المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طلب معدي التقارير والمحاضر



الزغيبي
26-12-2009, 06:26 PM
مسائل قضائية
(16 )
طلب معدي التقارير والمحاضر



الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فقد قال البهوتي ـ رحمه الله ـ في كشاف القناع(64) : (( وللمدعي إذا أنكر المدعى عليه أن يقول : لي بينة .... وللحاكم أن يقول للمدعي ألك بينة .... فإن قال المدعي لي بينة .... قال له القاضي : إن شئت فأحضرها . قال في المغني : لم يقل أحضرها ؛ لأن ذلك حق له ، فله أن يفعل ما يرى ، فإذا أحضرها المدعي لم يسألها الحاكم عمّا عندهما حتى يسأله : المدعي ذلك ؛ لأنه حق له )) .
وعند النظر في عمل بعض أصحاب الفضيلة القضاة أجد أنه يطلب من المدعي العام إحضار معديّ التقارير والمحاضر لسماع ما لديهم ، فما هو المستند في طلبهم دون طلب المدعي ذلك ؟
ويجاب عن ذلك بأن استيفاء حقوق الله تعالى من حدود ونحوها يختص به القاضي من غير طالب ، ويحكم به القاضي من غير تقدم دعوى ، قال الماوردي عند كلامه عن ولاية القاضي : (( السابع إقامة الحدود على مستحقيها فإن كان من حقوق الله تعالى تفرد باستيفائه من غير طالب إذا ثبت بإقرار أو بينة )) . وقال البهوتي : (( وتصح الشهادة بحق... الله تعالى ... من غير تقدم دعوى بذلك ))(65) . وعند الرجوع إلى نظام الإجراءات الجزائية أجد أن المادة السابعة والخمسين بعد المائة تضمنت أن المدعي العام لايلزمه حضور الجلسات إلا في ثلاث حالات ، فوجود المدعي العام أمر شكلي اقتضاه التنظيم ، ودعواه بمثابة الحسبة صيانة للمجتمع وحفظاً له ، ومن جهة أخرى فإن التوقيع على التقارير والمحاضر شهادة بما فيها ، والشهادة يختص أدائها بمجلس الحكم بحضور المشهود عليه (66) . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ (( وتجب المشافهة ( أي في الشهادة ) ، فلا يكفى بالرقعة مع الرسول ))(67) .
ونصت المادة العشرون بعد المائة من نظام المرافعات على أن: (( تؤدى الشهادة شفوياً ولا يجوز الاستعانة في أدائها بمذكرات مكتوبة إلا بإذن القاضي )) .
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ : (( أمر الشهادة مبني على الوضوح ، ولا يجوز للحاكم الشرعي أن يحكم بموجب شاهد إلا بعد معرفة من يراد الحكم عليه بهذه الشهادة وشاهدها )) (68) .
وقال : (( فإن امتنعوا ( أي الشهود عن الحضور ) ، وتحقق أن لديهم شهادة كلفوا بالحضور في مجلس الحكم إذا لم يكن عليه ضرر )) (69) .
وجاء في قرار الهيئة القضائية العليا (70) : (( إن إحضار شهود محاضر القبض على المتهم ، وفي حوزته المواد الممنوعة أمر يعود تقديره إلى ناظر القضية ، فإذا طلب القاضي حضورهم فلا مندوحة عن إجابة طلبه )) (71) .
فإن قيل : الشهادة المذكورة حق لله تعالى ، والشهادة في حقوق الله يباح إقامتها ، ويستحب تركها . قال البهوتي ـ رحمه الله ـ : (( ولا تستحب الشهادة بحق الله تعالى )) (72) ، وقال ابن أبي الدم ـ رحمه الله ـ : (( وأعلم أن كل ما تقبل فيه شهادة الحسبة ممّا هو من حدود الله تعالى ، فالمستحب أن لا يشهد به لأنه مندوب إلى ستره )) (73) ، فلماذا يطلب احضار معدي التقارير والمحاضر لسماع ما لديهم ؛ مع أن المستحب في حقهم ترك الشهادة ؟ بل ذكر البهوتي(74)، وغيره أنه: (( يجوز للحاكم أن يعرض للشهود بالوقوف عنها (أي الشهادة ) في حق الله تعالى )) .
ويجاب عن ذلك بأن توقيعهم على التقارير والمحاضر شهادة بما فيهما ، وحتى تستوفى الشهادة كان لا بد من أدائها مشافهة في مجلس القضاء بحضور المشهود عليه ، وقد عدت التعليمات أداء شهود المحاضر للشهادة أمام القضاء من واجبات عملهم (75) .

والسؤال هنا إذا لم يتذكر شاهد المحضر الحادثة ، وإنما عرف خطه أو توقيعه على المحضر ، فهل له أن يشهد بما فيه ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :
القول الأول :
ليس له أن يشهد على ذلك ، وبه قال الإمام أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف (76) ، وهو رواية عن الإمام مالك قال بها ابن القاسم وأصبغ من المالكية (77) ، وبه قال جمهور الشافعية (78) ، وجمهور الحنابلة قال المرداوي : وهو الصحيح من المذهب ، وذكر القاضي أنه المذهب ، وذكر في الترغيب أنه الأشهر وقدمه في الفروع والحاوي(79) ؛ لاحتمال تزوير الخط والتوقيع ، ولأن الخط يشبه الخط ، فلا يحصل العلم .
القول الثاني :
للشاهد أن يشهد إذا رأى خطه أو توقيعه ، وتيقن منه ، وبه قال : محمد بن الحسن من الحنفية(80) ، وذكر بعض الحنفية أنه قول أبي يوسف(81) ، وروى عن الإمام مالك ، وبه قال أكثر المالكية(82) ، وهـو رواية عــن الإمـام أحمـد اختارها في الترغيب ، وجزم بها في الوجيز ، وقدمها في المحرر ، وعنه يشهد إذا حرره (83) ؛ لأن تيقنه أن هذا خطه أو توقيعه يزول به احتمال التزوير .
والذي يظهر لي عدم الشهادة في حقوق الله إذا لم يتذكر الشاهد الحادثة ، وإنما عرف خطه أو توقيعه ؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة ، ولأنه لا يحصل بها العلم ، ولما تقدم من استحباب عدم الشهادة في حقوق الله تعالى .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(64) ج6 ، ص334 .
(65) الأحكام السلطانية والولايات الدينية ، علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ص139 ؛ كشاف القناع ، للبهوتي ، ج6 ، ص331 .
(66) انظر : الإنصاف ، للمرداوي ، ج11 ، ص301 ؛ كشاف القناع للبهوتي ، ج6 ، ص355 ؛ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ج12 ، ص397 ، م4186 .
(67) كشاف القناع ، ج6 ، ص353 .
(68) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، ج12 ، ص425 ، م4225 .
(69) المرجع السابق ، ج13 ، ص13 ، م4306 .
(70) في عام1390هـ أنشئت وزارة العدل وعين وزيراً لها ، وحلت محل رئاسة القضاة ، ونيط بها المهمات المالية والإدارية التي كانت تضطلع بها رئاسة القضاة ؛ ما عدا تدقيق الأحكام فقد نيط بهيئة سميت الهيئة القضائية العليا. انظر : التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية ، د.سعود بن سعد الدريب ، ط1 ، 1403هـ ، مطابع حنيفة ، الرياض ، ص336 .
(71) رقم 168 ، والتأريخ 13/4/1395هـ ، المبلغ بتعميم (س) رقم163/2/ت ، في 12/8/1395هـ . التصنيف الموضوعي ، ج3 ، ص446ـ448 .
(72) كشاف القناع ، ج6 ، ص406 .
(73) أدب القضاء ، ص435 .
(74) كشاف القناع ، ج6 ، ص406 .
(75) انظر : تعميم (و) رقم13/ت/3079 ، في 12/3/1428هـ .
(76) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج16 ، ص92 ـ 93 ؛ كشف الأسرار ، عبدالعزيز بن أحمد البخاري ، دار الكتاب الإسلامي ، ج3 ، ص51 .
(77) انظر : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ، لبرهان الدين إبراهيم بن علي بن أبي القاسم بن محمد بن فرحون ، راجعه: طه عبدالرءوف سعد ، مكتبة الكليات الأزهرية ، ط1 ، 1406هـ ، ج1 ، ص450 .
(78) انظر : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، محمد بن شهاب الدين الرملي ، دار الفكر ، ج8 ، ص260 ؛ الأشباه والنظائر ، عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي ، دار الكتب العلمية ، ص311 .
(79) انظر : الإنصاف ، للمرداوي ، ج11 ، ص307 ـ 308 .
(80) انظر : المبسوط ، للسرخسي ، ج16 ، ص92 ـ 93 ؛ كشف الأسرار، عبدالعزيز البخاري ، ج3 ، ص151 .
(81) انظر : فتح القدير ، ابن الهمام ، ج7 ، ص386 ؛ غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر ، أحمد بن محمد الحموي ، دار الكتب العلمية ، ج2 ، ص306 .
(82) انظر : تبصرة الحكام ، لابن فرحون ، ج1 ، ص450 .
(83) انظر الإنصاف ، للمرداوي ، ج11 ، ص307 ـ 308 .

ابن حزم
07-01-2010, 09:22 PM
رفع الله قدرك

الزغيبي
18-02-2010, 05:38 PM
صاحب الفضيلة ابن حزم ورفع الله قدرك .

القاضي الجزائي
21-05-2010, 12:15 AM
جزيتم خيرًا شيخنا الكريم

احمد عبدالله العباد
28-05-2010, 07:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعادة الشيخ الزغيبي حفظه الله
أسعد الله اوقاتكم
وبودي أن تزيدني علما بأمر ما ...ما هو حكم شرعي أو ما هي الأحكام البديله بمثل هذه القضايا
لي صديق متهم بقضية سرقة ذهب من منزل بإسكان عسكري ولديه أقارب بنفس السكن إخوان أحدهما عسكري والأخرمدني حكومي مع العلم بأنهم لايعلمون شياء عن موضوع السرقه وقد تم التحقيق معهم و إتهامهم من قبل ضابط الشرطه بالتستر والايواء وقد أنكروا ذلك مع العلم بأنهم موظفين عسكريين وحكوميين وليس لديهم أي سوابق ولا يوجد شهود عليهم ويعلم الله بأنهم مظلومين مما أنتسب إليهم وقد حقق معهم القاضي وانكروا علمهم باالامر
سعادة الشيخ أتمنى منكم الرد بخصوص الأحكام التي قد تطراء على الأشخاص المذكورين بحقهم مع التوضيح بأن الشيخ رفض أن يحكم على المتهم بالقضيه دون حضورالأخويين
ويقول أن أحكامهم جاهزة وهم بالأساس ليس لديهم ناقه ولاجمل بمجمل القضية والله يحفظكم ويسدد خطاكم لما فيه المصلحه العامة والتوفيق من عند الله ....
اتمنى مراسلتي على الخاص او العام

احمد عبدالله العباد
28-05-2010, 07:57 PM
مشكوررررررررر

احمد عبدالله العباد
28-05-2010, 08:27 PM
الله يعطيك العافيه

وطني
02-09-2010, 12:32 PM
والذي يظهر لي عدم الشهادة في حقوق الله إذا لم يتذكر الشاهد الحادثة ، وإنما عرف خطه أو توقيعه ؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة ، ولأنه لا يحصل بها العلم ، ولما تقدم من استحباب عدم الشهادة في حقوق الله تعالى .
وكتبه :
إبراهيم بن صالح الزغيبي
هذا ليس على اطلاقه والا لضاع الامن . والله الموفق

الأعمش
05-09-2010, 10:20 PM
بارك الله فيكم على هذا الموضوع القيم