المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعتراض على حكم في الحضانه



المحامي أحمد المالكي
22-09-2008, 02:27 AM
أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء محكمة التمييز بمنطقة ....... حفظهم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،

أتقدم إلى فضيلتكم أنا/ السيده ....... (معترضه)

ضــــد

............. (معترض ضده)

اعتراضــا علـى

الحكم الصادر عن فضيلة الشيخ/ .......القاضي بالمحكمة العامة .... بموجب الصك رقم ........ وتاريخ ........... المتضمن التمسك بحكمه السابق بالزامي بتسليم إبني ....... لوالدة ...........(المدعي) وذلك استنادا إلى :

1-أنه لا بينه لدي (بصفتي المدعى عليها) على عدم صلاحية والده (المدعي) للولاية عدا شربه للدخان في السابق 0
2-وجود قرائن تفيد عدم صلاحيتي للولاية على إبني 0
3-عدم ثبوت دعوى عدم صلاحية المدعى للولاية على إبنه 0
4-إنتهاء فترة الحضانة وإنتقالي من مدينة .... إلى مدينة ..... 0

وحيث أن تلك الأسباب قاصرة عن حمل الحكم المذكور كما أن هناك فسادا في الاستدلال بالقرائن ، عليه فانني أعترض على ذلك الحكم وأرد على الأسباب المذكورة بما يلي :

أولا :عدم صلاحية المدعى للولاية :
1-أن حالة المدعي الصحية لا تجعله قادرا على حضانة أبني والاشراف عليه من الناحيتين الدراسية والصحية حيث دخل المدعي ........ يوم ..... وتم إجراء عملية جراحية له (عملية قلب مفتوح) ولا يزال حتى تاريخه منوما بالمستشفى (شافاه الله) وبذلك يكون المدعي غير قادر على الولاية على أبنه لسوء حالته الصحية 0

2-لقد أوضحت أمام فضلية ناظر القضية كما أوضح وكيلي وبشهادة الشاهد ........ أن المدعى اعتاد على شرب الشيشه ولا يزال ولقد طلبت من فضيلته أخذ أقوال الابن في هذا الشأن إلا أنه أعرض عن ذلك رغم حضور الأبن جلسة ....... كما أنه أعرض وتجاهل طلبي إيقاع الكشف الطبي لاثبات التدخين من عدمه الأمر الذي يتنافي مع حقي في الدفاع ولقد كان على فضيلته الاستجابة لطلبي خاصة وأنه قد طلب تقارير طبية من عدة جهات دون لزوم حيث أن فيها كشف لستر اناس توفاهم الله إلى رحمته إلا أن فضيلته قد فعل وللاسف جاءت النتيجة على غير ما زعم المدعي الذي باء بالخسران المبين وأكتسب إثما مبينا وإنني أحتفظ بحقي في طلب تعزيره بعد انتهاء هذه القضية لينال جزاءه على تطاوله على أهلي بدون وجه حق 0

ثانيا :صفة القرائن التي استند إليها الحكم :
تنقسم القرائن إلى قرائن نصيه ورد بشأنها نص بالكتاب أو السنة وجعلها الشارع أمارة على شئ وقرائن قضائية وهي التي يستند عليها القضاة بحكم ممارسة القضاء ومعرفة الاحكام الشرعية التي تكون لديهم ملكة يستطيعون بها الاستدلال وإقامة القرائن في القضايا ومواضع الخلاف ويلاحظون العلامات ويستخرجون الامارات من ظروف كل دعوى عن طريق الفراسة والفطنة والذكاء ويصلون إلى معرفة الحق وتمييز الطيب من الخبيث ولكن يجب احاطتها بالحيطة والحذر وعدم التعويل عليها إلا ضمن القواعد والضوابط المقبولة وتقوم القرائن القضائية على عنصرين :

الاول مادي ويتكون من الوقائع التي يتحقق القاضي من ثبوتها ليفسرها ويسـتنبط منها الادلة على ما يريد اثباته :
والثاني معنوي وهوالاسـتنباط الذي يقوم به القاضي على أساس العنصر المادي ومراجعة فطنة القاضي وذكاؤه 0

وبما أن القاضي غير معصوم بل معرض للخطأ في الاستنباط فان قيمة القرائن أقل من غيرها ويصح اثبات ما يخالفها بكافة طرق الاثبات ولو كانت بقرينة في قوتها ومساوية لها أو قوى منها
(يراجع مؤلف وسائل الاثبات في الشريعة الاسلامية للدكتور محمد مصطفى الزحلي ص 494/497)

وينطبق ما سبق على ما جاء بالحكم من وجود قرائن تفيد بعدم صلاحيتي للولاية على أبني فانني أفيد فضيلتكم إن هذه القرائن والتي ذكرت في باطن الصك وردت على لسان المدعى وكانت كلها أكاذيب وإفتراءات وإتهامات ثبت عدم صحتها من واقع ما جاء من إجابات على طلبات فضيلة ناظر القضية من الجهات التي خاطبها وفقا لما هو مفصل بصلب الحكم يضاف إلى ما تقدم ما جاء على لسان المدعي نفسه بالصك رقم (..) وتاريخ 0....الصادر عن فضيلة الشيخ ....... القاضي بمحكمة ..... العامة والمصدق من محكمة التمييز رقم .....وتاريخ ............من إقرار المدعى بصلاحيتي للحضانة وهذا الاقرار يدحض ويناقض افتراءاته والقاعدة "أنه لا حجة مع التناقض"
وفي معرض القرائن فانني أشير هنا إلى موافقة جهة عملي على التحاقي بدراسة الماجستير كدلالة على تقدمي في عملي واجتهادي في سبيل تحصيل العلم كما أشير إلى شهادة التفوق الدراسي لابني اثناء فترة وجوده في حضانتي وكلها قرائن تثبت جدارتي بالولاية وتدحض القرائن التي أستند إليها الحكم 0


ثالثا :فيما يتعلق بعدم صلاحية المدعي للولاية على أبنه :

أشير في هذا الصدد إلى الأمور التالية :

1-عدم صلاحية الجو الأسري الذي يعيش فيه أسرة المدعي لتنشئة إبني حيث أشرت إلى واقعة حرق يده والتي نفاها الابن بعد تعرضه للتهديد والوعيد من المدعي وقد أكد الأبن صحة واقعة الحرق في جلسة الاحد .............لكن فضيلته أغفل عن ذلك وأعتبرها بمثابة شهادة من الأبن على والده مع أنها مجرد تأكيد لواقعة حرق زوجة المدعي للابن وهي ثابته بمحاضر الشرطة التي سبق الاشارة إليها وأؤكد لفضيلتكم مرة أخرى أن المدعي واثنين من ابنائه يشربون الدخان ويمكن سؤال الطفل للتثبت من ذلك 0

2-الاتهامات الباطلة لي ولإسرتي والتي ثبت كذبها حيث تدل على عدم تورعه عن الافتراء وتبلد الاحساس لديه حيث أن الافتراءات التي ساقها تنال من إبنه حيث انني والدته وأهلي أسرته ولو كان حريصا على إبنه وسمعته لما انحدر إلى هذا الدرك في الخصام 0

3-لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك والتأويل صحة ما ذكرته سابقا بشأن إصابة أبني بمرض الربو مما يؤكد ضرورة احتياجه للرعاية الصحية والاهتمام بمراجعة الطبيب المعالج أولا بأول خاصة أن لديه ملف طبي في مستشفى ...............ويتعرض لأزمات ربوية شديدة اثناء الليل وسيكون وضع أبني في خطر شديد في ظل عدم توفر الرعاية له في حالات حدوث الأزمات الربوية التي تنتابه والتي تستلزم رعاية خاصة والانقاذ السريع بالأكسجين والبخاخات وهو أمر غير متوفر له في أسرة والده

رابعا :فيما يتعلق بانتهاء فترة الحضانة وانتقالي إلى مدينه أخرى:
لقد سبق وأن أوضحت الظروف القهرية التي أدت إلى انتقالي إلى مدينة....كما أشرت إلى أنه يوجد مسكن للمدعى بهذه المدينه يقيم فيه باستمرار مع عائلة (زوجته وأولاده) حيث يعمل أبنائه غير المتزوجين في مدينة ..... وبناته يدرسن فيها حيث تدرس الكبرى في كلية ..... والآخريات يدرسن في التعليم العام وقدمت في هذا الشأن إيصال فواتير الهاتف الخاصة به لاثبات وجود هذا المسكن كما أوضحت لفضيلة ناظر القضية أن المدعي كان يستلم إبني في هذه المدينه ويقيم في سكنه بها إلا أن فضيلته أهمل كل ذلك وأعتبر انتقالي من أسباب حكمه بعدم صلاحيتي للولاية على الابن وهذا الأمر محل نظر وأقدم بين يدي فضيلتكم خطاب مدير شرطة محافظة ...... رقم ........في ...........والمتضمن ثبوت وجود مسكن للمدعي في مدينة ........وفقا لافادة عمدة حي ..... ومما يؤكد ذلك ما أرفقه لفضيلتكم من صورة الفاتورة الخاصة بهاتف منزل المدعي 0
خامسا: الاخلال بحقي في الدفاع :
(1)قام المدعى باتهام شقيقي المدعو / ........ بانه تم فصله من عمله بسبب تعاطي المخدرات وقد احضرت لفضيلة القاضي كل المستندات التي تثبت كذب المدعى غير ان فضيلته تجاهلها ولم يتم ضبطها في ضبط القضية وهذه المستندات كالتالي :ـ

أ-تقرير طبي رقم (......) وتاريخ ......... صادر عن المديرية العامة للشئون الصحية بمنطقة ...... مثبت فيه حالة شقيقي وهي انفصام ذهني زوراني وليس تعاطي المخدرات على عكس ما ذكره المدعى (مرفق 1)

ب-صورة قرار اللجنة الطبية العسكرية رقم ...... في .......والمتضمن إحالة شقيقي الى التعاقد وليس فصله (مرفق 2)

ج -صورة البطاقة الخاصة بشقيقي والتي تثبت انتسابه الى متقاعدي القوات المسلحة (مرفق 3)

وهذا الاهمال يعتبر من قبيل الاخلال بحقي في الدفاع ويتعارض مع الأنظمة المرعية .
اصحاب الفضيلة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين احبته يوم القيامة ) وقد جاء هذا الحكم ليفرق بيني وبين ابني المريض والذي يحتاج الى رعايتي واشرافي على صحته اولا باول كما جاء على غير سند من الشرع حيث لم يتم تخيير الطفل كما قرر ذلك الفقهاء وجاء مخالفا لقرار فضيلتكم الذي راعيتم فيه مصلحة الطفل دون النظر في محل الاقامة .

(2)عند حضور الابن لجلسة ........... سأله فضيلة القاضي هل تريد البقاء مع امك ام مع ابوك فاجابه بانه يريد البقاء مع والدته وذكر له اسبابه في ذلك ثم سأله فضيلته عن سكن واقامة والده فأجاب الأبن بأنه يقيم في مدينة ......وتم ذلك بوجود الموظف المختص لكن فضيلة القاضي لم يذكر هذه الواقعه بباطن الصك مع انها من الامور المهمه في هذه القضيه التي تجير لصالحي في هذه القضية .

أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة التمييز : -

إن الشرع الحنيف قد جعل مصلحة الطفل مناط الحماية والرعاية لذلك وفي ظل ما ذكرته من أسباب لما قد ترونه فضيلتكم من أسباب أخرى أفضل وأتم فانني التمس من فضيلتكم الآتي :

1-من الناحية الشكلية :
قبول لائحتي الاعتراضية لتقديمها في المواعيد النظامية لذلك 0

2-من الناحية الموضوعية :
نقض الحكم المشار إليه آنفا وتوجيه فضيلة ناظر القضية بأحقيتي في الولاية أو تخيير الطفل بيني وبين والده وفقا لما قرره الفقه والقضاء في ذلك ومنها ما أورده صاحب المغني (ج أ ص300) حيث قال "أن الغلام اذا بلغ سبعا وليس بمعتوه خير بين أبويه اذا تنازعا فيه من اختاره منهما فهو أولى به" وقد روى ابو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه ففي لفظ أبي هريرة قال جاءت إمرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ياررسول الله ان زوجي يريد أن يذهب بأبني وقد سقاني من بئر ابي عتبه وقد نفعني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (هذا ابوك وهذه أموك فاختر أيهما شئت) إضافة إلى ما قدمناه لفضليتكم من أدلة ومستندات تؤكد انتقال مسكن المدعي أيضا إلى مدينة ..... ، والله يحفظكم ويرعاكم 0

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
ملاحظة :- عدل القاضي عن حكمه وحكم بصرف النظر عن الدعوى.

الحقيقة
15-10-2008, 10:40 PM
لاحول ولا قوة الا بالله كان الله في عونها ورد لها ابنها وهد الله طليقها
للفائدة أحببت أن أضع بعض أقوال اهل العلم عن الحظانة
اقول مستعينا بالله.
الحمد لله الذي لم يخلق العباد عبثاً، ولم يتركهم سدى، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله صادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الفرد الصالح هو أساس الأسرة الفاضلة، والأسرة الفاضلة هي نواة المجتمع الخير، ولهذا فإن الإسلام عُني بالفرد منذ نعومة أظفاره، بل قبل ذلك عندما أمر الرجل أن يختار الزوجة الصالحة والنبت الحسن.

وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهمية تنشئة الطفل تنشئة صالحة، فقال: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أوينصِّرانه، أويمجِّسانه".

لقد سبق الإسلام الأمم والشعوب الكافرة التي انتبهت لأهمية المحاضن، وخطورتها، وتأثيرها في تكييف عقلية الناشئة على المنهج، والفلسفة، والسلوك الذي يراد منه، فكان للشيوعيين مثلاً محاضن خاصة "لتشويع" المواليد ومسخ فطرتهم، وترويضهم على المنهج الشيوعي الإباحي، وكذلك فعل الخارجي قرنق ، حيث كان يأخذ الأطفال ويربيهم في محاضن خاصة على الحقد والكراهية للإسلام والعرب، ويغرس فيهم من أصناف البغض وأسبابه ما الله به عليم؛ ينفقون عليها الأموال الطائلة، ويوكلون التخطيط والإشراف عليها لمن مردوا على بغض الإسلام والمسلمين، وأشربوا كراهية الدين.

ولهذا فإن الحضانة في الإسلام لها أهمية خاصة، وخطورة بالغة، من أجل ذلك أوجبها الإسلام على الأب أو من ينوب عنه، في حال الوفاة أو العجز.

وتزداد أهمية الحضانة ويعظم قدرها عندما يفترق الزوجان، وتنشأ بينهما نزاعات وخصومات تعرض الطفل لمخاطر كبيرة، ولانحرافات مثيرة، إذا لم يلتزم الطرفان المتنازعان بالأحكام الشرعية والآداب المرعية، ويتقيا الله في أنفسهما وأولادهما، ويقدما مصلحة الأولاد على حظوظ النفس.

وبعد...

فهذا بحث عن تعريف الحضانة، وحكمها، ومن الذي تجب له الحضانة؟ ومن أولى الناس بالحضانة؟ وعن شروط الحاضن، ونحو ذلك.

والله أسأل أن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يهديهم سبل الرشاد، وأن يجعلنا وإياهم ممن لا ينسون الفضل بينهم، لأن الفضل لا يذهب ولا يضيع بين الله والناس، وأن يحلينا وإياهم بالسماحة في تعاملنا مع إخواننا المسلمين، لندخل في دعائه صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرءاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين.

تعريف الحضانة وحكمها
لغة: الحضانة لغة من الحضن، وهو الجنب ، لأن الحاضن يضم الطفل المحضون إلى جنبه.

وشرعاً: حفظ صغير أو معتوه أومعاق عما يضره، وتربيته ورعاية مصالحه، إلى أن يكبر، أويصح؛ والحضانة والكفالة سواء.

حكم الحضانة
الوجوب.

دليل الحكم
دليل وجوب الحضانة للصغير قوله تعالى عن مريم عليها السلام: "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا".

وقوله صلى الله عليه وسلم: "بحسب المرء من الإثم أن يضيع من يعول".

قال ابن قدامة رحمه الله: (كفالة الطفل ووحضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه، فيجب حفظه من الهلاك، كما يجب الإنفاق عليه، وإنجاؤه من المهالك، ويتعلق بها حق القرابة، لأن فيها ولاية على الطفل واستصحاباً له، فتعلق بها الحق ككفالة اللقيط).1

من تجب لهم الحضانة
الحضانة تجب للصغير حتى يكبر، وللمجنون والمعتوه إلى أن يفيقا، وللمعاق.

من لا تثبت لهم الحضانة
الحضانة ولاية وكفالة وسلطان، فلا تثبت لهؤلاء اتفاقاً:

1. الطفل.

2. المعتوه.

3. الفاسق.

4. المبتدع.

ولا لهؤلاء، مع اختلاف في ذلك:

1. العبد.

2. الكافر .

3. الأم إذا تزوجت.

قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا تثبت الحضانة لطفل، ولا معتوه، لأنه لا يقدر عليها، وهو محتاج إلى من يكفله فكيف يكفل غيره! ولا فاسق، لأنه غير موثوق به في أداء الواجب من الحضانة، ولا حظ للولد في حضانته لأنه ينشأ على طريقته).2

المبتدع أشد خطراً على الولد من الفاسق، لأن الفاسق قد يؤثر على سلوك الطفل، ولكن المبتدع يؤثر في اعتقاده، عن طريق تأثيره على عقله الباطن.

مذاهب أهل العلم في حضانة الرقيق
ذهب أهل العلم في ثبوت الحضانة للمملوك مذهبين:

1. لا تثبت له الحضانة، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وبه قال عطاء، والثوري، رحمهم الله.

2. وقال مالك بثبوت الحضانة للرقيق.

قال ابن شاس في "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة"3: (ولا يشترط الحرية، بل للأمة حضانة ولدها من زوجها عبداً كان أم حراً).

وقد علل الجمهور، وهم المانعون من حضانة الرقيق، بأن المملوك لا يملك أمر نفسه، فقد يباع، أويمنعه أويشغله سيده عن ذلك ، وهذا تعليل سائغ لعدم ثبوت الحضانة للمملوك، رجلاً كان أوامرأة.

وقال ابن قدامة: (ولا الرقيق، وبهذا قال عطاء، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي4، وقال مالك في حر له ولد حر من أَمَة: الأم أحق به، إلا أن تباع فتنقل، فيكون الأب أحق بها؛ لأنها أم مشفقة أشبهت الحرة، ولنا، أنها لا تملك منافعها التي تحصل الكفالة بها، لكونها مملوكة لسيدها، فلم يكن لها حضانته كما لو بيعت ونقلت).5

مذاهب أهل العلم في حضانة الكافر للمسلم
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين كذلك:

1. لا حضانة لكافر على مسلم، وهذا مذهب مالك في المشهور عنه، والشافعي، وأحمد.

2. وذهب أبو حنيفة ومن وافقه إلى ثبوت الحضانة للكافر على المسلم.

استدل المانعون لحضانة الكفار للمسلم بأن الحضانة ولاية وسلطنة ولا تحل ولاية الكافر على المسلم ، قال الله تعالى :" ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ".6

وإذا منع الفاسق من الحضانة فمن باب أولى وبالأحرى أن يحرم من ذلك الكافر، إذ يخشى أن يطعم الصغير الحرام كلحم الخنزير والخمر، ونحو ذلك.

واستدل المجيزون لحضانة الكافر للمسلم بما رواه أبو داود في سننه7 عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان: "أنه أسلم، وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ابنتي، وهي فطيم، أوشبهه. وقال رافع: ابنتي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقعد ناحية؛ وقال لها: اقعدي ناحية؛ وقال: ادعواها؛ فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدها؛ فمالت إلى أبيها، فأخذها".

قلت: قوله صلى الله عليه وسلم عندما رأى الصبية تميل إلى أمها الكافرة: "اللهم اهدها"، أقوى دليل على عدم جواز حضانة الكافر للمسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم مجاب الدعوة، فجبر خاطر الأم في أول الأمر بتخيير الصبية، وحسمه بدعائه أخيراً، هذا مع العلم أن الحديث ضعيف.

قال ابن شاس المالكي رحمه الله: (لكن بشرط أن تكون الأم عاقلة، ولا يشترط كونها مسلمة على المشهور، بل للذمية من الحضانة ما للمسلمة إن كانت في حرز، وتمنع أن تغذيهم بخمر أوخنزير، فإن خيف أن تفعل بهم ذلك ضمت بهم إلى ناس من المسلمين، وروى ابن وهب8 أن لا حضانة لها).9

وقال الإمام الماوردي الشافعي في كتابه الحاوي الكبير10 وهو يعدد شروط الحاضن: (الشرط الثالث : الإسلام في الولد المسلم، فإن كان أحد أبويه كافراً سقطت كفالته بكفره، وقال أبو سعيد الإصطخري: لا تبطل كفالته بكفره، حكاه ابن أبي هريرة11 عن أبي حنيفة.

إلى أن قال:

وهذا خطأ، لقول الله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيـلاً"، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك"، ولأن افتراق الأديان يمنع من ثبوت الولاية كما يمنع منها على المال، وفي النكاح، لايؤمن أن يفتنه في دينه، وربما ألف من كفرها ما يتعذر انتقاله عنه بعد بلوغه).

وقال ابن مودود الحنفي: (والذمية أحق بولدها المسلم ما لم يخف عليه الكفر).12

قلت: قوله "ما لم يخف عليه الكفر"، هذا الاستثناء لا قيمة له، لأن الخوف من الكفر متوقع من أي كافر، وإلا لا يكون كافراً، وليس لهذا مثل إلا قول القائل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

علماً أن كل الكفار اليوم محاربون، ولو كانوا يعيشون في بلاد إسلامية، وذلك لعدم تطبيق أحكام أهل الذمة عليهم، ولا أحكام الإسلام على أهله.

وقال ابن قدامة: (ولا تثبت لكافر ـ أي الحضانة ـ على مسلم، وبهذا قال مالك، والشافعي، وسوار، والعنبري، وقال ابن القاسم، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: تثبت له.

إلى أن قال:

ولنا أنها ولاية، فلا تثبت لكافر على مسلم، كولاية النكاح والمال، ولأنها لم تثبت للفاسق فالكافر أولى، فإن ضرره أكثر، فإنه يفتنه عن دينه، ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر، وتزيينه له، وتربيته عليه ، وهذا أعظم الضرر، والحضانة إنما تثبت لحظ الولد، فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه وهلاك دينه، فأما الحديث فقد روي على غير هذا الوجه، ولا يثبته أهل النقل، وفي إسناده مقال، قاله ابن المنذر، ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها تختار أباها بدعوته، فكان ذلك خاصاً في حقه).13

الذي يحدث في هذا العصر لمن ابتلي بزواج الكافرات، خاصة من يسكن في ديار الكفر، عكس ما عليه الإسلام تماماً، إذ الطفل في تلك البلاد ملك للدولة، سيما إذا حدث فراق بين الزوج والزوجة، فإن الأب يمنع منعاً باتاً من مقابلة أبنائه، دعك عن أخذهم وحضانتهم، فمن عاش في تلك البلاد أوتزوج من نسائها الكافرات فلا يلومن إلا نفسه، لأنه جعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً، علماً أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية إلا إذا كانت:

1. ذمية تعيش في ديار الإسلام.

2. وخشي الوقوع في الزنا.

3. طمع في إسلامها.

مذاهب أهل العلم في حق الأم في الحضانة إذا تزوجت
الأم أولى من الأب في حضانة ولدها ما لم تتزوج، فإذا تزوجت فأقوال لأهل العلم:

1. منهم من أثبت لها الحضانة حتى بعد الزواج، إذا قبل زوجها بذلك.

2. ومنهم من لم يثبت لها الحضانة لعدم تفرغها لولدها.

3. ومنهم من أثبت لها حضانة البنت ومنعها من حضانة الولد.

قال ابن قدامة رحمه الله: (إن الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ من أهل العلم، قضى به شريح، وهو قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وحكي عن الحسن ـ البصري ـ أنها لا تسقط بالتزويج، ونقل مهنا عن أحمد: إذا تزوجت الأم، وابنها صغير، أخذ منها. قيل له: فالجارية مثل الصبي؟ قال: لا، الجارية تكون معها إلى سبع سنين. فظاهر هذا أنه لم يزل الحضانة عن الجارية لتزوج أمها، وأزاله عن الغلام، ووجه ذلك ما روي أن علياً وجعفراً وزيد بن حارثة تتنازعوا في حضانة ابنة حمزة، فقال علي: ابنة عمي، وأنا أخذتها. وقال زيد: بنت أخي. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين زيد وحمزة، وقال جعفر: بنت عمي، وعندي خالتها. فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: "الخـالة أم"، وسلمها لجعفـر، رواه أبـو داود14 بنحو هذا المعنى، فجعل لها الحضانة وهي متزوجة، والرواية الأولى هي الصحيحة، قال ابن أبي موسى: وعليها العلم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي"15، ولأنه إذا تزوجت اشتغلت بحقوق الزوج عن الحضانة، فكان الأب أحفظ له... وأما بنت حمزة ، فإما قضى بها لخالتها لأن زوجها من أهل الحضانة، ولأنه لا يساويه في الاستحقاق إلا علي ، ولقد ترجح جعفر بأن امرأته من أهل الحضانة، فكان أولى. وعلى هذا متى كانت المرأة متزوجة لرجل من أهل الحضانة كالجدة تكون متزوجة للجد لم تسقط حضانتها).16

وقال ابن شاس: (ويشترط أيضاً كونها فارغة، فإن كانت متزوجة، أونكحت ودخلت بطل حقها، إلا إذا كان الزوج جد الطفل، فإنها لا تسقط حضانتها، وقـال ابن وهب: تسقط. قال أصبغ والحـارث بن مسكين: العمل على ما قال مالك، ولا يؤثر رضى الزوج، ولا يرجع حقها إن طلقت، وقيل يرجع، وإذا كانت في مسكن الزوج، فللزوج ألا يرضى بدخول الطفل داره).17

الذي يترجح لدي والله أعلم أن الأم إذا وافقت على حضانة ولدها بعد الزواج وقبل زوجها ذلك فهي أولى، وإن لم يقبل زوجها فقد سقط حقها في ذلك.

والخلاصة
أن كل ما يخاف منه على الولد في بدنه أوأخلاقه في الحال أوالمال يسقط حق الحضانة.

الأولى بحضانة الطفل
إجمالاً، فإن:

1. الأم مقدمة على الأب ما لم تتزوج.

2. جنس النساء مقدم في الحضانة على جنس الرجال.

3. جداته لأمه على جداته لأبيه.

4. تقدم أخواته على إخوته.

5. وخالاته على أخواله.

6. وعماته على أعمامه.

7. الذي يحكم على كل ذلك مصلحة الطفل المحضون.

الأدلة على أن الأم مقدمة على الأب في الحضانة
الأدلة على تقديم الأم على الأب كثيرة، منها:

1. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأم: "أنت أحق به ما لم تنكحي".18

2. وقال أبو بكر الصدق رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه بعد أن حكم بعاصم لأمه أم عاصم: "ريحها، وشمها، ولطفها، خير له منك"، وفي رواية: "من الشهد عندك".

3. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ريح الأم، وفراشها، وحجرها، خير له من الأب حتى يشب ويختار لنفسه".

الترتيب في الحضانة
1. الأم وإن علت ما لم تتزوج.

2. الأب وإن علا.

3. أم الأم وإن علت.

4. وأم الأب وإن علت.

5. الأخت الشقيقة.

6. الأخت لأم وإن سفلت.

7. الأخت لأب.

8. الخالة الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب.

9. العمة الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب.

ويضبط كل هذا مراعاة مصلحة الطفل، بحيث يقدم الأدنى على الأعلى إذا ترجحت مصلحة الطفل عنده.

قال ابن شاس رحمه الله في اجتماع الحواضن: (والنظر في أطرف:

الأول ـ في النسوة: والأم أولى من سائرهن بالحضانة، ثم أمها، ثم جدة الأم لأمها وإن بعدت، ثم الخالة، واختلف في خالة الخالة، هل هي كالخالة عند فقدها أم لا؟ ثم الجدة لأب، ثم جدة الأب لأبيه، ثم الأخت، ثم بنت الأخت، ثم العمة، ثم بنت الأخ.

الثاني ـ في الذكور: وأولاهم الأب، ثم الأخ، ثم الجد، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم، ثم اختلف في الموالي الأعلى والأسفل، هل لهما حق في الحضانة أم لا؟

الثالث ـ في اجتماع الذكور والإناث: ولا شك في تقديم الأم وأمها على جميع الرجال، وتقدم جميع النساء على من عدا الأب من الرجال.

فأما الأب ومن بعد الجدة للأم فقد اختلف أيهم يقدم:

فمذهب الكتاب ـ المدونة ـ أنه يقدم على من سوى الأخت.

وقيل: إن جميع النساء مقدمات عليه.

وقيل: إنه لا يقدم عليه إلا الأم والجدة.

وقيل: الخالة مقدمة عليه ، وهو مقدم على أمه ومن بعدها ).19

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الأم أصلح من الأب، لأنها أرفق بالصغير، وأعرف بتربيته، وحمله، وتنويمه، وأصبر عليه، وأرحم فهي أقدر وأصبر في هذا الموضوع، فتعينت في حق الطفل تميز المخير في الشرع.

ثم قال: ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس له نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقاً، بل لا يقدم المعتدي، أوالمفرط على العادل البار مطلقاً، فكل من قدناه إنما نقدمه إذا حصل به مصلحة الحضانة، واندفعت به مضرتها، فأما مع وجود فساد من أحدهما فالآخر أولى بها بلا ريب).20

وقال ابن القيم رحمه الله: (التقديم والتأخير والقرعة، لا تكون إلا إذا حصلت به مصلحة الولد، وكون كل واحد من الوالدين نظير الآخر، فلو كانت الأم أصون من الأب، وأغير منه قدمت عليه، ولا التفات إلى قرعة، ولا تخيير للصبي في هذه الحال، فإن الصبي ضعيف يؤثر البطالة واللعب فيكون عند من هو أنفع له، ولا تتحمل الشريعة غير هذا).21

إذا بلغ الصبي المحضون غير المعتوه سبع سنين
إذا بلغ المحضون الصغير غير المعتوه ولا المجنون ولا المعاق سن السابعة فقد ذهب أهل العلم في ذلك مذاهب، وفصلوا تفصيلات، وفرقوا بين الصبي والصبية، وإليك ملخص أقوالهم:

( أ ) الغلام

ذهب أهل العلم في الغلام إذا بلغ سن السابع ولم يكن معتوهاً ولا مجنوناً ولا معاقاً مذاهب هي:

1. يخير بين أبويه، فمن اختاره كان معه، وقد قضى بذلك عمر، وعلي رضي الله عنهما، وشريح القاضي، وهو مذهب الشافعي وأحمد.

2. وقال مالك: الأم أولى به حتى يثغر.22

3. وقال أبو حنيفة: إذا أكل ولبس، واستنجى بنفسه فالأب أولى به.

استدل أصحاب المذهب الأول القائلون بالتخيير بالآتي:

بما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاماً بين أبيه وأمه.23

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة24، وقد نفعني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت"، فأخذ بيد أمه فانطلقت به.25

وبأن عمر خير غلاماً بين أبيه وأمه.26

وروي عن عمارة الجرمي أنه قال: "خيرني علي بين عمي وأمي، وكنت ابن سبع سنين أوثمان.

واستدل المانعون للتخير بأن الصبي لا يمكنه التمييز بين ما فيه مصالحه الدينية والدنيوية، وقد يؤثر في بعض الأحيان من يلعب عنه ويترك تأديبه، وينفر ممن يوجهه ويقوم بتأديبه.

الذين قالوا بالتخيير اشترطوا كذلك شرطين هما:

1. أن يكون الأب والأم من أهل الحضانة، أما إن كان أحدهما ليس من أهل الحضانة فلا حظ له في ذلك.

2. أن لا يكون الصبي معتوهاً أو مجنوناً أو معاقاً.

قال ابن مودود الحنفي: (ويكون الولد عندهن حتى يستغني عن الخدمة، فيأكل وحده، ويشرب وحده، ويلبس وحده، ويستنجي وحده، وقدره أبو بكر الرازي بتسع سنين، والخصاف بسبع اعتباراً للغالب، وإليه الإشارة بقول الصديق رضي الله عنه: هي أحق به حتى يشب؛ ولأنه إذا استغنى احتاج إلى التأدب بآداب الرجال، والتخلق بأخلاقهم، وتعليم القرآن والحرف، والأب على ذلك أقدر، فكان أولى وأجدر).27

وقال ابن شاس المالكي: (ثم الأم أولى بالصغير الذكر إلى حيث يبلغ الاحتلام، وقيل إلى حيث يُثْغِر.

وقال ابن الماجشون: إذا استغلظ أو قارب الاحتلام، أوأنبت واسود نباته، فللأب ضمه إلى نفسه).28

وقال الإمام الماوردي الشافعي :( وقد اختلف الفقهاء في أي أبويه أحق بكفالته بعد السبق ؟ على ثلاثة مذاهب :

أحدها : وهو مذهب الشافعي : أن الولد يخير بينهما ، فيكون مع من اختاره منهما ، سواء كان غلاماً أو جارية ، اختار أباه أو أمه .

والمذهب الثاني: وهو مذهب مالك أن الأم أحق بالغلام والجارية من غير تخيير.

والمذهب الثالث: وهو مذهب أبي حنيفة أن الأم أحق بالجارية والأب أحق بالغلام).29

وقال ابن قدامة بعد ذكر الآثار السابقة مرجحاً التخيير: (وهذه قصص في مظنة الشهرة، ولم تنكر، فكانت إجماعاً، ولأن التقديم في الحضانة لحق الولد، فيقد من هو أشفق، لأن حظ الولد عنده أكثر، واعتبرنا الشفقة بمظنتها إذا لم يمكن اعتبارها بنفسها، فإذا بلغ الغلام حداً يعرب عن نفسه، ويميز بين الإكرام وضده فمال إلى أحد الأبوين ، دل على أنه أرفق به ، وأشفق عليه ، فقد بذلك).30

الذي يترجح لدي أن التخيير هو الحل الأمثل لفض النزاع بين الأب والأم، ولهذا يصار إليه، إذ ليس هناك طريقة أفضل منه لفض النزاع والله أعلم.

(ب) البنت
أما البنت بعد السابعة إن لم تكن معتوهة أو مجنونة أو معاقة ففيها مذاهب هي:

1. الأحناف: تكون الجارية عند الأم والجدة لأم حتى تحيض، وعند غيرهما حتى تستغني، وقيل حتى تشتهى31، وعللوا ذلك بأنها تحتاج إلى التأدب بآداب النساء، وتعلم أشغالهن، والأم أقدر على ذلك.

2. المالكية: تكون عند أمها حتى تتزوج ويدخل بها زوجها

3. الشافعية: تخير كما يخير الغلام.

4. الحنابلة: لهم روايتان:

1. المشهور منهما أن حضانة البنت بعد السبع تكون عند أبيها

2. تكون لأمها

الذي ينبغي أن يراعى في الحضانة للصغير والمعتوه المصلحة، فمن ترجحت مصلحته عند أحد الأبوين وجب أن يصار إليها.

قال الشيخ البسام32: (قال الفقهاء الحنابلة: إذا تمت البنت سبع سنين ، صارت حضانتها لأبيها حتى يتسلمها زوجها ، لأنه أحفظ لها، فإن كان الأب عاجزاً عن حفظها، أويهملها لاشتغاله عنها، أو قلة دينه، والأم قائمة بحفظها قدمت.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا قدر أن الأب تزوج بضرة، وتركها عند الضرة، لا تعمل لمصلحتها، بل ربما تؤذيها، وتقصر في مصلحتها، وأمها تعمل مصلحتها ولا تؤذيها فالحضانة للأم قطعاً ، نظر للمصلحة إذ هو المقصود من الحضانة).33

تنبيهات
الأول: الذي يقولون بتخيير الغلام والجارية بعد السابعة يقولون متىاختار أحدهما يُسلم إليه، ثم إذا اختار الآخر رد إليه، وإن عاد واختار الأول رد إليه، وهكذا.

الثاني: إذا كان الولد عند الأم يكون عندها ليلاً وبالنهار يكون مع أبيه، أما البنت فإذا كانت مع أي أحد من الأبوين أوغيرهما بقيت عنده ليلاً ونهاراً.

الثالث: لا ينبغي لأحد الأبوين أن يمنع المحضون من زيارة الآخر.

الرابع: إذا مرضت البنت فأمها أولى بتمريضها، فإن كانت عندها تولت ذلك، وإن كانت عند أبيها أو غيره ردت لأمها.

الخامس: إذا سافر أحد الأبوين، دون الآخر فالمقيم أولى بالحضانة من المسافر، هذا إذا لم يكن الطريق والبلد آمناً، أما إذا كان البلد آمناً وكذلك الطريق فالأب أحق بالمحضون من الأم؛ ولا ينبغي للأب أن يحتال بالسفر ليحرم الأم من الحضانة.

السادس : النفقة على المحضون قصر على الأب، أومن يحل محله عند موته أوعجزه، وذلك بتوفير:

1. الأكل والشرب.

2. الملابس.

3. الغسيل.

4. العلاج.

5. السكن ما ينوب المحضون منه.

ويحكم كل ذلك ما تعارف عليه الناس، وحسب عادتهم، ويختلف ذلك بحال الأب عسراً ويسراً.

قال ابن شاس المالكي، تحت عنوان "في المستحق للمحضون الفقير على أبيه الملي"34: (وذلك ما يأكله ويشربه، ويفتقر إليه من غسل، ومؤونة، ويلزم إخدامه إذا كان يليق بمثله.

وقيل : لا تلزم الخدمة .

وكذلك الخلاف في السكنى، والمشهور وجوبها للحاجة إليها، ورأى في الشاذ أنه فيها تبع.

ويتفرع على المشهور فرعان: الأول: هل تلزم أجرة جميع المنزل، أوما ينوب الولد؟ في ذلك قولان35.

الفرع الثاني وهو مرتب على الأول، إذ قلنا: الواجب ما ينوب الولد، هل بقدر الانتفاع، أوعلى عدد الرؤوس؟ فيه قولان36 أيضاً).37

هذا إذا كان المحضون فقيراً، أما إذا كان وارثاً غنياً فالنفقة من ماله.

إذا أسقطت الأم النفقة عن الأب مقابل أن تخص بالحضانة فلا يحق لها المطالبة بالنفقة بعد
إذا أسقطت الأم النفقة على المحضون مقابل أن تنفرد بالحضانة فليس لها المطالبة بذلك في المستقبل ، وللأب أن ينزع منها الطفل، فالمسلمون عند شروطهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا أخذت الأم الولد على أن تنفق عليه، ولا ترجع على أبيه بما أنفقته مدة الحضانة، ثم أرادت أن تطالب بالنفقة في المستقبل فللأب أن يأخذ الولد منها أيضاً، فإنه لا يجمع لها بين الحضانة في هذه الحال، ومطالبة الأب بالنفقة مع ما ذكرنا بلا نزاع، لكن لو اتفقا على ذلك، فهل يكون العقد لازماً بينهما؟ هذا فيه خلاف، والمشهور في مذهب مالك أنه لازم.

قال في شرح الإقناع: ومن أسقط حقه في الحضانة سقط لإعراضه عنه، وله العود في حقه متى شاء، لأنه يتجدد بتجدد الزمان، كالنفقة.

السابع: إذا أخذ الولد من الأم بعد زواجها، ثم طلقت أو مات عنها زوجها رُدّ إليها.

الثامن: إذا أبت الأم إرضاع الولد إلا بأجرة فلها أجرة المثل، وإن تمنعت عن إرضاعه بأجرة أوبغيرها للأب أن يسترضع لولده غيرها.

التاسع: تنتقل الحضانة إذا لم يوجد أحد الأقربي إلى:

1. باقي العصبة: الأقرب فالأقرب ، فتقدم الإخوة على بنيهم، ثم الأعمام ثم بنوهم، ثم أعمام الأب، ثم بنوهم، وهكذا .

2. ثم تنتقل الحضانة إلى ذوي الأرحام من الذكور والإناث، وأولاهم أبو أم ، ثم أمهاته، فالأخ لأم، فالخال.

3. ثم تنتقل إلى الحاكم لعموم ولايته.

العاشر : إذا كانت المحضونة أنثى فيعتبر أن يكون العاصب من محارمها، ولو من رضاع أومصاهرة، إن تم لها تسع سنين، فإن لم يكن العاصب المستحق للحضانة محرماً، سلمها لثقة يختارها، أو إلى محرمه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المحامي أحمد المالكي
16-10-2008, 11:55 PM
جزاك الله كل خير على الإضافه القيمه

وفقك الله

د. ناصر بن زيد بن داود
08-10-2009, 07:14 PM
شكراً لك أبا هشام على هذا التلطف الرقيق .

(القاضي شريح)
24-02-2010, 11:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشكر بعد شكر الله عزوجل لفضيلة الدكتور ناصر على جهوده المباركة في خدمة القضاء في هذه البلاد المباركة الا ان مما يشيع الاحباط في الاوساط القضائية المتطلعة للاصلاح والصلاح اقصاء امثال الدكتور ناصر من ورش العمل التي تعقد في مجلس القضاء ومايقال عن فضيلة الدكتور ينطبق على كثير من رجال القضاء ولايعني ذلك التقليل من مكانة من يعمل حاليا لكن اتاحة الفرصة مطلب ضروري والله الموفق