نشرت في صحيفة الوطن العدد 1810

عام عبر التاريخ كان الناس في كل عصرٍ ومصر يجتمعون في أشياء ويختلفون في أخرى ولم يمنع ذلك قيام الدولة أو المجتمع أو نهوض الحضارة وانتشار العلم ، والبقاء دائماً للأنفع ، وغير النافع زبد يذهب جفاءً ، وتبقى الدولة بأنظمتها وأجهزتها رقيبة على كل ما يهم العامة ويحفظ أمن المجتمع .

غير أننا في زماننا هذا نجد حرصاً كبيراً على توحيد الطيف في جميع شؤوننا الدينية والسلوكية والثقافية فلسنا نرى غير لون واحد مع وجود ألوان أخرى يمكن لنا تفعيلها والاستفادة منها وتقريبها لا تغريبها ، فاللون السائد لا يرى إلا نفسه ، والألوان الأخرى تقوقعت حول نفسها وزادت عتمتها من تنئيتها وصدها بدلاً عن تدنيتها ومدها بما هي بحاجة إليه مما لا يمكنها قبوله في حال تهميشها وإغفالها .

ولو رأينا ما سطرته كتب التاريخ والسير عن الأعلام عبر العصور سواء في السياسة أو العلوم النظرية أو التطبيقية أو في علوم الشريعة نجد أن في كل منها مذاهب وطرقا وفنونا شتى وكل من أفرادها متواصل مع الآخرين يأخذ منهم ويعطيهم بحيث تتضاءل هوامش الخلاف بين الفرق على نحو أقل بكثير مما نراه اليوم في مجتمعنا والذي أنتج خلافات وصراعات وضيقاً وتبرماً من بعض الفرق والطوائف تجاه الأخرى وهكذا .

فأي مانع من تطوير ملكات القبول بالمخالف وتنمية العلاقات بين طوائف المجتمع ودمج القيادات في مؤسسات متخصصة للاستفادة من الجميع كل فيما يخصه ؟

وهل يمكن أن نرى قنوات المناظرات بين أصحاب الخبرات المتعارضة كل يدلي بما لديه وينافح عنه ليسمع ما لدى صاحبه فإما مستفيد وإما مفيد وإما حصل الأمران معاً لكليهما ولغيرهما .

هكذا تبنى المجتمعات وتستفيد الأجيال ويدفع الله الناس بعضهم ببعض .
متى يكون ذلك القرار السياسي الحاسم قيد التطبيق ؟ .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3463 | تأريخ النشر : الثلاثاء 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م

طباعة المقال

إرسال المقالة
التعددية المفترضة عبر التاريخ كان الناس في كل عصر ومصر يجتمعون في أشياء ويختلفون في أخرى ولم يمنع ذلك قيام الدولة أو المجتمع أو نهوض الحضارة وانتشار العلم ، والبقاء دائما للأنفع ، وغير النافع زبد يذهب جفاء ، وتبقى الدولة بأنظمتها وأجهزتها رقيبة على كل ما يهم العامة ويحفظ أمن المجتمع . غير أننا في زماننا هذا نجد حرصا كبيرا على توحيد الطيف في جميع شؤوننا الدينية والسلوكية والثقافية فلسنا نرى غير لون واحد مع وجود ألوان أخرى يمكن لنا تفعيلها والاستفادة منها وتقريبها لا تغريبها ، فاللون السائد لا يرى إلا نفسه ، والألوان الأخرى تقوقعت حول نفسها وزادت عتمتها من تنئيتها وصدها بدلا عن تدنيتها ومدها بما هي بحاجة إليه مما لا يمكنها قبوله في حال تهميشها وإغفالها . ولو رأينا ما سطرته كتب التاريخ والسير عن الأعلام عبر العصور سواء في السياسة أو العلوم النظرية أو التطبيقية أو في علوم الشريعة نجد أن في كل منها مذاهب وطرقا وفنونا شتى وكل من أفرادها متواصل مع الآخرين يأخذ منهم ويعطيهم بحيث تتضاءل هوامش الخلاف بين الفرق على نحو أقل بكثير مما نراه اليوم في مجتمعنا والذي أنتج خلافات وصراعات وضيقا وتبرما من بعض الفرق والطوائف تجاه الأخرى وهكذا . فأي مانع من تطوير ملكات القبول بالمخالف وتنمية العلاقات بين طوائف المجتمع ودمج القيادات في مؤسسات متخصصة للاستفادة من الجميع كل فيما يخصه ؟ وهل يمكن أن نرى قنوات المناظرات بين أصحاب الخبرات المتعارضة كل يدلي بما لديه وينافح عنه ليسمع ما لدى صاحبه فإما مستفيد وإما مفيد وإما حصل الأمران معا لكليهما ولغيرهما . هكذا تبنى المجتمعات وتستفيد الأجيال ويدفع الله الناس بعضهم ببعض . متى يكون ذلك القرار السياسي الحاسم قيد التطبيق ؟ .
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع