نشرت في صحيفة الوطن العدد 1796

فقهيات يحفظ كثير من الشباب المتدين هذه الكلمة ويطبقونها أسوأ تطبيق ، فتراهم لا يوالون إلا من كان على منهجهم أو من لا يعرفون له منهجا مخالفاً لهم حتى إذا اتضح توجهه وإلى أي حزب أو جماعة ينتمي بدأ العمل بتلك العقيدة تلقائياً وكأن الولاء والبراء لا يطبق إلا بين جماعات المسلمين وأفرادهم .

وكم سمعت بل ورأيت من لا يبدأ السلام أو لا يرد على من يسلِّم عليه مع وجوب الرد كما هو معلوم ولك أن تنظر إلى المنتديات الإسلامية لترى الناس بين رادٍ ومردودٍ عليه وثالبٍ ومثلوب وقادحٍ ومقدوح فيه وأقل الأحوال التشكيك في النوايا والقصود وتتبع الزلات لمعينين وتفسير الأقوال على نحوٍ قد لا يريده القائل بل بمجرد الظن الذي هو أكذب الحديث وهكذا .

وتتعدى استعمالات هذه العقيدة إلى البراء من مقارفي صغائر الذنوب أو مرتكبي بعض الأعمال المختلف عليها بين أئمة المذاهب الأربعة فضلاًً عمن لحقهم من أتباعهم ؛ كالبراء من المسبل لغير الخيلاء ومقصر اللحية أو حالقها أو من شارب الدخان أو موظفي البنوك والمصارف ونحو ذلك من الأعمال .

ويتمثل البراء عند بعضهم في ترك السلام وعدم الرد على التحية والنظر إلى الآخر شزراً والتحذير منه والسلق بلسانٍ حادٍ من خالفهم .
ويبقى الولاء لمن قصر ثوبه وأرسل لحيته وحلق شاربه ، وكأن ذلك هو كل الدين ؛ ناسين أو متجاهلين قول الله تعالى { رحماء بينهم } وقولـه عز وجل : { أذلة على المؤمنين } . إلا إن كان غيرهم ليسوا منهم ، أو ليسوا بمؤمنين عندهم الأمر الذي يؤدي بهم إلى اعتناق المذهب الخارجي المنسوب إلى الخوارج أهل التكفير والتفسيق والتبديع الذي هم أولى به من غيرهم ؛ كما قال فيهم خير البرية صلى اله عليه وسلم : " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ".

لا نرضى ذلك لهم كما لا نرضى ذلك على غيرهم منهم ، وحق المسلم على أخيه ليس البراء منه لزلة أو هفوة أو صغيرة ، بل حقه ـ لكونه مسلماً ـ الولاء له والرحمة به والنصح لـه والدعاء له بظهر الغيب وذكره بخير ما فيه والفرح لـه بفضل الله والحزن عليه أو معه عند المصيبة .

لو كان ذلك حاصلاً بين الناس في مجتمعنا اليوم لما حصل ما حصل من إرهاب وتفجير وقتل للنفوس المعصومة وإتلاف للأموال العامة والخاصة بحجة الجهاد ولوازمه التي لا تنتهي .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3600 | تأريخ النشر : الثلاثاء 25 رجب 1426هـ الموافق 30 أغسطس 2005م

طباعة المقال

إرسال المقالة
الولاء والبراء من منظور ضيق يحفظ كثير من الشباب المتدين هذه الكلمة ويطبقونها أسوأ تطبيق ، فتراهم لا يوالون إلا من كان على منهجهم أو من لا يعرفون له منهجا مخالفا لهم حتى إذا اتضح توجهه وإلى أي حزب أو جماعة ينتمي بدأ العمل بتلك العقيدة تلقائيا وكأن الولاء والبراء لا يطبق إلا بين جماعات المسلمين وأفرادهم . وكم سمعت بل ورأيت من لا يبدأ السلام أو لا يرد على من يسلم عليه مع وجوب الرد كما هو معلوم ولك أن تنظر إلى المنتديات الإسلامية لترى الناس بين راد ومردود عليه وثالب ومثلوب وقادح ومقدوح فيه وأقل الأحوال التشكيك في النوايا والقصود وتتبع الزلات لمعينين وتفسير الأقوال على نحو قد لا يريده القائل بل بمجرد الظن الذي هو أكذب الحديث وهكذا . وتتعدى استعمالات هذه العقيدة إلى البراء من مقارفي صغائر الذنوب أو مرتكبي بعض الأعمال المختلف عليها بين أئمة المذاهب الأربعة فضلا عمن لحقهم من أتباعهم ؛ كالبراء من المسبل لغير الخيلاء ومقصر اللحية أو حالقها أو من شارب الدخان أو موظفي البنوك والمصارف ونحو ذلك من الأعمال . ويتمثل البراء عند بعضهم في ترك السلام وعدم الرد على التحية والنظر إلى الآخر شزرا والتحذير منه والسلق بلسان حاد من خالفهم . ويبقى الولاء لمن قصر ثوبه وأرسل لحيته وحلق شاربه ، وكأن ذلك هو كل الدين ؛ ناسين أو متجاهلين قول الله تعالى { رحماء بينهم } وقولـه عز وجل : { أذلة على المؤمنين } . إلا إن كان غيرهم ليسوا منهم ، أو ليسوا بمؤمنين عندهم الأمر الذي يؤدي بهم إلى اعتناق المذهب الخارجي المنسوب إلى الخوارج أهل التكفير والتفسيق والتبديع الذي هم أولى به من غيرهم ؛ كما قال فيهم خير البرية صلى اله عليه وسلم : " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ". لا نرضى ذلك لهم كما لا نرضى ذلك على غيرهم منهم ، وحق المسلم على أخيه ليس البراء منه لزلة أو هفوة أو صغيرة ، بل حقه ـ لكونه مسلما ـ الولاء له والرحمة به والنصح لـه والدعاء له بظهر الغيب وذكره بخير ما فيه والفرح لـه بفضل الله والحزن عليه أو معه عند المصيبة . لو كان ذلك حاصلا بين الناس في مجتمعنا اليوم لما حصل ما حصل من إرهاب وتفجير وقتل للنفوس المعصومة وإتلاف للأموال العامة والخاصة بحجة الجهاد ولوازمه التي لا تنتهي .
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع