الفصل. مع ملاحظة أن الوزير المختص ومن في حكمه لا يمكنه من توقيع عقوبة الفصل بقرار منشئ وإنما ينعقد الاختصاص في ذلك إلى ديوان المظالم باعتبارها جهة قضائية مستقلة تمتع بالحيدة أو بأمر ملكي أو بأمر سامي أو بقرار من مجلس الوزراء. وتلك العقوبات التأديبية الواردة في المادة السالفة الذكر محددة على سبيل الحصر والتي لا تملك الجهة الإدارية الخروج عليها بتوقيع جزاء غير منصوص عليه وإلا اعتبر تصرفها باطلاً لمخالفته للنظام وحري بالإلغاء أما ديوان المظالم. وتطبيقاً لذلك صدر قرار المظالم رقم 86/17لعام 1400بان "نقل الموظف عقب التحقيق معه ومجازاته بالحسم من راتبه يعتبر جزاء تأديبياً مقنعاً تأباه الأصول العامة في النظم الجزائية ويخالف النظام، فالنقل إجراء تتطلبه المصلحة العامة لحسن وتنظيم المرافق. ولم يقرر كعقوبة وإنما قرر للمصلحة العامة بإعادة توزيع الموظفين من حين لآخر على نحو يوائم بين حجم العمل في كل مرفق وما يحتاجه من موظفين لتقديم الخدمات على نحو يضمن استمرارية المرفق العام بالنظام واطراد. أما إذا حادت الإدارة عن تلك الغاية واستهدف غرض آخر غير المصلحة العامة فانه في هذه الحالة ينقلب النقل إلى جزاء تأديبياً مقنعاً".
عدم جواز تعدد الجزاء التأديبي
بمعنى انه لا يجوز للجهة الإدارية مساءلة الموظف تأديبياً عن ذات الفعل المخالف إلا مرة واحدة، ولا يجوز معاقبته مرتين بجزاءين أصليين لم ينص النظام صراحة على الجمع بينهما، فعلى سبيل المثال لا يجوز للجهة الإدارية إيقاع عقوبة الإنذار مع الحرمان من العلاوة الدورية أو أية عقوبة أخرى وهذه الضمانة وان لم تكن منصوص عليها نظاماً إلا أنها تعد من المبادئ العامة التي تواترت عليها إحكام ديوان المظالم وفي اعتقادي أن الهدف من ذلك يكمن في عدم إرهاق الموظف المرتكب للمخالفة بأكثر من عقوبة واحدة عن ذات المخالفة وذلك لتحقق الغرض منها في محاسبة الموظف المخالف وزجره عن ارتكاب الفعل مرة أخرى.
مع التنبيه في هذا الشأن أن هذا المبدأ لا يتعارض مع توقيع عقوبة أخرى على الموظف في حالة استمراره في ارتكابه المخالفة التأديبية بعد توقيع العقوبة السابقة عليه. وفي حالة ما إذا كان الفعل الواقع من الموظف يشكل جريمة جنائية فان توقيع الجزاء التأديبي والجنائي عن ذات الفعل لا ينطوي على تعدد في الجزاء الأمر الذي لا يعد انتهاكاً لهذا المبدأ وذلك لاستقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية. وهو ما أكدته المادة 31من نظام تأديب الموظفين عندما نصت على "يعاقب تأديبياً كل موظف ثبت ارتكابه مخالفة مالية أو إدارية وذلك مع عدم الإخلال برفع الدعوى العامة أو دعوى التعويض" وهو ما يفهم منها أن المسؤولية التأديبية تختلف عن المسؤولية الجنائية والمدنية لاختلافهما في الأساس والهدف والجزاء وتطبيقاً لذلك قضت هيئة التأديب في حكم لها رقم 29لسنة 1392"أن المخالفة التأديبية هي أساسا تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها وكرامتها بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على ما تنهى عنه الأنظمة الجنائية أو تأمر به، وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين".
تسبيب القرار التأديبي
الأصل أن الإدارة غير ملزمة بذكر أسباب القرار صراحة في صلبه ما لم يلزمها النظام في ذلك فهناك قرينة قانونياً فحواها أن كل قرار إداري يصدر يفترض قيامه على أسباب صحيحة ومشروعة وعلى من يدعي العكس يقع عليه عبء إثبات فساد تلك الأسباب وهو ما انتهت إليه هيئة التدقيق بديوان المظالم في قرارها رقم 6 لعام 1413هـ عندما أشارت إلى ".. القاعدة المستقرة أن القرارات الإدارية تقوم دائماً على قرينة الصحة والسلامة، أي أن الأصل فيها الصحة إلى أن يقوم الدليل على غير ذلك"، وحتى لو صدر القرار الإداري دون الإفصاح عن أسباب صدوره، إلا أننا نجد أن أهمية تسبيب القرار التأديبي تكمن في الآتي:
- ضمانة للموظف المخاطب بالقرار حتى يتسنى له الوقوف على الأسباب التي بني عليها في إصداره وبالتالي يكون على بينة واضحة من أمره في حال الطعن عليه إمام القضاء الإداري.
- تمكين الجهة القضائية من ممارسة رقابتها على صحة القرار بما فيها الأسباب التي تضمنها للتحقق من قيام القرار على وقائع صحيحة وثابتة تبرر الجزاء التأديبي الموقع على الموظف.
وفي هذا الصدد ذهب ديوان المظالم في قرار له رقم 86/29لعام 1400هـ إلى انه "إذا قام القرار التأديبي على عدة اتهامات يثبت بعضها في حق الموظف دون البعض الآخر، وكانت الاتهامات الثابتة في حقه لا تكفي لتبرير الجزاء على أساس استبعاد ما لم يقم في حق الموظف وبما يتناسب صدقاً وحقاً مع ما قام في حقه، إذ لا يجوز أن يكون ضحية الخطأ في تطبيق النظام".
وفي حكم آخر له رقم 14/ت/ 1لعام 1404والذي أشار فيه إلى انه"..... ومن ثم إذا توافر لدى الإدارة المختصة الاقتناع بان الموظف سلك سلوكاً معيباً ينطوي على خروج على مقتضيات الوظيفة العام والإخلال بكرامتها أو بالثقة الواجب توافرها فيمن يقوم بأعبائها، وكان اقتناعها على هذا الوجه مجرداً عن الميل والهوى، فبنت عليه قرارها بإدانة سلوكه، واستنبطت هذا من وقائع صحيحة ثابتة مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها فان قرارها في هذا الشأن يكون قائماً على سببه ومطابقاً للنظام حصيناً من الإلغاء".
تناسب الجزاء مع المخالفة
المتفق عليه أن الجهة الإدارية تتمتع بسلطة تقديرية في إيقاع الجزاء التأديبي على الموظف المخالف دون أن تقيد نفسها بالتدرج في توقيع العقوبة إلا أنها يجب عليها أن تراعي ضوابط توقيع الجزاء التأديبي الواردة في المادة 34من نظام تأديب الموظفين عندما نصت على انه "يراعي في توقيع العقوبة التأديبية أن يكون اختيار العقوبة متناسباً مع درجة المخالفة مع اعتبار السوابق والظروف المخففة والمشددة الملابسة للمخالفة وذلك في حدود العقوبات المقررة في هذا النظام" وقد أوضحت المذكرة التفسيرية لنظام تأديب الموظفين في شرح لهذه المادة إلى انه "وفي مجال الكلام عن الظروف المخففة والمشددة عند توقيع العقوبة رأى النظام أن يعفى الموظف من العقوبة إذا ارتكب المخالفة بناء على أمر مكتوب صادر له من رئيسه رغم تنبيه الموظف للرئيس كتابة بان العمل المرتكب يكون مخالفة ونظراً لان الأصل هو اشتراك الموظف في المسؤولية الإدارية إذ لا طاعة في معصية فقد رأى النظام أن يقصر هذا الإعفاء على المخالفات الإدارية والمالية البسيطة دون الجسيمة".وتطبيقاً لذلك صدر حكم لديوان المظالم رقم 122/ت/ 3لعام 1407هـ والذي أشار فيه إلى أنه وعلى هدى الأصول والمبادئ العامة التي تحكم شؤون الوظيفة العامة وفي مجال التأديب بصفة خاصة من ضرورة تناسب مقدار الجزاء ونوعه مع درجة خطورة الذنب الإداري، إذ يجب أن يكون الجزاء عادلاً بأن يخلو من الإسراف في الشدة أو الإمعان في استعمال الرأفة". وفي حكم آخر رقم 205/ت/ 3لعام 1409هـ أشار فيه الديوان إلى أنه "وقد اشترطت تلك الأسباب قيام قرار الجزاء على كامل سببه وملاءمته للمخالفات المسندة للموظف".
ويستفاد من ذلك أن العقوبة إذا اتسمت بالغلو والشدة على نحو لا تتلاءم مع درجة المخالفة فإن الجزاء التأديبي والحال هذه يصبح معيباً لمخالفته الأصول التي يتطلبها النظام ويمكن الطعن عليه أمام ديوان المظالم.
وبعد استعراض تلك الضوابط المصاحبة للجزاءات التأديبية، فإن هناك بعض الإجراءات التي يمكن للموظف الاستعانة بها للتخفيف من آثار العقوبات التأديبية أو إلغائها وهي على النحو التالي:
حق الطعن في القرارات التأديبية.
إذا لم تراع السلطة الإدارية تلك الضوابط عند توقيع الجزاء التأديبي، فإنه يحق للموظف أن يطعن عليه وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (190) وتاريخ 1409/11/16هـ وذلك على النحو التالي:
- يجب على الموظف أن يتظلم من القرار التأديبي أمام الجهة الإدارية التي أصدرته خلال (60) يوماً من تاريخ العلم به.
- أن تبت الجهة الإدارية في التظلم خلال (90) يوماً تبدأ من تاريخ تقديم التظلم. وبناء عليه إذا أصدرت الجهة الإدارية قرارها خلال الميعاد المذكور وكان القرار بالرفض فإنه يجب أن يكون القرار مسبباً. أما إذا سكتت الجهة الإدارية حتى انقضت مدة التسعين يوماً فإن هذا يعتبر بمثابة قرار برفض التظلم.
- التظلم إلى وزارة الخدمة المدنية خلال (60) يوماً من تاريخ العلم بالقرار الذي أصدرته الجهة الإدارية برفض التظلم إذا كان قد صدر قرار بالرفض أو من تاريخ انقضاء مدة التسعين يوماً المحددة للإدارة دون البت فيه.
- أن تبت وزارة الخدمة المدنية في التظلم خلال (60) يوماً من تاريخ تقديمه له.
- إذا رفضت وزارة الخدمة المدنية التظلم (يجب أن يكون قرارها بالرفض مسبباً) أو سكتت أو لم تبت في التظلم خلال تلك المدة من حق الموظف رفع دعواه إلى ديوان المظالم خلال (90) يوماً دون البت فيه من جانب وزارة الخدمة المدنية.
- إذا صدر قرار من وزارة الخدمة المدنية لصالح الموظف المتظلم ولم تقم الجهة الإدارية بتنفيذه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه جاز له رفع الدعوى إلى ديوان المظالم خلال الستين يوماً التالية لهذه المدة.
محو العقوبة التأديبية
وتجد سندها النظامي في المادة 45من نظام تأديب الموظفين عندما نصت عليه "للموظف أن يطلب محو العقوبة التأديبية الموقعة عليه بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ صدور القرار بمعاقبته. ويتم محو العقوبة بقرار من الوزير المختص.
والهدف من ذلك هو حماية للموظف الذي حسنت أخلاقه وسلوكه ولم يعد إلى ارتكاب مخالفات تأديبية أخرى لأن الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف قد تأخذ في الاعتبار اثر العقوبة الموقعة على الموظف عند المقارنة بين الموظفين المرشحين للترقية أو النقل أو تولي الوظائف العليا.
ويترتب على نحو العقوبة اعتبار الجزاء الذي وقع عليه الموظف كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل وليس لما خلفه من آثار في الماضي الأمر الذي يلزم معه رفع أية أوراق متعلقة بالعقوبة من ملف خدمة الموظف. وقد بينت المذكرة التفسيرية لنظام التأديب بعض الضوابط الواردة في المادة 45وذلك على النحو التالي:
- محو العقوبة حق للموظف وعليه أن يقدم الطلب إلى الوزير المختص.
- أن يثبت الموظف حسن سيرته وسلوكه وكفاءته في أداء عمله خلال مدة الثلاث سنوات من تاريخ توقيع العقوبة عليه.
- محو العقوبة لا يسقط الحقوق التي يمكن أن تترتب على ما ثبت ضد الموظف من مخالفات إدارية أو مالية كالتعويض مثلاً. ويتضح لنا مما تقدم أن تلك الضوابط شرعت لأجل المصلحة العامة فهي من ناحية تبرز امتياز الإدارة وسلطتها في توقيع الجزاء ومن ناحية الموظف تعد وسيلة زجر وإصلاح لكي لا يعود إلى ارتكاب المخالفة مرة أخرى، ولكي نضمن تحقيق ذلك الغرض يجب على السلطة الإدارية التقيد بها عند توقيع الجزاء لأجل إسباغ المشروعية على تصرفها.

اشرف
22-04-2010, 02:48 AM
ماشاء الله الله اكبر سلمت يداك على هذا البحث الرائع

ابو الجوهرة
03-05-2013, 05:39 PM
هذا بحث وجدته ضمن محفوظاتي ، ولست أذكر من أين استللته ، جزى الله من أعده عنا خير الجزاء .
المخالفة التأديبية
تعني إخلال الموظف بواجبات وظيفته فيكون عرضة لتوقيع الجزاء التأديبي عليه، ونظراً لما يترتب على توقيع الجزاء من آثار على حياة الموظف الوظيفية المعنوية والمادية، فان العديد من الأنظمة قد أحاطت بتوقيع الجزاءات التأديبية ببعض الضوابط التي يتعين على السلطة المختصة بالتأديب مراعاتها وإلا أصبح قرارها معيب جائز الطعن عليه إمام القضاء الإداري. وفيما يلي بعض تلك الضوابط:
شرعية الجزاء التأديبي
وذلك استناداً إلى القاعدة العامة التي تنص على انه (لا عقوبة إلا بنص) وبموجبه تكون الجهة الإدارية مقيدة بالعقوبات الواردة في المادة 32من نظام تأديب الموظفين الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 7وتاريخ 1391/2/1هـ وهي 1- الإنذار. 2- اللوم. 3- الحسم من الراتب بما لا يتجاوز صافي راتب ثلاثة أشهر على أن لا يتجاوز المحسوم شهرياً ثلث صافي الراتب الشهري. 4- الحرمان من علاوة دورية واحدة. 5- الفصل. مع ملاحظة أن الوزير المختص ومن في حكمه لا يمكنه من توقيع عقوبة الفصل بقرار منشئ وإنما ينعقد الاختصاص في ذلك إلى ديوان المظالم باعتبارها جهة قضائية مستقلة تمتع بالحيدة أو بأمر ملكي أو بأمر سامي أو بقرار من مجلس الوزراء. وتلك العقوبات التأديبية الواردة في المادة السالفة الذكر محددة على سبيل الحصر والتي لا تملك الجهة الإدارية الخروج عليها بتوقيع جزاء غير منصوص عليه وإلا اعتبر تصرفها باطلاً لمخالفته للنظام وحري بالإلغاء أما ديوان المظالم. وتطبيقاً لذلك صدر قرار المظالم رقم 86/17لعام 1400بان "نقل الموظف عقب التحقيق معه ومجازاته بالحسم من راتبه يعتبر جزاء تأديبياً مقنعاً تأباه الأصول العامة في النظم الجزائية ويخالف النظام، فالنقل إجراء تتطلبه المصلحة العامة لحسن وتنظيم المرافق. ولم يقرر كعقوبة وإنما قرر للمصلحة العامة بإعادة توزيع الموظفين من حين لآخر على نحو يوائم بين حجم العمل في كل مرفق وما يحتاجه من موظفين لتقديم الخدمات على نحو يضمن استمرارية المرفق العام بالنظام واطراد. أما إذا حادت الإدارة عن تلك الغاية واستهدف غرض آخر غير المصلحة العامة فانه في هذه الحالة ينقلب النقل إلى جزاء تأديبياً مقنعاً".
عدم جواز تعدد الجزاء التأديبي
بمعنى انه لا يجوز للجهة الإدارية مساءلة الموظف تأديبياً عن ذات الفعل المخالف إلا مرة واحدة، ولا يجوز معاقبته مرتين بجزاءين أصليين لم ينص النظام صراحة على الجمع بينهما، فعلى سبيل المثال لا يجوز للجهة الإدارية إيقاع عقوبة الإنذار مع الحرمان من العلاوة الدورية أو أية عقوبة أخرى وهذه الضمانة وان لم تكن منصوص عليها نظاماً إلا أنها تعد من المبادئ العامة التي تواترت عليها إحكام ديوان المظالم وفي اعتقادي أن الهدف من ذلك يكمن في عدم إرهاق الموظف المرتكب للمخالفة بأكثر من عقوبة واحدة عن ذات المخالفة وذلك لتحقق الغرض منها في محاسبة الموظف المخالف وزجره عن ارتكاب الفعل مرة أخرى.
مع التنبيه في هذا الشأن أن هذا المبدأ لا يتعارض مع توقيع عقوبة أخرى على الموظف في حالة استمراره في ارتكابه المخالفة التأديبية بعد توقيع العقوبة السابقة عليه. وفي حالة ما إذا كان الفعل الواقع من الموظف يشكل جريمة جنائية فان توقيع الجزاء التأديبي والجنائي عن ذات الفعل لا ينطوي على تعدد في الجزاء الأمر الذي لا يعد انتهاكاً لهذا المبدأ وذلك لاستقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية. وهو ما أكدته المادة 31من نظام تأديب الموظفين عندما نصت على "يعاقب تأديبياً كل موظف ثبت ارتكابه مخالفة مالية أو إدارية وذلك مع عدم الإخلال برفع الدعوى العامة أو دعوى التعويض" وهو ما يفهم منها أن المسؤولية التأديبية تختلف عن المسؤولية الجنائية والمدنية لاختلافهما في الأساس والهدف والجزاء وتطبيقاً لذلك قضت هيئة التأديب في حكم لها رقم 29لسنة 1392"أن المخالفة التأديبية هي أساسا تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها وكرامتها بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على ما تنهى عنه الأنظمة الجنائية أو تأمر به، وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان ثمة ارتباط بين الجريمتين".
تسبيب القرار التأديبي
الأصل أن الإدارة غير ملزمة بذكر أسباب القرار صراحة في صلبه ما لم يلزمها النظام في ذلك فهناك قرينة قانونياً فحواها أن كل قرار إداري يصدر يفترض قيامه على أسباب صحيحة ومشروعة وعلى من يدعي العكس يقع عليه عبء إثبات فساد تلك الأسباب وهو ما انتهت إليه هيئة التدقيق بديوان المظالم في قرارها رقم 6 لعام 1413هـ عندما أشارت إلى ".. القاعدة المستقرة أن القرارات الإدارية تقوم دائماً على قرينة الصحة والسلامة، أي أن الأصل فيها الصحة إلى أن يقوم الدليل على غير ذلك"، وحتى لو صدر القرار الإداري دون الإفصاح عن أسباب صدوره، إلا أننا نجد أن أهمية تسبيب القرار التأديبي تكمن في الآتي:
- ضمانة للموظف المخاطب بالقرار حتى يتسنى له الوقوف على الأسباب التي بني عليها في إصداره وبالتالي يكون على بينة واضحة من أمره في حال الطعن عليه إمام القضاء الإداري.
- تمكين الجهة القضائية من ممارسة رقابتها على صحة القرار بما فيها الأسباب التي تضمنها للتحقق من قيام القرار على وقائع صحيحة وثابتة تبرر الجزاء التأديبي الموقع على الموظف.
وفي هذا الصدد ذهب ديوان المظالم في قرار له رقم 86/29لعام 1400هـ إلى انه "إذا قام القرار التأديبي على عدة اتهامات يثبت بعضها في حق الموظف دون البعض الآخر، وكانت الاتهامات الثابتة في حقه لا تكفي لتبرير الجزاء على أساس استبعاد ما لم يقم في حق الموظف وبما يتناسب صدقاً وحقاً مع ما قام في حقه، إذ لا يجوز أن يكون ضحية الخطأ في تطبيق النظام".
وفي حكم آخر له رقم 14/ت/ 1لعام 1404والذي أشار فيه إلى انه"..... ومن ثم إذا توافر لدى الإدارة المختصة الاقتناع بان الموظف سلك سلوكاً معيباً ينطوي على خروج على مقتضيات الوظيفة العام والإخلال بكرامتها أو بالثقة الواجب توافرها فيمن يقوم بأعبائها، وكان اقتناعها على هذا الوجه مجرداً عن الميل والهوى، فبنت عليه قرارها بإدانة سلوكه، واستنبطت هذا من وقائع صحيحة ثابتة مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها فان قرارها في هذا الشأن يكون قائماً على سببه ومطابقاً للنظام حصيناً من الإلغاء".
تناسب الجزاء مع المخالفة
المتفق عليه أن الجهة الإدارية تتمتع بسلطة تقديرية في إيقاع الجزاء التأديبي على الموظف المخالف دون أن تقيد نفسها بالتدرج في توقيع العقوبة إلا أنها يجب عليها أن تراعي ضوابط توقيع الجزاء التأديبي الواردة في المادة 34من نظام تأديب الموظفين عندما نصت على انه "يراعي في توقيع العقوبة التأديبية أن يكون اختيار العقوبة متناسباً مع درجة المخالفة مع اعتبار السوابق والظروف المخففة والمشددة الملابسة للمخالفة وذلك في حدود العقوبات المقررة في هذا النظام" وقد أوضحت المذكرة التفسيرية لنظام تأديب الموظفين في شرح لهذه المادة إلى انه "وفي مجال الكلام عن الظروف المخففة والمشددة عند توقيع العقوبة رأى النظام أن يعفى الموظف من العقوبة إذا ارتكب المخالفة بناء على أمر مكتوب صادر له من رئيسه رغم تنبيه الموظف للرئيس كتابة بان العمل المرتكب يكون مخالفة ونظراً لان الأصل هو اشتراك الموظف في المسؤولية الإدارية إذ لا طاعة في معصية فقد رأى النظام أن يقصر هذا الإعفاء على المخالفات الإدارية والمالية البسيطة دون الجسيمة".وتطبيقاً لذلك صدر حكم لديوان المظالم رقم 122/ت/ 3لعام 1407هـ والذي أشار فيه إلى أنه وعلى هدى الأصول والمبادئ العامة التي تحكم شؤون الوظيفة العامة وفي مجال التأديب بصفة خاصة من ضرورة تناسب مقدار الجزاء ونوعه مع درجة خطورة الذنب الإداري، إذ يجب أن يكون الجزاء عادلاً بأن يخلو من الإسراف في الشدة أو الإمعان في استعمال الرأفة". وفي حكم آخر رقم 205/ت/ 3لعام 1409هـ أشار فيه الديوان إلى أنه "وقد اشترطت تلك الأسباب قيام قرار الجزاء على كامل سببه وملاءمته للمخالفات المسندة للموظف".
ويستفاد من ذلك أن العقوبة إذا اتسمت بالغلو والشدة على نحو لا تتلاءم مع درجة المخالفة فإن الجزاء التأديبي والحال هذه يصبح معيباً لمخالفته الأصول التي يتطلبها النظام ويمكن الطعن عليه أمام ديوان المظالم.
وبعد استعراض تلك الضوابط المصاحبة للجزاءات التأديبية، فإن هناك بعض الإجراءات التي يمكن للموظف الاستعانة بها للتخفيف من آثار العقوبات التأديبية أو إلغائها وهي على النحو التالي:
حق الطعن في القرارات التأديبية.
إذا لم تراع السلطة الإدارية تلك الضوابط عند توقيع الجزاء التأديبي، فإنه يحق للموظف أن يطعن عليه وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (190) وتاريخ 1409/11/16هـ وذلك على النحو التالي:
- يجب على الموظف أن يتظلم من القرار التأديبي أمام الجهة الإدارية التي أصدرته خلال (60) يوماً من تاريخ العلم به.
- أن تبت الجهة الإدارية في التظلم خلال (90) يوماً تبدأ من تاريخ تقديم التظلم. وبناء عليه إذا أصدرت الجهة الإدارية قرارها خلال الميعاد المذكور وكان القرار بالرفض فإنه يجب أن يكون القرار مسبباً. أما إذا سكتت الجهة الإدارية حتى انقضت مدة التسعين يوماً فإن هذا يعتبر بمثابة قرار برفض التظلم.
- التظلم إلى وزارة الخدمة المدنية خلال (60) يوماً من تاريخ العلم بالقرار الذي أصدرته الجهة الإدارية برفض التظلم إذا كان قد صدر قرار بالرفض أو من تاريخ انقضاء مدة التسعين يوماً المحددة للإدارة دون البت فيه.
- أن تبت وزارة الخدمة المدنية في التظلم خلال (60) يوماً من تاريخ تقديمه له.
- إذا رفضت وزارة الخدمة المدنية التظلم (يجب أن يكون قرارها بالرفض مسبباً) أو سكتت أو لم تبت في التظلم خلال تلك المدة من حق الموظف رفع دعواه إلى ديوان المظالم خلال (90) يوماً دون البت فيه من جانب وزارة الخدمة المدنية.
- إذا صدر قرار من وزارة الخدمة المدنية لصالح الموظف المتظلم ولم تقم الجهة الإدارية بتنفيذه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه جاز له رفع الدعوى إلى ديوان المظالم خلال الستين يوماً التالية لهذه المدة.
محو العقوبة التأديبية
وتجد سندها النظامي في المادة 45من نظام تأديب الموظفين عندما نصت عليه "للموظف أن يطلب محو العقوبة التأديبية الموقعة عليه بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ صدور القرار بمعاقبته. ويتم محو العقوبة بقرار من الوزير المختص.
والهدف من ذلك هو حماية للموظف الذي حسنت أخلاقه وسلوكه ولم يعد إلى ارتكاب مخالفات تأديبية أخرى لأن الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف قد تأخذ في الاعتبار اثر العقوبة الموقعة على الموظف عند المقارنة بين الموظفين المرشحين للترقية أو النقل أو تولي الوظائف العليا.
ويترتب على نحو العقوبة اعتبار الجزاء الذي وقع عليه الموظف كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل وليس لما خلفه من آثار في الماضي الأمر الذي يلزم معه رفع أية أوراق متعلقة بالعقوبة من ملف خدمة الموظف. وقد بينت المذكرة التفسيرية لنظام التأديب بعض الضوابط الواردة في المادة 45وذلك على النحو التالي:
- محو العقوبة حق للموظف وعليه أن يقدم الطلب إلى الوزير المختص.
- أن يثبت الموظف حسن سيرته وسلوكه وكفاءته في أداء عمله خلال مدة الثلاث سنوات من تاريخ توقيع العقوبة عليه.
- محو العقوبة لا يسقط الحقوق التي يمكن أن تترتب على ما ثبت ضد الموظف من مخالفات إدارية أو مالية كالتعويض مثلاً. ويتضح لنا مما تقدم أن تلك الضوابط شرعت لأجل المصلحة العامة فهي من ناحية تبرز امتياز الإدارة وسلطتها في توقيع الجزاء ومن ناحية الموظف تعد وسيلة زجر وإصلاح لكي لا يعود إلى ارتكاب المخالفة مرة أخرى، ولكي نضمن تحقيق ذلك الغرض يجب على السلطة الإدارية التقيد بها عند توقيع الجزاء لأجل إسباغ المشروعية على تصرفها.

بارك الله فيك