نشرت في صحيفة المدينة العدد 16544

قضائيات تلقيت رسالة كريمة من أخي الفاضل الأستاذ: محمد رابع سليمان. المحرر في صحيفة المدينة.
وهذا نصها :-

فضيلة الشيخ الدكتور ناصر بن زيد الداود الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
نظراً لما لفضيلتكم من قدم راسخة في معرفة أحكام وأنظمة القضاء وجهودكم الكبيرة في طرح القضايا التي ترفع من شأن هذا الجهاز الهام، نأمل التكرم بالمشاركة بالرأي في هذه القضية التي تطرحها صحيفتكم (المدينة).
الموضوع – تطبيق نظام المحكمة الإلكترونية في القضاء.

أشار معالي وزير العدل في تصريح صحفي مؤخراً إلى أن نظام القضاء الجديد سيتضمن تطبيق المحكمة الإلكترونية التي تتضمن تقليص حضور المتخاصمين أمام القاضي إلى مرة واحدة في بداية الخصومة والاعتماد على نظام المذكرات القانونية عبر البريد أحياناً.

هل ترون أن يؤدى هذا النظام إلى تقليل المشاحنات التي تحدث أمام القاضي بين المتخاصمين؟.
ما مدى تأثير هذا النظام على تسريع عملية التقاضي شاكرين لفضيلتكم كريم تجاوبكم؟.

المحرر/ محمد رابع سليمان
مكتب مكة المكرمة
----------------------------------------------------------

فأجبت سعادته على الفور بما نصه:-

أخي الفاضل: الأستاذ محمد بن رابع بن سليمان يحفظه الله
السلام عليك ورحمة الله وبركاته وبعد:-
أشكر لسعادتكم تواصلكم وزيارتكم لموقع المركز الذي يسعده تفاعل أمثالكم وفقكم الله، وأرحب بالتعاون معكم فيما طلبتموه؛ فهو يصب في النهاية في ذات الاختصاص؛ الذي نقاوم المخذلين لإفاقته من رقدته، ونجاهد المرجفين لانتشاله من عثرته، ونناضل المثبطين للنهوض به قدماً نحو الأفضل.

= إنَّ المحكمة الإلكترونية أمنية كل قاضٍ وكل مواطنٍ صالح في هذا البلد المبارك، ولعلك تطلع على الرابط المرفق؛ لترى كم نحن تواقون لتحقيق هذه الأمنية:
http://www.cojss.com/article.php?a=8

أخي الكريم:
في جمهورية سنغافورة البلد الصغير الذي تقل مساحته عن مساحة إحدى محافظات المملكة، يتداول الناس فيها من الأموال ما يزيد على ميزانية دول الخليج مجتمعة، وفيها فروع من أغلب الشركات العالمية الشرقية والغربية، وينشأ من تلك التعاملات الكثير من القضايا؛ التي لو اتخذوا بشأنها الطريقة التقليدية في التقاضي لتحطمت تلك البلاد بعد تناثر أشلاء اقتصادها الكبير جداً على مستوى العالم الأول.

= ينبغي العلم بأنَّ المحكمة الإلكترونية ليست خيالاً علمياً؛ إلا في أذهان أشباه طيور النعام، التي تدس رؤوسها في الرمال حتى لا يراها أحد، وهم كذلك بزعمهم.

= إن الكثير منا اليوم يتعامل مع البنوك والشركات الكبرى في المملكة عبر مواقعها في الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) وبأقيام تتعدى آلاف الملايين؛ كما في سوق الأسهم السعودي، وكما في شبكات الصراف الآلي، وكما في نقاط البيع في كثير من المنشآت التجارية.

= إن آلافاً من القضايا المنظورة في المحاكم اليوم لا تتعدى كلها في أهميتها قيمة صفقة واحدة من الصفقات التجارية المحوسبة، وإنَّ دعوى الاحتياط لقضايا الناس - بترك الحوسبة والاعتماد على الطريقة التقليدية - حيلة العاجز عن تحقيق المطلوب وتطبيق الجديد ومجاراة العالم في تطوره وتسارعه نحو المفيد والأفضل.

= سيبقى اقتصادنا متباطئاً بسبب بدائية آلية التقاضي، وضبابية الأحكام، وأمية المحاكم ( الأمية المعاصرة )، وقلة القضاة، وضعف تجهيز المحاكم؛ الذي لا نزال نعايشه حتى اليوم.

أخي العزيز:
إن في تلقي لوائح الدعوى عبر البريد الإلكتروني، وتبادلها بين الخصوم تحت إشرافٍ قضائيٍ: يسهل على المحكمة جمع أطراف خيوط القضية ودراستها؛ دون تأثرٍ بأسلوب الخصم ولا تأثيرٍ من وجاهة آخر؛ حتى إذا استقرت الطلبات والدعاوى والدفوع، واتضحت البينات والردود، يجمع القاضي بين المتخاصمين، ويسمع شهادة الشهود، ثم يعلن الحكم في القضية في أقل من ثلاث جلسات.

= من الممكن إعطاء كل محامٍ بريداً إلكترونياً من موقع المحكمة ناظرة القضية ، بحيث يتلقى فيه المحامي طلبات المحكمة أولاً فأول، ويمكن تطبيق ذلك اختيارياً للعموم، وإجبارياً للمحامين والشركات والمؤسسات التجارية الكبرى والمتوسطة.

إنَّ من إيجابيات حوسبة التقاضي:-
1/ تكثير عدد القضايا التي ينظرها القاضي في اليوم الواحد؛ لأن تعامله سيكون مع الورق في المراحل الأولى للقضية.

2/ توفير نشاط القاضي الذي يُهدر الكثير منه في تهدئة الخصوم، وتقليل الجهد في إفهامهم بطلبات المحكمة.

3/ الرفق بالخصوم بعدم طلبهم في جميع جلسات القضية؛ إذ يتعرض الكثير منهم للتعطيل بسبب تأخير أو إلغاء الجلسات المحددة.

4/ تخفيف الاحتقانات بين الخصوم؛ خصوصاً في القضايا المالية الكبرى، والقضايا الأسرية الخاصة، وبعض القضايا الجنائية.

5/توثيق الدعاوى والأجوبة والدفوع وجميع الردود بعبارات الخصوم أنفسهم، دون التدخل من القاضي في صياغة تلك المذكرات بالاختزال أو الحذف أو التعديل؛ مما يكون له الأثر الفاعل في صحة تصور القضية والوصول السريع للحكم فيها.

6/ القضاء على دعاوى الخصوم بتحريف كلامهم أو الزيادة فيه أو النقص منه بعد أن يظهر لهم أن الحكم في غير صالحهم.

7/ إغلاق أبواب التخلف عن حضور الجلسات لإطالة أمد التقاضي، وقطع الطريق على افتعال الأعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل.

8/ التخفيف على أراشيف المحاكم في حفظ مذكرات التقاضي إلكترونياً.

9/ تسهيل تدقيق القضايا عبر الاتصال بملف القضية عن بعد، وتمكين إدارات التفتيش ومحاكم الاستئناف والنقض من الدخول إلى ملف القضية الأصل عند اللزوم؛ دون أعباء مالية، ولا مخاطبات بريدية، ولا تأخير في الرد المطلوب.

10/ تعجيل إصدار الصكوك حاسوبياً، وكذا الإسراع في تنفيذ الأحكام.

هذا ما أراه بخصوص ما جاء في تصريح معالي وزير العدل كتبته على عجالة. والله الموفق
-
-
-
-
-

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

عدد التعليقات : 1 | عدد القراء : 6582 | تأريخ النشر : الثلاثاء 3 شعبان 1429هـ الموافق 5 أغسطس 2008م

طباعة المقال

إرسال المقالة
(( حوسبة التقاضي " المحكمة الإلكترونية " )) تلقيت رسالة كريمة من أخي الفاضل الأستاذ: محمد رابع سليمان. المحرر في صحيفة المدينة. وهذا نصها :- فضيلة الشيخ الدكتور ناصر بن زيد الداود الموقر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد نظرا لما لفضيلتكم من قدم راسخة في معرفة أحكام وأنظمة القضاء وجهودكم الكبيرة في طرح القضايا التي ترفع من شأن هذا الجهاز الهام، نأمل التكرم بالمشاركة بالرأي في هذه القضية التي تطرحها صحيفتكم (المدينة). الموضوع – تطبيق نظام المحكمة الإلكترونية في القضاء. أشار معالي وزير العدل في تصريح صحفي مؤخرا إلى أن نظام القضاء الجديد سيتضمن تطبيق المحكمة الإلكترونية التي تتضمن تقليص حضور المتخاصمين أمام القاضي إلى مرة واحدة في بداية الخصومة والاعتماد على نظام المذكرات القانونية عبر البريد أحيانا. هل ترون أن يؤدى هذا النظام إلى تقليل المشاحنات التي تحدث أمام القاضي بين المتخاصمين؟. ما مدى تأثير هذا النظام على تسريع عملية التقاضي شاكرين لفضيلتكم كريم تجاوبكم؟. المحرر/ محمد رابع سليمان مكتب مكة المكرمة ---------------------------------------------------------- فأجبت سعادته على الفور بما نصه:- أخي الفاضل: الأستاذ محمد بن رابع بن سليمان يحفظه الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته وبعد:- أشكر لسعادتكم تواصلكم وزيارتكم لموقع المركز الذي يسعده تفاعل أمثالكم وفقكم الله، وأرحب بالتعاون معكم فيما طلبتموه؛ فهو يصب في النهاية في ذات الاختصاص؛ الذي نقاوم المخذلين لإفاقته من رقدته، ونجاهد المرجفين لانتشاله من عثرته، ونناضل المثبطين للنهوض به قدما نحو الأفضل. = إن المحكمة الإلكترونية أمنية كل قاض وكل مواطن صالح في هذا البلد المبارك، ولعلك تطلع على الرابط المرفق؛ لترى كم نحن تواقون لتحقيق هذه الأمنية: http://www.cojss.com/article.php?a=8 أخي الكريم: في جمهورية سنغافورة البلد الصغير الذي تقل مساحته عن مساحة إحدى محافظات المملكة، يتداول الناس فيها من الأموال ما يزيد على ميزانية دول الخليج مجتمعة، وفيها فروع من أغلب الشركات العالمية الشرقية والغربية، وينشأ من تلك التعاملات الكثير من القضايا؛ التي لو اتخذوا بشأنها الطريقة التقليدية في التقاضي لتحطمت تلك البلاد بعد تناثر أشلاء اقتصادها الكبير جدا على مستوى العالم الأول. = ينبغي العلم بأن المحكمة الإلكترونية ليست خيالا علميا؛ إلا في أذهان أشباه طيور النعام، التي تدس رؤوسها في الرمال حتى لا يراها أحد، وهم كذلك بزعمهم. = إن الكثير منا اليوم يتعامل مع البنوك والشركات الكبرى في المملكة عبر مواقعها في الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) وبأقيام تتعدى آلاف الملايين؛ كما في سوق الأسهم السعودي، وكما في شبكات الصراف الآلي، وكما في نقاط البيع في كثير من المنشآت التجارية. = إن آلافا من القضايا المنظورة في المحاكم اليوم لا تتعدى كلها في أهميتها قيمة صفقة واحدة من الصفقات التجارية المحوسبة، وإن دعوى الاحتياط لقضايا الناس - بترك الحوسبة والاعتماد على الطريقة التقليدية - حيلة العاجز عن تحقيق المطلوب وتطبيق الجديد ومجاراة العالم في تطوره وتسارعه نحو المفيد والأفضل. = سيبقى اقتصادنا متباطئا بسبب بدائية آلية التقاضي، وضبابية الأحكام، وأمية المحاكم ( الأمية المعاصرة )، وقلة القضاة، وضعف تجهيز المحاكم؛ الذي لا نزال نعايشه حتى اليوم. أخي العزيز: إن في تلقي لوائح الدعوى عبر البريد الإلكتروني، وتبادلها بين الخصوم تحت إشراف قضائي: يسهل على المحكمة جمع أطراف خيوط القضية ودراستها؛ دون تأثر بأسلوب الخصم ولا تأثير من وجاهة آخر؛ حتى إذا استقرت الطلبات والدعاوى والدفوع، واتضحت البينات والردود، يجمع القاضي بين المتخاصمين، ويسمع شهادة الشهود، ثم يعلن الحكم في القضية في أقل من ثلاث جلسات. = من الممكن إعطاء كل محام بريدا إلكترونيا من موقع المحكمة ناظرة القضية ، بحيث يتلقى فيه المحامي طلبات المحكمة أولا فأول، ويمكن تطبيق ذلك اختياريا للعموم، وإجباريا للمحامين والشركات والمؤسسات التجارية الكبرى والمتوسطة. إن من إيجابيات حوسبة التقاضي:- 1/ تكثير عدد القضايا التي ينظرها القاضي في اليوم الواحد؛ لأن تعامله سيكون مع الورق في المراحل الأولى للقضية. 2/ توفير نشاط القاضي الذي يهدر الكثير منه في تهدئة الخصوم، وتقليل الجهد في إفهامهم بطلبات المحكمة. 3/ الرفق بالخصوم بعدم طلبهم في جميع جلسات القضية؛ إذ يتعرض الكثير منهم للتعطيل بسبب تأخير أو إلغاء الجلسات المحددة. 4/ تخفيف الاحتقانات بين الخصوم؛ خصوصا في القضايا المالية الكبرى، والقضايا الأسرية الخاصة، وبعض القضايا الجنائية. 5/توثيق الدعاوى والأجوبة والدفوع وجميع الردود بعبارات الخصوم أنفسهم، دون التدخل من القاضي في صياغة تلك المذكرات بالاختزال أو الحذف أو التعديل؛ مما يكون له الأثر الفاعل في صحة تصور القضية والوصول السريع للحكم فيها. 6/ القضاء على دعاوى الخصوم بتحريف كلامهم أو الزيادة فيه أو النقص منه بعد أن يظهر لهم أن الحكم في غير صالحهم. 7/ إغلاق أبواب التخلف عن حضور الجلسات لإطالة أمد التقاضي، وقطع الطريق على افتعال الأعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل. 8/ التخفيف على أراشيف المحاكم في حفظ مذكرات التقاضي إلكترونيا. 9/ تسهيل تدقيق القضايا عبر الاتصال بملف القضية عن بعد، وتمكين إدارات التفتيش ومحاكم الاستئناف والنقض من الدخول إلى ملف القضية الأصل عند اللزوم؛ دون أعباء مالية، ولا مخاطبات بريدية، ولا تأخير في الرد المطلوب. 10/ تعجيل إصدار الصكوك حاسوبيا، وكذا الإسراع في تنفيذ الأحكام. هذا ما أراه بخصوص ما جاء في تصريح معالي وزير العدل كتبته على عجالة. والله الموفق - - - - -
(1) - عنوان التعليق : بلا عنوان

تأريخ النشر: السبت 9 ذو الحجة 1429هـ الموافق 6 ديسمبر 2008مسيحية

ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
أشكرك فضيلة الدكتور على هذا الطرح الراقي والمميز ولكن تبقى إشكالية واحدة ومهمة في نظري ، وهي هل المجتمع السعودي مهيئاً لاستقبال هذه الآلية ؟ إذا كانت المحاكم تعاني من بعض من لا يعرف القراءة والكتابة في المدن الكبرى فكيف بمن يتعامل مع الحاسوب في القرى والأرياف . لا شك أن ما اقترحتموه فيه مميزات كبيرة جداً ، ولكنني أرى أن يسبق ذلك دراسة وافية وعمل احصاءات شاملة لمعرفة نسبة من سيتقبل هذه الفكرة ويقبل التعامل معها .. نقطة أخرى ... وهي ما أشرتم إليه من إلزام المحامين بالتعامل الالكتروني فهذا أمر في غاية الأهمية فالمحامي هو الشخص الوحيد الذي تستطيع المحاكم التعامل معه والذي يتوقع منه التجاوب مع تطوير التقنيات ، كنت أتمنى أن لا يكون الترافع في السعودية إلا عن طريق محامٍ ، ولكنني صعقت من تلك الاستثناءات الواردة في نظام المحاماة ولائحته التنفيذية ... أشكرك مرة أخرى وتقبل وجهة نظري بصدر رحب ...

طباعة التعليق

إرسال التعليق
إرسال المقالة والتعليقات إلى صديق
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع