نشرت في تويتر

قضائيات اطلعت على حلقة من برنامج الميدان المنشورة في العاشر من الشهر الثاني من العام الميلادي 2015، وكانت حول موضوع (تلبس الجان بالإنسان)، وكان ضيف الحلقة المعني بهذه المقالة هو: د. مرزوق بن تنباك. غير أن موضوع الافتراءات على القضاء المحشورة في موضوع الحلقة بدأها الدكتور مرزوق بحديثه عن رجل حكم عليه بالقتل، ألخصها في الآتي:-
أولاً/ قال سعادة الدكتور: عن الرجل المقتول إنه رجل ضعيف، أسود، فقير، كفيف البصر، عمره 80 سنة؛ ولعله يؤمل بهذه الأوصاف استدراراً لعطف المشاهدين.
ولا أدري ما وجه إيراد هذه الصفات عند الحديث عن حكمٍ قضائيٍ بالقتل !، وهل يظن سعادته أن الحكم بالقتل لا يكون إلا على الرجال البيض الأقوياء فقط، أو الأغنياء، أو المبصرين، أو صغار السن.
ولم يعلم الضيف، أو علم ولم يفهم: أن من استوجب حكماً بالقتل أو السجن فلا غضاضة أن يصدر بشأنه حكم قضائي بما يستحقه؛ أياً كان وضعه: ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً؛ خصوصاً: في باب الحدود، فقد قال تعالى في حق الزناة {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
ثانياً/ قال سعادة ضيف البرنامج: إن حكم القتل صدر من قاضٍ سماه: عبد العزيز بن حمير، ونسب ذلك للقاضي نفسه؛ بقوله عن القاضي: خرج وأخبر أنه حكم بالقتل، وقوله أن القتل حصل بأوهام قاضٍ مال إلى الجن.
وهذا أول الافتراءات؛ فالصحيح أن هذا القاضي لا دخل له بالحكم بالقتل أصلاً، فهو يعمل - في حينه - رئيساً لمحاكم محافظة حوطة بني تميم، وقضية القتل منظورة في المحكمة العامة بمدينة الرياض.
ثالثاً/ خفي على سعادته، ومثله لا ينبغي أن يخفى عليه إجراءات التقاضي في بلاده - وهو الأستاذ الدكتور في الأدب في أكبر جامعة في المملكة.
ماذا خفي على سعادته ؟.
• لقد خفي عليه ما يعلمه صغار طلابه، وهو: أن قضايا القتل لا تصدر من قاضٍ واحد، بل من ثلاثة.
• كما خفي عليه: أن الحكم بالقتل لابد من تدقيقه من إحدى دوائر محكمة الاستئناف، وفيها خمسة قضاة.
• كما خفي عليه: أن الحكم بالقتل لابد من تصديقه من إحدى لجان المحكمة العليا، وفيها خمسة قضاة.
أي: أن مجموع القضاة الذين يبتون في الحكم بالقتل لا يقلون عن ثلاثة عشر قاضياً، ولا يمكن أن يصدر الحكم من قاضٍ واحد؛ لا عبد العزيز بن حمير ولا غيره.
رابعاً/ مارس سعادة الدكتور لمزاً على القاضي مرة بالأوهام ومرة بالهلوسة، ولم يشعر أن ذلك يتعدى إلى المقامات العليا في الدولة، فالملك هو الذي يصدر الأمر اللازم لتنفيذ الحكم بالقتل، ووزير الداخلية هو من يوجه الإمارة المعنية بالتنفيذ، وأمير المنطقة هو المنفذ للأمر الملكي بالقتل.
فهل سعادة الضيف يعقل هذا الترتيب النظامي، وتلك الإجراءات اللازمة في كل حكم قضائي بالقتل ؟.
خامساً/ تجرأ ضيف البرنامج بأن ذكر: بأن الحكم بالقتل جاء بشهادة اثني عشر جنياً، ومع أنه أستاذ في الأدب إلا أنه جمع الاثني عشر على (جنون)!!!، كما جزم: أن القاضي قد سجل شهادتهم في ضبط المحكمة بأسمائهم. كما زعم، وأكد أيضاً: أنه لابد أن يكون لهم إثباتات شخصية؛ من باب المجاراة لمقدم البرنامج الذي كان شريكاً في هذه المهزلة وتلك الأقوال المنكرة.
سادساً/ مما فاضت به ذاكرة الضيف: أنه أنكر الحادثة التي توهمها، وكتب اعتراضاً شديداً في خطابات لكلٍ من سمو وزير الداخلية، ووزير العدل، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وأن الخطاب وزع وانتشر كثيراً؛ كما قال.
وعلى استحياء همس الضيف بأنه: قد طُلِبَ منه التحدث في الموضوع. ولم يذكر من الذي طلب منه ذلك من هؤلاء القادة الكبار في الدولة ؟.
ومع ذلك لم يتحدث الدكتور في الموضوع إلا بعد أكثر من عشرين سنة؛ كما حددها هو في استعراضه للقضية؛ مع أن القضية هزته وأثارته وجدانياً؛ كما ذكر.
ولست أظن أن سعادته يجرؤ على تسمية من طلب منه ذلك من الثلاثة الذين كاتبهم؛ لأن الأول توفي يرحمه الله، والثاني انتقل إلى عمل آخر، والثالث تقاعد عن عمله.
سابعاً/ المستغرب أكثر أن موضوع الحلقة كان في تلبس الجن بالإنسان، وليس في حكم الأخذ بشهادات الجن، ولا في قتل السحرة، ولا في أخطاء القضاء.
إلا أن الضيف الكريم تجهز بقصاصات الجرائد؛ ليستشهد بها في عرض هذه الافتراءات الخارجة عن موضوع حلقة البرنامج.
ثامناً/ لعل من المناسب سرد مختصر لتلك القضية استقيته من ذوي العلاقة بها، وهي كالتالي:
اشتكت امرأة من سكان مدينة الرياض آلاماً مبرحة تحرت عن أسبابها، فقيل لها إن التي تسببت بها امرأة تقطن في حوطة بني تميم، فتقدمت بشكوى إلى محكمة حوطة بني تميم على المرأة المتسببة، وليس على الرجل الذي أورده ضيف البرنامج، فاعترفت المرأة المدعى عليها بأنها هي من تسببت في أوجاع المدعية، وأنها تتعامل مع ساحر في منطقة حدودية؛ يصنع لها العقاقير الجالبة للآلام المبرحة عند تعاطيها.
صدر الحكم بتعزير المرأة المدعى عليها من محكمة الحوطة، وانتهت علاقة المحكمة بهذه القضية عند هذا الحد.
أحيل ذلك الساحر إلى المحكمة العامة بالرياض بتهمة السحر، فاعترف صراحة بمزاولته السحر بواسطة متعاونين معه؛ منهم المرأة المدعى عليها.
صدر الحكم من الدائرة المختصة في محكمة الرياض بقتله، وصدق الحكم من محكمة الاستئناف ومن الهيئة القضائية العليا في مجلس القضاء الأعلى آنذاك.
أحيل الحكم للمقام الكريم، فصدر الأمر بإنفاذه، وأحيل من وزارة الداخلية إلى إمارة المنطقة، ونفذ حكم القتل في الساحر المذكور.
وللفائدة: فقد جاء إليه كاتب العدل ليحرر وصيته صبيحة إنفاذ الحكم فيه، فرفض الاستجابة لطلب الوصية؛ مؤكداً لكاتب العدل أنه لن يقتل بقوة سحره.
الخلاصة: القضية لم تنظر في محكمة الحوطة، ولا من القاضي الذي سماه الدكتور في تلك الحلقة، ولم يرد ذكر في القضية لحضور اثني عشر جنياً أمام المحكمة التي نظرتها، ولم يستند القضاة في الحكم بالقتل على شهادات الجن، ولم يهلوس القاضي الذي ابتلي بتلك الافتراءات الأشبه ما تكون برواية (فانتازية) لابد أن الضيف يعرف كنهها بحكم تخصصه الأدبي. والله المستعان

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

عدد التعليقات : 1 | عدد القراء : 7879 | تأريخ النشر : السبت 3 ذو القعدة 1437هـ الموافق 6 أغسطس 2016م

طباعة المقال

إرسال المقالة
((الافتراء على القضاء)) اطلعت على حلقة من برنامج الميدان المنشورة في العاشر من الشهر الثاني من العام الميلادي 2015، وكانت حول موضوع (تلبس الجان بالإنسان)، وكان ضيف الحلقة المعني بهذه المقالة هو: د. مرزوق بن تنباك. غير أن موضوع الافتراءات على القضاء المحشورة في موضوع الحلقة بدأها الدكتور مرزوق بحديثه عن رجل حكم عليه بالقتل، ألخصها في الآتي:- أولا/ قال سعادة الدكتور: عن الرجل المقتول إنه رجل ضعيف، أسود، فقير، كفيف البصر، عمره 80 سنة؛ ولعله يؤمل بهذه الأوصاف استدرارا لعطف المشاهدين. ولا أدري ما وجه إيراد هذه الصفات عند الحديث عن حكم قضائي بالقتل !، وهل يظن سعادته أن الحكم بالقتل لا يكون إلا على الرجال البيض الأقوياء فقط، أو الأغنياء، أو المبصرين، أو صغار السن. ولم يعلم الضيف، أو علم ولم يفهم: أن من استوجب حكما بالقتل أو السجن فلا غضاضة أن يصدر بشأنه حكم قضائي بما يستحقه؛ أيا كان وضعه: ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا؛ خصوصا: في باب الحدود، فقد قال تعالى في حق الزناة {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}. ثانيا/ قال سعادة ضيف البرنامج: إن حكم القتل صدر من قاض سماه: عبد العزيز بن حمير، ونسب ذلك للقاضي نفسه؛ بقوله عن القاضي: خرج وأخبر أنه حكم بالقتل، وقوله أن القتل حصل بأوهام قاض مال إلى الجن. وهذا أول الافتراءات؛ فالصحيح أن هذا القاضي لا دخل له بالحكم بالقتل أصلا، فهو يعمل - في حينه - رئيسا لمحاكم محافظة حوطة بني تميم، وقضية القتل منظورة في المحكمة العامة بمدينة الرياض. ثالثا/ خفي على سعادته، ومثله لا ينبغي أن يخفى عليه إجراءات التقاضي في بلاده - وهو الأستاذ الدكتور في الأدب في أكبر جامعة في المملكة. ماذا خفي على سعادته ؟. • لقد خفي عليه ما يعلمه صغار طلابه، وهو: أن قضايا القتل لا تصدر من قاض واحد، بل من ثلاثة. • كما خفي عليه: أن الحكم بالقتل لابد من تدقيقه من إحدى دوائر محكمة الاستئناف، وفيها خمسة قضاة. • كما خفي عليه: أن الحكم بالقتل لابد من تصديقه من إحدى لجان المحكمة العليا، وفيها خمسة قضاة. أي: أن مجموع القضاة الذين يبتون في الحكم بالقتل لا يقلون عن ثلاثة عشر قاضيا، ولا يمكن أن يصدر الحكم من قاض واحد؛ لا عبد العزيز بن حمير ولا غيره. رابعا/ مارس سعادة الدكتور لمزا على القاضي مرة بالأوهام ومرة بالهلوسة، ولم يشعر أن ذلك يتعدى إلى المقامات العليا في الدولة، فالملك هو الذي يصدر الأمر اللازم لتنفيذ الحكم بالقتل، ووزير الداخلية هو من يوجه الإمارة المعنية بالتنفيذ، وأمير المنطقة هو المنفذ للأمر الملكي بالقتل. فهل سعادة الضيف يعقل هذا الترتيب النظامي، وتلك الإجراءات اللازمة في كل حكم قضائي بالقتل ؟. خامسا/ تجرأ ضيف البرنامج بأن ذكر: بأن الحكم بالقتل جاء بشهادة اثني عشر جنيا، ومع أنه أستاذ في الأدب إلا أنه جمع الاثني عشر على (جنون)!!!، كما جزم: أن القاضي قد سجل شهادتهم في ضبط المحكمة بأسمائهم. كما زعم، وأكد أيضا: أنه لابد أن يكون لهم إثباتات شخصية؛ من باب المجاراة لمقدم البرنامج الذي كان شريكا في هذه المهزلة وتلك الأقوال المنكرة. سادسا/ مما فاضت به ذاكرة الضيف: أنه أنكر الحادثة التي توهمها، وكتب اعتراضا شديدا في خطابات لكل من سمو وزير الداخلية، ووزير العدل، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وأن الخطاب وزع وانتشر كثيرا؛ كما قال. وعلى استحياء همس الضيف بأنه: قد طلب منه التحدث في الموضوع. ولم يذكر من الذي طلب منه ذلك من هؤلاء القادة الكبار في الدولة ؟. ومع ذلك لم يتحدث الدكتور في الموضوع إلا بعد أكثر من عشرين سنة؛ كما حددها هو في استعراضه للقضية؛ مع أن القضية هزته وأثارته وجدانيا؛ كما ذكر. ولست أظن أن سعادته يجرؤ على تسمية من طلب منه ذلك من الثلاثة الذين كاتبهم؛ لأن الأول توفي يرحمه الله، والثاني انتقل إلى عمل آخر، والثالث تقاعد عن عمله. سابعا/ المستغرب أكثر أن موضوع الحلقة كان في تلبس الجن بالإنسان، وليس في حكم الأخذ بشهادات الجن، ولا في قتل السحرة، ولا في أخطاء القضاء. إلا أن الضيف الكريم تجهز بقصاصات الجرائد؛ ليستشهد بها في عرض هذه الافتراءات الخارجة عن موضوع حلقة البرنامج. ثامنا/ لعل من المناسب سرد مختصر لتلك القضية استقيته من ذوي العلاقة بها، وهي كالتالي: اشتكت امرأة من سكان مدينة الرياض آلاما مبرحة تحرت عن أسبابها، فقيل لها إن التي تسببت بها امرأة تقطن في حوطة بني تميم، فتقدمت بشكوى إلى محكمة حوطة بني تميم على المرأة المتسببة، وليس على الرجل الذي أورده ضيف البرنامج، فاعترفت المرأة المدعى عليها بأنها هي من تسببت في أوجاع المدعية، وأنها تتعامل مع ساحر في منطقة حدودية؛ يصنع لها العقاقير الجالبة للآلام المبرحة عند تعاطيها. صدر الحكم بتعزير المرأة المدعى عليها من محكمة الحوطة، وانتهت علاقة المحكمة بهذه القضية عند هذا الحد. أحيل ذلك الساحر إلى المحكمة العامة بالرياض بتهمة السحر، فاعترف صراحة بمزاولته السحر بواسطة متعاونين معه؛ منهم المرأة المدعى عليها. صدر الحكم من الدائرة المختصة في محكمة الرياض بقتله، وصدق الحكم من محكمة الاستئناف ومن الهيئة القضائية العليا في مجلس القضاء الأعلى آنذاك. أحيل الحكم للمقام الكريم، فصدر الأمر بإنفاذه، وأحيل من وزارة الداخلية إلى إمارة المنطقة، ونفذ حكم القتل في الساحر المذكور. وللفائدة: فقد جاء إليه كاتب العدل ليحرر وصيته صبيحة إنفاذ الحكم فيه، فرفض الاستجابة لطلب الوصية؛ مؤكدا لكاتب العدل أنه لن يقتل بقوة سحره. الخلاصة: القضية لم تنظر في محكمة الحوطة، ولا من القاضي الذي سماه الدكتور في تلك الحلقة، ولم يرد ذكر في القضية لحضور اثني عشر جنيا أمام المحكمة التي نظرتها، ولم يستند القضاة في الحكم بالقتل على شهادات الجن، ولم يهلوس القاضي الذي ابتلي بتلك الافتراءات الأشبه ما تكون برواية (فانتازية) لابد أن الضيف يعرف كنهها بحكم تخصصه الأدبي. والله المستعان
(1) - عنوان التعليق : بلا عنوان

تأريخ النشر: الأحد 4 ذو القعدة 1437هـ الموافق 7 أغسطس 2016مسيحية

ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
جزاكم الله خيرا للتوضيح لمن قد تنطلي عليه مثل هذا التدليس بالحقائق ، والمشكلة في بعض الاعلاميين للاسف يعلمون انهم يكذبون ويعلمون ان العقلاء يعلمون ذلك لكنهم يطمحون لأن يدسون السم بالعسل وتشيت النشأ بالكذب والآفتراء على الذمم بشكل عام وليس للقضاء فقط بل كل من هم مرتبطين بالدين من قضاة ودعاة علم وممن نحتسبهم عند الله أصحاب فضيلة ولم تسلم منهم هيئة كبار العلماء كما لم تسلم من هجومهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله يحفظ لنا الدين وولاة الأمر ويرد من أراد بهم السوء كيده في نحره

طباعة التعليق

إرسال التعليق
إرسال المقالة والتعليقات إلى صديق
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع