نشرت في صحيفة الوطن العدد 1761

عام كلما كتب أحد في موضوعٍ ما من أيٍ من الموضوعات التي فيها تخصص لا يحيط به ذلك الكاتب تراه يأتي في كتابته بالعجائب .

إذ قد يفهم الأمر على نحوٍ ليس هو المراد في بابه ، وكم نادى كثير من المصلحين بالحجر على غير المختصين عند طرق دقائق الموضوعات في شتى المجالات ، ونحن نرى الناس يطلبون في علاج أمراضهم الذهاب إلى الأخصائيين والاستشاريين كلٌ بحسب قدرته على دفع أجور أيٍ منهم ، ومن لا يقدر على ذلك يذهب إلى الأطباء العامين الذين ينصفون كثيراً من مرضاهم بتحويلهم إلى الطبيب المختص أو إلى المستشفيات الحكومية عند تعذر علاجهم فيما هو أقل من ذلك كالمستوصفات والعيادات والوحدات الصحية والمراكز الصغيرة .

غير أننا نرى كثيراً من طلبة العلم يجيبون ويفتون في جميع وسائل الإعلام عن أسئلة شتى لا يرد أحدهم الإجابة على أي سؤالٍ ـ مهما كان دقيقاً أو غامضاً ـ إلى مختص يرى أنه أعلم منه ، كما لو كان المسؤول مختصاً في باب العبادات فإنك تراه يفتي في مسائل الخلاف في المعاملات والأحوال الشخصية وغيرها وكذا العكس .

مع أن بعضهم أشبه ما يكون بالطبيب العام ، وكثير منهم أشبه ما يكون بممرض ونحوه ومثل هؤلاء لا يتولى علاج المرضى ابتداءً .

فلو حجر على غير المختص حتى لا يفتي في غير ما هو مختص فيه بحسب شهادته العليا إن كان حاملاً أياً منها : لسلم للناس دينهم وأمنهم واستقرارهم .

وما أكثر الفتاوى التي تورط بها شباب اليوم فيما يسمى بالإرهاب إلا وترى مصادرها من صغار طلبة العلم الذين ضلوا عن الجواب الصحيح فأضلوا .

وما مثلهم إلا كطبيبٍ عام يجري جراحة في القلب أو الدماغ ، والحجر على مثل هؤلاء سلامة للأديان كما أن الحجر على أولئك سلامة للأبدان بل الدين أشد وأولى بالحماية والحفظ والصيانة .

وقد أثر عن عمر رضي الله عنه منعه الفتوى في عهده وتشدُّده في الرواية عن رسول الله  كما سبق لأحد خلفاء بني العباس أن منع أبا حنيفة عن الفتيا فامتنع رحمة الله عليه .

وليس الممنوعون عن الفتوى هناك بأولى من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام في عصرنا الذي ظهر ضلالهم وجهلهم وغوايتهم وبان إخلالهم وتوريطهم لغيرهم ؛ حتى وإن أظهروا التوبة والرجوع فمثلهم لا يوثق به ولا يركن إليه والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3704 | تأريخ النشر : الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 26 يوليو 2005م

طباعة المقال

إرسال المقالة
التخصص في الفتوى كلما كتب أحد في موضوع ما من أي من الموضوعات التي فيها تخصص لا يحيط به ذلك الكاتب تراه يأتي في كتابته بالعجائب . إذ قد يفهم الأمر على نحو ليس هو المراد في بابه ، وكم نادى كثير من المصلحين بالحجر على غير المختصين عند طرق دقائق الموضوعات في شتى المجالات ، ونحن نرى الناس يطلبون في علاج أمراضهم الذهاب إلى الأخصائيين والاستشاريين كل بحسب قدرته على دفع أجور أي منهم ، ومن لا يقدر على ذلك يذهب إلى الأطباء العامين الذين ينصفون كثيرا من مرضاهم بتحويلهم إلى الطبيب المختص أو إلى المستشفيات الحكومية عند تعذر علاجهم فيما هو أقل من ذلك كالمستوصفات والعيادات والوحدات الصحية والمراكز الصغيرة . غير أننا نرى كثيرا من طلبة العلم يجيبون ويفتون في جميع وسائل الإعلام عن أسئلة شتى لا يرد أحدهم الإجابة على أي سؤال ـ مهما كان دقيقا أو غامضا ـ إلى مختص يرى أنه أعلم منه ، كما لو كان المسؤول مختصا في باب العبادات فإنك تراه يفتي في مسائل الخلاف في المعاملات والأحوال الشخصية وغيرها وكذا العكس . مع أن بعضهم أشبه ما يكون بالطبيب العام ، وكثير منهم أشبه ما يكون بممرض ونحوه ومثل هؤلاء لا يتولى علاج المرضى ابتداء . فلو حجر على غير المختص حتى لا يفتي في غير ما هو مختص فيه بحسب شهادته العليا إن كان حاملا أيا منها : لسلم للناس دينهم وأمنهم واستقرارهم . وما أكثر الفتاوى التي تورط بها شباب اليوم فيما يسمى بالإرهاب إلا وترى مصادرها من صغار طلبة العلم الذين ضلوا عن الجواب الصحيح فأضلوا . وما مثلهم إلا كطبيب عام يجري جراحة في القلب أو الدماغ ، والحجر على مثل هؤلاء سلامة للأديان كما أن الحجر على أولئك سلامة للأبدان بل الدين أشد وأولى بالحماية والحفظ والصيانة . وقد أثر عن عمر رضي الله عنه منعه الفتوى في عهده وتشدده في الرواية عن رسول الله  كما سبق لأحد خلفاء بني العباس أن منع أبا حنيفة عن الفتيا فامتنع رحمة الله عليه . وليس الممنوعون عن الفتوى هناك بأولى من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام في عصرنا الذي ظهر ضلالهم وجهلهم وغوايتهم وبان إخلالهم وتوريطهم لغيرهم ؛ حتى وإن أظهروا التوبة والرجوع فمثلهم لا يوثق به ولا يركن إليه والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع