لعلاقة أفراد المجتمع باليوم الخامس والعشرين من كل شهر هجري أو كما يطلق عليه بالعامية يوم (25) عربي عدة أقسام فالقسم الأول لهم علاقة مباشرة به حيث ينتظر الفرد من هذا القسم الساعة الثانية عشر صباحاً على أحر من الجمر من اليوم لمباغتة أقرب جهاز صراف لسحب (لقمة 25) الناتجة عن كد كامل الشهر بحلوه ومره، وباقي أقسام المجتمع في علاقتهم بهذا اليوم لا تعنينا هنا إذ نكتفي بالقسم الأخير الذين ليس لهم علاقة بأي يوم بالتقويم سواءاً (عربي) أو (افرنجي) وهم أولئك القوم الكادحين الكادين الذين يحصلون على لقمة عيشهم من (فم الأسد)، والعلاقة بين القسمين أن أصحاب (لقمة الأسد) يعتمدون بصورة كبيرة بشكل أو بآخر كل بحسب نشاطه إلى إخوتهم أصحاب (لقمة 25) فأصحاب (لقمة الأسد) عند مراجعتهم للإدارات الحكومية لم يأتوا لمجرد النزهة أو لمجرد تكحيل الأنظار بإخوتهم أصحاب (لقمة 25) بل أتوا سعياً وراء (لقمة أسد) أخرى وإن لم يكن هذا بطريقة مباشرة، معنى ذلك أن تعطيله أو تأخيره ما هو في حقيقته إلاّ تعطيل (لقمة أسد) أخرى، وليس الحديث هنا عن التعطيل الصحيح المبرر نظاماً، بل الحديث ينحصر في التعطيل بلا سبب إن صح التعبير والصحيح أنه تعطيل إما بسبب الكسل وعدم الرغبة في العمل أو بسبب الطمع في قطعة من (لقمة الأسد) أو بسبب أن إسم أو مظهر أو لكنة صاحب المعاملة لم تعجب معالي صاحب (لقمة 25) الأمر الذي تكون نتيجته الحتمية التعطيل والتأخير لأسباب كالماء لا طعم لها ولا لون ولا رائحة والأعجب من ذلك أن معاليه يشعرك وقتها وكأنها أسباب استراتيجية لا يمكن التنازل عنها، وكأن الوضع برمته لا يعدو أن يكون لعبة أو مسرحية ناسياً أو غافلاً أو متناسياً أو متغافلاً أن الأمر بالنسبة للمراجع ولو بطريقة غير مباشرة (لقمة عيش) في آخر الأمر، وسؤالي هنا لمعالي (لقمة 25) الذي يتعمد تأخير وتعطيل مصالح العباد دون مبرر حقيقي (والذي من الممكن تجاوزه إن كان صاحب المعاملة من أحبة معاليه) لو توجه معاليك إلى جهاز الصراف ليلة 25 الساعة 12 مندفعاً -كالعادة- فلم تجد (لقمتك) التي اعتمدت على وجودها في هذا الوقت لأسباب كثيرة، فما هو شعورك آنذاك؟، وما شعورك لو ظهر لك على الشاشة جملة كتب فيها (شكلك أو إسمك أو لكنتك ما دخل مزاجي تعال بكرة خذ راتبك)؟ أو جملة (كسلان عن صرف راتبك تعال بكرة)؟ أو جملة (إذا أردت راتبك تنازل عن 800 ريال منه أو راجع بعد أسبوع لاستلام الراتب)؟ أو جملة (إن بطاقة الصراف ممسوحة بعض الشيء لذلك يلزمك مراجعة الفرع لتحديث بياناتك وإحضار خطاب مصدق منهم بأنك انت صاحب البطاقة بالإضافة إلى شاهدين على صحة الخطاب وأنك استلمته من الفرع حق بنكنا)؟.
جميع هذه المواقف إن تخيلتها حقاً وتخيلت شعورك وقتها يا من أنعم الله عليه بـ (لقمة 25) واختاره ليقوم ويرعى وينظم مصالح العباد وتخيلت شعورك حق تخيله وقتها:
تأكد تماماً أنه شعور كل مراجع راجعك وصرفته من أمامك دون إنهاء إجراءاته دون سبب حقيقي.
لذا وصيتي لكل موظف حكومي أن يتقي الله في مراجعيه وليعلم أنهم لم يأتوا نزهة بل أتوا سعياً وراء الرزق وسؤال الخالق من فضله.
بقلم
المستشار الدولي