الكلمة الصادقة عندما تنبعث من اللسان أو البنان تكون مشحونة بما يناسبها من الانفعال الذي يتحكم في ظهور وإدغام مخارجها ، وفيما يصاحبها من علامات المشاعر الظاهرة ؛ مثل : تعبيرات الوجه ، وحركات اليدين ، وتأوهات الصدر .
وسواء في ذلك : الكلمات الحازمة ، أو الحانية ، كلٌ بحسبه وبما يناسبه .

وتتحكم الثقافات المكتسبة في طريقة التعبير ، كما تتحكم العادات والأعراف المستفادة من عملية التربية في اختيار الكلمات المناسبة والمؤدية للغرض المراد التعبير عنه .

ومن ذلك : قصة هارون الرشيد يرحمه الله مع جليسيه المتغايرين في آداب محادثة ومجالسة الملوك وفي الفطنة لما يسمى اليوم : ما بين السطور ، وما خلف السطور .
فعندما سأل الخليفة جليسه الأول عن جملة من الأعواد كانت في يده ، قال : هذه مساويك! . وقال الثاني : هذه أعواد الأراك .
وفي حادثة أخرى : سأل من عنده عن اسم خيزرانة كانت بيده ، فقال أحد الحاضرين : هذه خيزرانة . وقال آخر : هذه من أعواد الأسل ( الرماح ) . وكان اسم والدة الخليفة هو : الخيزرانة .

أعجب الخليفة بالقول الثاني في كلتا الحادثتين ، مع أن كلا الجوابين صحيح ، لكن الأدب يمنع من التصريح أحياناً بما له مرادفٌ أنسب منه في الحال أو في المآل .
على أن التصريح بالمعنى المباشر له وقته ومجاله المطلوبان في حينهما المناسب .

وفي هذا المنتدى القضائي اخترنا : أن نعبر عن مراداتنا بأحسن الكلام وأفصحه ، أو بأظهر الحديث وأوضحه ، ولو لم يكن بليغاً .
أما التعبير بما للمتحدث عن إيراده غنية ، وله في ما هو أجمل به فسحة : فيسرنا إرشاد صاحبه إلى عدم مناسبته باقتطاعه من مجموع الكلام ؛ لئلا يؤثر فساده على باقي الكلام ، وليتسنى لقائله الانتباه لخلله ، وتدارك أمره مرة بعد مرة ؛ حتى تصفو مشاربه وتطيب أجواؤه ، على أن الحديث المبتور يفهم المراد منه من باقيه .

إن مشرف هذا المنتدى مهمته : مراقبة الحوار حتى لا يخرج عن الإطار الأخلاقي العربي الإسلامي الواجب ، ولو لم يكن منه إلا تقويم اللسان والقلم لكفاه ، فهو أشبه بمرآة يرى فيها العضو المشارك عيوب حديثه ، ويرحم الله من أهدى إلي عيوبي ، ومما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (( المؤمن مرآة المؤمن )) .

لقد اكتفينا في المنتدى بما هو محرر أعلى الصفحة ؛ لأن المنتدى مجال لنخبة من عقلاء الرجال هم ( القضاة ) ، أما تعليمات المنتديات الحوارية الأخرى فالمستهدف منها عامة الناس من مراهقين وهازلين وغوغاء . وفق الله الجميع لمرضاته