نشرت في صحيفة الوطن العدد 1775

عام شاء الله لي أن أتردد على بلدان عربية وغربية خلال السنتين الماضيتين لارتباطي بعمل يفرض علي ذلك وكان لي أن أجتمع إلى أفراد وجماعات عرب وعجم مسلمين وغير مسلمين ، فرأيت أن النظرة العامة نحو شباب المملكة العربية السعودية ليست كما يحب أحدنا ، فبعضهم يصم شبابنا : بالاستهتار وازدراء الآخرين ، أو ينسب إليهم : الفسق والمجون والشهوانية ، وقد تجد من يرميهم : بالعدوانية والتعطش للدماء وخراب الشعوب .

لا تكاد تجد من يتحدث عن شبابنا كما يتحدث الجميع عن شباب اليابان وحرصهم على نماء بلادهم وتطورها ، أو كما يتحدثون عن شباب ماليزيا الدولة المسلمة الفتية وحرصهم على إعلاء شأن بلدهم المسلم واعتزازهم بدينهم من لدن رئيسهم وحتى أصغر شاب وشابة فيهم .
مع أن الإمكانات المتاحة لشبابنا أعظم وأكبر من سائر الشعوب العربية و المسلمة .

ولست أدري إن كان السبب في ذلك : التربية المنزلية ، أو المدرسية ، أو غياب القدوة الحسنة ، أو الاختلاف بين النظرية والتطبيق لدى بعض المربين والمتدينين .

لا يمكنني القول : أن السبب هو مناهج التدريس كما يحب البعض أن يدندن حول هذه المسألة ؛ فهذه شنشنة معروفة الخطأ ، معلومة المصدر ، غير مجهولة الغاية .

كما لا يمكن تحميل ولاة الأمر في هذه البلاد المسؤولية أجمع عن أسباب تلك الممارسات المنتجة للنظرة الشائنة ؛ لأنهم جزء من هذا الشعب ، وينطبق عليهم ما ينطبق على أفراده .

ويظهر ـ والله أعلم ـ أن هذا إفراز من إفرازات استقبال أحدث التطورات في العالم قبل الدراسة ووضع الخطط والأنظمة والقوانين الحمائية لأخلاقيات المجتمع المؤسسة على التربية الحسنة والمعتمدة على مبادئ الدين الحنيف .

لقد تاه المجتمع بين : صفعات أدعياء الإصلاح ومتمشيخي الصحوة والمتعالمين المتسرعين في الفتوى من جهة ؛ وهم المرجفون قبل صحوتهم المنشقون أثناءها المداهنون بعدها ، وبين : دعاة الرذيلة والتحرر من الأخلاق والمشككة في ثوابت الدين من جهة ، ومن جهة ثالثة : فئران السفينة مدعي الثقافة المعاصرة الداعين إلى الانقياد إلى العالم الغربي في أحلك صفحات حضارته سواداً ، هؤلاء الذين ضلوا في صباهم ، ثم تطرفوا في شبابهم ، ثم انقلبوا على أعقابهم ، ولو بقوا على ضلالهم القديم لسلم الناس من شرهم في حاليهم التاليين بعده ، فهم المتسلقون على الأكتاف المتربصون الدوائر بأهل الخير من عامة الناس .

والجميع يسيل لعابهم على الرئاسة والسلطة والقدرة على التحكم في مقدرات الأمة ورقاب الناس ؛ متخذين شعارات متغايرة بحسب تخصص كل منهم .

وحجر الدولة على هؤلاء وهؤلاء وأولئك بأنظمة وقوانين ثابتة خير للمجتمع في حاله ومآله ، ولو حصل ذلك اليوم فلن نرى اكتمال نتائجه قبل عشرين سنة على الأقل ؛ ولكن // أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً .

الفقير إلى عفو الودود ناصر بن زيد بن داود

ليست هناك تعليقات | عدد القراء : 3468 | تأريخ النشر : الثلاثاء 4 رجب 1426هـ الموافق 9 أغسطس 2005م

طباعة المقال

إرسال المقالة
التعليقات متاحة للزوار التعليقات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي صاحب الموقع